ناقش المؤتمر الأول المنظم من قبل المدرسة العليا للأساتذة بمرتيل، بشراكة مع جامعة عبد المالك السعدي والمركز المغربي للدراسات والأبحاث في الاقتصاد والتنمية المستدامة، ثلاثة محاور أساسية، هي: “البعد السياسي للعلاقة بين البلدين”، و”التقارب الثقافي والتاريخي بينهما”، إضافة إلى “التعاون الاقتصادي”. كما عرف هذا الموعد حضور بوشتى المومني، رئيس جامعة عبد المالك السعدي، وعبد اللطيف مكرم، عميد كلية العلوم بتطوان، وشخصيات سياسية دبلوماسية مغربية وإسبانية.
وفي هذا السياق قال خوسي لويس رودريغيز ثاباتيرو، رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق، إن المغرب يشكل مركز اهتمام محوري في الدبلوماسية الإسبانية، وإذا كانت إسبانيا تولي أهمية لبلد ما فإن هذا البلد هو المغرب، مشيرا إلى ضرورة وجود رؤية محددة ومتقدمة ودقيقة وواعية للدفع بتقدم وتطور الحضارتين والعلاقة الثنائية بين البلدين.
وأكد ثاباتيرو، الذي كان يتحدث ضمن فعاليات مؤتمر دولي حول “العلاقات المغربية الإسبانية.. الحاضر والمستقبل”، بالمركب البيداغوجي محمد الرامي بالمدرسة العليا للأساتذة بمدينة مارتيل، أن “التاريخ والثقافة واللغات وكذا الأديان وجدت وخلقت من أجل الإسهام في بناء التقارب والتفاهم والسلام والتعايش والسلام، فلا يوجد دين أسمى من آخر أو ثقافة أفضل من ثقافة أخرى”.
وشدد رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق على أن “التاريخ يذكر الدول والأمم بما قدمته وتقدمه للعالم من ثقافة وحضارة وتطور”، موردا أن “القرن الـ21 شهد صراعات وحروبا بين الفينة والأخرى في مناطق مختلفة، تتسم بعضها بالتعقيد وصعوبة الحل والتسوية، ما أدى إلى بروز محاور وتكتلات”، داعيا إلى “ضرورة الرجوع إلى القيم والمبادئ الإنسانية التي اعتمدتها النخب السياسية العالمية، وسمحت بالتطور والتفاهم من أجل بناء عالم أكثر تناغما”.
وأوضح المتحدث ذاته أن “العلاقة المغربية الإسبانية اعتمدت هذه المبادئ والقيم الواضحة”، مراهنا على الحل السلمي للصراعات التي تطغى حاليا على العالم، وتبني قيم التعدد والوفاء والمواثيق الدولية في خدمة الصالح المشترك، وواصفا البلدين بالمحبين للسلام.
وأشار المصدر ذاته إلى “الدور البارز الذي تلعبه الجامعات في التعليم واكتساب طرق البحث العلمي وفن التعامل مع الوقت والتأني والحكمة؛ وهو الأمر الذي يستدعي دعمها والنهوض بها باعتبارها مؤسسات تحفظ التاريخ وتصونه، كما أنها استطاعت أن تستمر مع التاريخ وتمتد مع الزمن في الدول التاريخية، وتساهم في تخرج النخب والسفراء الذين يقربون وجهات النظر ويساهمون في تقوية أواصر العلاقات بين الشعبين”.
وطالب ثاباتيرو بضرورة “التركيز على الدور الذي تلعبه الجامعات واقتراح أفكار جديدة وبذل مجهودات أكثر لجعل تطوان قطبا مرجعيا يدعم التقارب بين الضفتين على المستوى الجامعي، وترجمة وأجرأة ما تم ذكره للارتقاء بالعلاقة بين البلدين الشقيقين”، مؤكدا أنه “لا يوجد أفضل من مدينة تطوان ‘الحمامة البيضاء’ لتلعب هذا الدور الهام والمحوري وتكون جسرا آمنا بين الضفتين”.
كما أكد رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق أن حصيلة العلاقات الإسبانية المغربية خلال الـ 20 سنة الأخيرة، التي تزامنت مع فترة تولي الملك محمد السادس عرش المملكة، “إيجابية على كافة الأصعدة ومختلف المجالات والقطاعات”، مشددا على أن “العلاقات بين المملكتين خلال هذه المدة كانت مثمرة وعظيمة، رغم ما شابها من فترات قصيرة اتسمت بالصعوبة والتعقيد؛ إلا أنه سرعان ما تحسنت هذه العلاقة وانفرجت”، وزاد مستدركا: “لكننا الآن نعيش جوا صحيا وإيجابيا”.
واستحضر السياسي ذاته فترة ترؤسه الحكومة الإسبانية ولقاءه الأول مع الملك محمد السادس، حيث تم وضع أسس ولبنات الثقة والوفاء، مؤكدا أنه طالما لمس حب واهتمام ملك المغرب وشعبه تجاه إسبانيا، “ومادام الأمر كذلك فلا بد أن تحب وتهتم إسبانيا بالمغرب”.
كما قال ثاباتيرو: “كنت دائما أتقرب بتواضع واحترام للمغرب، كما كنت استقبل بحفاوة وكرم، وأرى أنني أصبت في هذه السياسية”، داعيا إلى دعم الدبلوماسية المؤسساتية والإكثار من المحطات واللقاءات على غرار هذا المنتدى من أجل تفاهم أكثر وتقارب الرؤى ووجهات النظر، ومراكمة المراجع لتقوية أواصر العلاقة بين البلدين.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.