في عالم الإبداع مع الشعر السياسي بالمغرب

voltus18 يوليو 2022آخر تحديث :
في عالم الإبداع مع الشعر السياسي بالمغرب

 عبد الرحيم هريوى

القراءة النقدية للنص الشعري – المنثور “أنا إنسان من الدرجة الرابعة…إن شئتم…!؟!”
إضاءة عامة للنص، من حيث الأسلوب و اللفظ والمعنى والإيقاع الصوتي وغيره في إطار العمل الشعري للنص الشعري المنثور “الشاعر صلاح بوسريف”
“أنا إنسان من الدرجة الرابعة…إن شئتم…!!
إنه الشعر السياسي حينما يخوض في قضايا الشعوب المقهورة،والفئات المجتمعية المهمشة ،ومعاناتها عبر الحقب والتاريخ مع السلطة بكل أصنافها، ومكان تواجدها في الهرم المجتمعي الواحد،وهو تعبير وبوح شاعري صادق عن مشاعر مختزلة في الذاكرة الجماعية للكاتبة عن الآخر،ألا وهو الإنسان، وهو ٱبن الشعب المطحون ومن ساكنة الهوامش،وعادة ما يتألم الشاعر الذي يحمل في نصوصه قضايا مجتمعه عبر كلماته الشاعرية، وبصوت وإيقاع فنيين، وهو يعطينا صورة من الجمالية الفنية للقصيدة الثورية بمعنى من المعاني،ولنا في قصائد أحمد شوقي وأمين الريحاني وجبران ومي زيادة ومطران ومحمد الصباغ وأحمد مطر وصلاح بوسريف “لن أركع ” ونزار قباني ( أيا وطني .!؟!.) ومحمود درويش (لا شيئ يعجبني ..أريد أن أبكي..!!؟!) وغيرهم من رواد الكلمة المؤثرة في أعماق النفوس،فالشعراء يتواجدون حيثما يتواجد الوعي الشقي للمجتمع،لذلك هم يقولون كل شئ..وأي شئ..ولا يصومون ولا هم يستكينون طاعة وهروبا من واقع يعيشونه كما قال الشاعر صلاح بوسريف هم جزء من هذا الواقع الحزين المر..!؟!
الشاعرة تورية الغريب نتلمس بين ثنايا أبياتها صورا شعرية معبرة بصدق ، عن مكانة المواطن، والذي لم تسميه بل أعطته اسم” إنسان” ،بل لأنه لم يتمتع بحقوق المواطنة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فوق أرضه ..وذاك؛ هو عينه، الذي يتخندق في أسفل سلم الترتيب المجتمعي ،أي في الدرجة الرابعة، وبفنية وجمالية في البوح العميق والصادق، استطاعت أن تجعل من التشبيه والاستعارة والمجاز اللفظي واللغوي بحرها الهائج كي تسبح في الأعماق والظلمات..ولكي تلبس كلماتها صفات القوة الخارقة والدهشة والسؤال والقلق لدى القارئ والقارئة،على حد قولة بودلير: (الشاعر المتميز هو الذي يخلق الدهشة لدى القارئ..!) ،لذلك جاء تناسقا شعريا بين المعنى واللفظ، كي يعطي للنص روحا وحياة بلمسة فنية وإبداعية، تجذب لها المستمع والقارئ معا.وكما قال ابن رشيق القيرواني فكيف تعبر للمعنى دون المرور من اللفظ.
الصحيح؛ ومن خلال تواجدنا عبر المواقع الاجتماعية، نتابع بأن هناك كثير من النصوص الرقمية الآن تتشر وبكثرة، وفي كل وقت وحين،لكن القليل منها بل الناذر جدا، ما يجعل القارئ المتميز يعطيها مكانتها في إطار التناص، أي حينما تبحث لها عن مكانة بين النصوص الأخرى المنشورة ،في إطار ما يسمى اليوم بالتفاعل النصي، على حد قولة الناقد المغربي سعيد يقطين.
وهذا النص الذي بين أيدينا الآن: “أنا إنسان من الدرجة الرابعة…إن شئتم…!؟!” للشاعرة تورية لغريب أي بحمولته الأدبية والثقافية والسياسية بالأساس، هو لسان حال الفئات المطحونة من المجتمع،والتي تعيش خارج تاريخ السياق المجتمعي والثقافي للأرض وللوطن،والشاعرة تورية الغريب حاولت بتجربة وحنكة في ممارستها للكتابة النصية، بأن توظف لغة الشعر بالخصوص،وبأن تبلغ أكثر من رسالة سياسية عبر نصها هذا .
– هي إذن ما موقعها في النص ..!؟!
– هي المواطنة التي تهادن الأوضاع..!
– وهي كذلك المواطنة الجاحدة..!
-وهي أيضا؛ الإنسانة المتشردة والتي تزاحم القطط الضالة. وهذه صورة للنخالة الذين تكاثروا في هذا الزمان، زمن الحاجة والفقر، و الذي ضرب المجتمعات الفتية والفقيرة بعد كورونا في مقتل، وارتفاع الأسعار واشتعال لهيبها ،وهي تلمحهم وهم يبحثون في حاويات الأزبال، لعل أيديهم تصادف شئ يبقيهم على قيد الحياة..!!
-وهي أيضا؛ الإنسانة المتشردة والتي تزاحم القطط الضالة. وهذه صورة للنخالة الذين تكاثروا في هذا الزمان، زمن الحاجة والفقر، و الذي ضرب المجتمعات الفتية والفقيرة بعد كورونا في مقتل، وارتفاع الأسعار واشتعال لهيبها ،وهي تلمحهم وهم يبحثون في حاويات الأزبال، لعل أيديهم تصادف شئ يبقيهم على قيد الحياة..!!
– وهي الجاحدة ..!!
– وهي السجينة..!!
وهي في نهاية المطاف اليائسة التي تعيش فوق هذه أرض، بلا أحلام وردية تذكر..!!
ولا أمل في الغد السعيد،لذلك رمت عبر شعرها بأحلامها في قعر بئر عميق،ولها رغبة أكيدة في نهاية نصها في المغادرة والرحيل، عبر حصولها على جواز سفرها، لعلها تجد لها حياة أفضل توفرها لها أرض أخرى فوق المعمورة، غير هذه الأرض السعيدة..!
وفي مجمل القول نرى أنه، ومن خلال كل ما أثير في هذا النص النثري القصير والمتميز والغزير في معانيه واستعاراته، يقربنا من نخبة شعرائنا العرب المعاصرين الذين جعلوا القصيدة السياسية بلغتها الشعرية تنبش في المسكوت عنه، وتخاطب بذكاء شاعري السياسة التي لا تقوم بدورها لتحدي الأوضاع المزرية للمواطن البسيط،المقهور فوق أرضه ..!
02// النص المقروء بين ثنايا السطور :
أنا إنسان من الدرجة الرابعة
إن شئتم..!
الشاعرة ثورية لغريب
الدار البيضاء – المغرب
خُطّوا اسمي أسفل أحذيتكم
واكتبوا على باب زنزانتي
هنا مواطن جاحد
أثقل كاهلنا
بأنفاس الأوكسيجين
ولسعات شمس الفصول
كلما كسره الجوع
نافس قطط الشارع الضالة
واحتسى بقايا نبيذ الأسياد
أنا مواطن مهادن للأوضاع
وهاته الأرض لعنتي
أحملها منصاعا كما الرعاع
سقطت أحلامي في بئر سحيق
لم تنجُ منها إلا…
رغبة أخيرة في الرحيل
أو جواز سفر أجوب به الأصقاع

الاخبار العاجلة