بقلم الكاتب الفوسفاطي
وأنا قد خرجت بسيارتي لشغل عاجل أقضيه، أبصرت بقلبي شوارع مدينتي الفوسفاطية خريبكة، وهي تنفض عنها غبار يهاجمها والصهد.أما أشجارنا لاتقدر على الوقوف، شاخت مصفرة تبكي حظها الجغرافي والسياسي ،مدينة عارية وتعرت في مهب رياح وعجاج و غبار ..!؟!!!!!!
– على الأقل يشغلنا الانغمار في مشكلات الاسمنت والأجور والتصاميم الآن وفي الغد وعلى طول الزمان، فلا داعي للتشجير وخلق محيط غابوي ،وغرس آلاف من الشجيرات بتكلفة مالية بخسة ،إذ تقينا هجوم لعجاج والغبار والأتربة في صهد الصيف بمدينة الفوسفاط خريبكة..
اشتد الحر بمدينتي الفوسفاطية بخريبكة، هذه الأيام ،وارتفعت درجة الحرارة فوق الأربعين 40 ،وأمسى صيفنا ليله كنهاره،والعجاج بعد العصر يحمل كل الغبار والأتربة لمنازلنا ، والتي تحتاج منا لمزيد من التسياق والتجفاف ،وللمزيد من ٱستهلاك الثروة الطبيعية أي ؛إنه يا مسؤول ويا منتخب “الماء عصب الحياة” كما كنا نلقن ذلك لمتعلمينا.. والتي أمست نادرة عندنا،بسبب مواسم الجفاف المتلاحقة ،إذ صرنا نتواجد في الخطوط الحمراء من مخزوننا الحيوي،مما يحتم على مجالسنا البلدية ترشيد ٱستعمال الماء،وخاصة ملء المسابح المعلومة منها، ولربما والله أعلم المجهولة ،ما دمنا نحن في خطر ،وبدون ماء وقلته ،سنعيش العذاب الدنيوي في ظل النشرات الإنذارية خاصة للمدن التي وضعتها الجغرافية فوق الهضاب والجبال والمرتفعات،وأمسى 05ليترات من الماء في بلدنا العزيز ب13 درهما أي بعملية حسابية لتر واحد ب 2 درهمين و ..!؟؟
– وقلت لها مخاطبا بلسان حال من لا لسان له :
– يا مدينتي الغالية والثرية خريبكة بالعلالي وعلى عينيك أبن عدي، قد عروك حينما وأدوا غابتك وحديقتك اللتان كانتا تحميانك من العجاج .. وعروك من كل محيطك الغابوي الأخضر وغيبوا في أزقتك وشوارعك غرس الأشجار من زمان ..
-أجابتني باكية متنهدة وهي تندب حظها التعيس بين عتمات ظلم وظلام، لا ولن ينتهي
يا ٱبني البار :
– وتابعت وهي تجهش بالبكان عن حالها بعدما تعرت من لباسها الأخضر القديم ..
– أنت أدرى مني في الذي ٱسميتموه بلغة الصحافة والإعلام” غول العقار..!!” هو ذاك لما يهجم على تراب مدينة ما ،فهو لا يرى خلفه ولا أمامه إلا الياجور والسيما والمتر كاري m2..
– يا ٱبني البار.،يا عزيزي :
– هل تعلم بأن الذي ٱسمه السيد الإسمنت المحترم ذاك محرم عليه في ملته وعقيدته بأن لا يتزوج بالنباتات والأعشاب والأزهار والأشجار، واللون الأخضر أينما كان ،وأينما وجد ،لأن ذلك سيساهم في نقص أمتاره من الحمري ،وخاصة تلك الأراضي المنسية في جنبات الشوارع والأحياء والهوامش..
– قلت لها :
فوق هذه الأرض الفوسفاطية ما يستحق الحياة يا عزيزتي الغالية،ويا مدينة المنجم و القطار والعمال..
– قالت لي :
استيقظ لقد ٱنتهى الزمان، والتاريخ يتغير حبر مداده ،والمؤرخون يغيرون مدادهم من فترة لأخرى كما تعلم وأحيلك على مشهد سردي من رواية لعبة النسيان لمحمد برادة حين يقول:
لا يهم شئ طبيعي أن يتهافتوا على القروض لبناء بيت يأوون إليه بعد أن فتحوا أعينهم فوجدوا أنهم وعائلاتهم واقفون على((الكص))ثم إنه -يضيفون-“وما كاين ما يدار”على الأقل يشغلنا الانغمار في مشكلات الاسمنت والأجور والتصاميم عن همومنا،ويقنعنا بأننا نستطيع بعد أن نبني شيئا ملموسا..
ابن وعمر،ومن لا بيت له ،لا وطن له..
أي نعم.ومن له بيت بدون وطن،يكون منفيا أو شريدا،فلنتشبت بالأحجار ،ولنحتم وراء الإسمنت ثم نتعلم كيف نصالح المجتمع والدولة قبل أن نصالح أنفسنا .
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.