بقلم محمود التكني استاذ التعليم العالي بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس و باحث بقضايا الصحراء المغربية
قال الله تعالى
(ويمكرون ويمكر الله و الله خير الماكرين )
فما تعيشه الجزائر اليوم من احتقان شعبي مزمن ما هو إلا نتاج ما دأبت على فعله خلال أكثر من نصف قرن من الزمان بحيث طالما طالبت بتقرير المصير بالنسبة لقضية الصحراء المغربية، إلا ان هذا المطلب القانوني و الحقوقي الذي لا غبار عليه ولا اختلاف حوله شرطه الرئيسي ينتفي في ملف الصحراء المغربية لكون سكان الصحراء بدوا رحلا ظلوا يعيشون على التناحر و الاقتتال في إطار ما يسمى في الثقافة الحسانية ب “الغزي” كلما تعلق الأمر بالتحرك داخل الصحراء الشاسعة بحثا عن الماء و الكلأ للماشية و هذا ما كان يضع السكان أمام تعارض و اصطدام المصالح ، بهذا ليست الأطروحة الانفصالية محل إجماع من طرف كل القبائل الصحراوية. إلا اننا نرى امتناع الحكومة الجزائرية عن تطبيق هذا القانون رغم وجود كل شروطه و خصوصا الاتفاق على القيادة في قضية جمهورية القبائل الشقيقة التي ظل شعبها يعاني في صمت مطبق من بطش المخابرات العسكرية محروما من التعبير عن رأيه و من كل أوجه التنمية ، و من هنا يتضح جليا ازدواجية المواقف ، فالجزائر تحرم تقرير المصير في القبايل و تطالب بتطبيقه في الصحراء المغربية .ان الأوضاع الحالية التي تمر منها الجزائر و التي تتسم بعدم الاستقرار السياسي و الشعبي ليس وليد الصدفة بل هو نتيجة لسياسة حكام قصر المرادية وهي سياسة ارتكزت على العداء المجاني للمغرب منذ حصولها على الاستقلال سنة 1962، و ذلك لمراهنتها على مشروع وهمي فاشل بدعمها ما يسمى بالبوليساريو بالمال و العتاد على مدى اربعة عقود و نصف مهدرة ملايين الدولارات من اموال شعبها بما فوت عليه فرص التنمية و الرخاء حيث تعرف الأجور الجزائرية زهدا قاتلا . و هنا نفهم موقف الشباب الجزائري في عزوفه عن العمل في وقت سابق حتى أصبحوا يلقبون بالحائطيين نسبة لطول اتكائهم على الحيطان داخل أحيائهم في انتظار المجهول . اما الآن فليس هناك فرص للشغل اصلا حتى بابخس الأجور . لقد اتخذ الحراك الشعبي بالجزائر منحى آخر حين تم التصادم بين جهازين من أجهزة الدولة و هما الجيش و الوقاية المدنية ، و رغم تعدد الاسباب إلا ان هذا الحدث سيحدث شروخا و جروحا لن تندمل على المدى القريب لأن هذا الصدام يدل على وهن الدولة في حل مشاكلها المؤسساتية و هذا ينم عن وجود اختلالات جمة في دواليب الحكم .
و بالعودة إلى توجه محمد بن بطوش الى اسبانيا و قبله السيد تبون الى المانيا فهذا إن دل على شيء فإنما يدل على ضعف المنظومة الصحية بالجزائر و قد يفهم توجه تبون الى المانيا على اعتباره رئيس دولة ، ولكن ألا يثق ابراهيم غالي هو الآخر في المنظومة الصحية الجزائرية فهذا خطير جدا يجعلنا نفهم ان اتجاه رئيس الجمهورية الوهمية الى اسبانيا لم يكن انسانيا بل سياسيا محضا ، الا ان مملكتنا الشريفة الضاربة في القدم بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله لا و لن تنطلي عليها دسائس الجزائر ، و خير دليل على ذلك هو اكتشاف هذه المؤامرة بين الجزائر و اسبانيا حيث وضعت هذه الاخيرة في موقف لا تحسد عليه و تم استدعاء سفيرها بالرباط للاستفسار حول استقبال بلاده لإبراهيم غالي بهوية مزورة و هو ما زاد الطين بلة بخصوص العلاقات المغربية الإسبانية مما حدا بالمغرب إلى طلب تأجيل جميع الاجتماعات القطاعية للتحضير للقمة المرتقبة بأعلى مستوى بين البلدين .
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.