عطيف محمد باحث .
في العلاقات الدولية
كما نعلم أن خلال شهر مارس الماضي أعلن المغرب على “تعليق كل اتصال أو تعاون مع السفارة الألمانية في الرباط ومع كل المؤسسات الألمانية التابعة لها ، ذلك تلته خطوة دبلوماسية أكثر تصعيدا التي تتمثل في استدعاء الرباط لسفيرتها في برلين من أجل التشاور.
مما دفع وزارة الشؤون الخارجية المغربية إلى إصدار بيان توضح فيه أسباب هذا القرار هو اتخاذ ألمانيا “موقفا سلبيا بشأن قضية الصحراء المغربية، إذ جاء هذا الموقف العدائي في أعقاب الإعلان الرئاسي الأمريكي، الذي اعترف بسيادة المغرب على صحرائه.
وفي هذا الصدد سنبرز أهم الأسباب التي جعلت ألمانيا في رغبة إعادة المياه الدبلوماسية إلى مجاريها مع المغرب.
أولا: التقارب ال??غربي الإسرائيلي .
من منظور العلاقات الدولية أن منطق التفاعل وربط العلاقات بين الدول يأتي في إطار البحث عن المصالح والقوة التي تتيح مكانة لهذه الدول المتفاعلة في الساحة الدولية ، والمغرب من ضمن هذه الدول التي أصبحت لها مكانة في النظام الدولي من خلال الدور الهام الذي يلعبه في المجال الأمني والاقتصادي، إذ أن العلاقات المغربية الإسرائيلية عرفت قفزة نوعية في المجال الأمني والعسكري والاستخباراتي خلال الآونة الأخيرة ،هذا ما أدى إلى إزعاج خصوم المغرب ولاسيما ألمانيا التي كانت ترى المغرب ذلك الشريك الذي يمكن استغلاله من خلال نظرية معضلة السجينين(ألمانيا والجزائر=تريدان تحقيق مصالحهما على ظهر المغرب ) لتحقيق مصالحها الاستراتيجية من خلال قضية الصحراء المغربية والانحياز إلى أعداء الوحدة الترابية ،ولكن المدرسة الدبلوماسية المغربية استعملت ما يسمى في العلاقات الدولية بالمقاربة الهجومية للدفاع عن المصالح العليا للبلاد في مقدمتها الوحدة الترابية وتجلى هذا في قطع قنوات التواصل بين المملكة المغربية وألمانيا خاصة مع السفارة الألمانية والمؤسسات الألمانية الموجودة بالمغرب وهذا يدخل في إطار الاحتجاج الدبلوماسي المغربي على الموقف الألماني السلبي الذي يمس بالوحدة الترابية للمغرب.
ثانيا : الشراكة الاستراتيجية بين المغرب وبريطانيا.
كما نعلم أن المغرب يعتبر شريكا استراتيجيا للاتحاد الأوروبي في مختلف المجالات ،فألمانيا يمكن القول أنها هي التي تقود هذا الاتحاد ضمنيا ،يعني أن التقارب الأخير بين المملكة المتحدة والمملكة المغربية أي ما بعد “البريكسيت” أزعج ألمانيا ولم تظن أن المغرب له شركاء استراتيجيين خارج هذا الاتحاد التي تجمع معها علاقات اقتصادية متطورة.
كما أن للمغرب حلفاء أقوياء داخل مجلس الأمن الدولي والساحة الدولية ،ويتمظهر هذا من خلال الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء وقرب الاعتراف البريطاني أيضا ، وربما قد تسلك الدول نفس الطريق الذي وضعته أمريكا حول الصحراء المغربية ، مما سيجعل ألمانيا من ضمن الدول المستبعدة من الدبلوماسية المغربية التي تتميز في يومنا هذا بالريادة والمكانة الهامة تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس .
ثالثا: لماذا ألمانيا قامت بإعادة النظر في موقفها تجاه المغرب ؟
في الحقيقة أن ألمانيا بدأت تستوعب بمكانة المغرب وقوته الإقليمية في القارة الإفريقية بعد إعلانها بالبيان الصادر من وزارة الخارجية الألمانية التي توضح فيه بأن المغرب الشريك الأساسي الذي يجب ربط معه علاقات في المجال الاقتصادي والأمني ، وتشير فيه أيضا أن الحكم الذاتي هو المقترح الجاد والصائب لإنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية ،الأمر الذي جعل ألمانيا تعترف بواقعية الدبلوماسية المغربية وتعيد النظر في موقفها السلبي صوب المغرب.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.