لقد تعلمت باکراً أن الحق لایُعطي لمن یسکت عنة وأن علی المرء ۔أن یحدث الضجیج حتي یحصل علی ما یرید ۔۔ وأن حياة الأمم أيام خالدة وأحداث خالدة ۔۔ ففی الشهور الأخيرة من عام 1956م ۔ تشهد أحداثا تفوق في سرعتها وتأثيرها أحداث قرون مضت وقرون تاليه . بدءؑا من جلاء بريطانيا عن مصر … مرورؑا بتأميم قناة السويس في 26 يوليو 1956 ثم حدوث العدوان الثلاثي على مصر في الفترة من “29 أكتوبر 1956 “وحتى” 6 نوفمبر 1956م ” وإنتهاء العدوان علی مصر في 23 من ديسمبر 1956م . وإنتصار إرادة مصر شعبًا وجيشًا وقيادة على قوى العدوان ۔ فی 18 / من يونيو 1956م ۔ فی مشهد تاریخي يشهد خروج آخر جندي بريطاني من أرض مصر بعد 74 عاماؒ من الاحتلال تتنسم عبير الحرية لأول مرة منذ عدة قرون، لأول مرة يحكم مصر رجل مصري من أبوين وجدود مصريين لأول مرة يكون قرار مصر بأيدي أبنائها.
وفي24/ من يونيو 1956م “جمال عبد الناصر” الحاكم الفعلي لمصر ، بعد تنحية ” محمد نجيب” من منصبه كأول رئيس لمصر ۔
في 29 من أكتوبر 1956م حيث قام الجيش الإسرائيلي بشن هجوم على حدود سيناء الجنوبية كما توغلت قوات إسرائيلية في صحراء سيناء ورأس النقب وكانت خطة إسرائيل تهدف إلى التقدم رأسا إلى الإسماعيلية ومدن القناة ، بدأت الخطة المصرية بهجوم جوى على قوات إسرائيل المتقدمة حيث فشل الهجوم الإسرائيلي ثلاث مرات ودفعت مصر بقوات هائلة لعبور القناة أغارت الطائرات البريطانية والفرنسية على المدن المصرية ” القاهرة والإسكندرية ومدن القناة ” وركزت الضربات على الأهداف المدنية والعسكرية ، فأصيبت المستشفيات والمدارس ودور العبادة. وفى هذا اليوم قطعت مصر علاقتها مع إنجلترا وفرنسا ، وأعلن الرئيس / جمال عبد الناصر التعبئة العامة وعين نفسه حاكما عسكريا عاما على البلاد .
وذهب الی الجامع الآزهر وصعد علی المنبر یلقی خطابه الشهیر ۔رحم الله المناضل “فتحی رضوان” وقد حضرت ندوة وکان المرحوم فتحی رضوان یحکی عن هذه الاحداث وکان شاهد عیان وقریب من الحُکم ۔ الإنذار البريطاني – الفرنسي لمصر 30 أكتوبر 1956 ۔
فی مساء الیوم التالی ۔۔ من الإنذار
توجه السكرتير الدائم في الخارجية البريطانية وفي صحبته السفیر الفرنسى فی لندن ۔۔ إلى السفارة المصرية في لندن وسلما إلى السفير المصري إنذارا موجها من كل من (فرنسا وبريطانيا ) توجهه إلى كل من “مصر وإسرائيل” وأعطت الدولتان مصر واسرائيل مهلة” 12″ ساعة لقبوله وجاء في انذارهما:
أولاً : أن الحرب القائمة بين مصر وإسرائيل من شأنها أن تعطل حرية الملاحة في قناةالسويس ولذلك وحتى تقف الحرب فوراً ولكي تستمر حرية الملاحة طلبت الحكومتين البريطانية والفرنسية۔۔
ما يلي: – إيقاف العمليات الحربية في الأرض والبحر والجو. – أن تتراجع كل من القوتين المتحاربتين وتنسحب القوات العسكرية الى مسافة عشرة أميال من قناة السويس ۔
تقبل مصر احتلال القوات البريطانية والفرنسية للمواقع الرئيسية في بورسعيد والأسماعيلية والسويس. ترد وتجيب الدولتان على هذه المطالب في مدى أقصاه 12 ساعة في موعد أقصاه الساعة السادسة والنصف من صباح الثلاثاء 31 أكتوبر ،
على أنه اذا انقضى هذا الأجل ولم تنفذ أحد الدولتين أو كلتاهما هذه المطالب فإن القوات المسلحة لكل من بريطانيا وفرنسا ستتدخلان بالقدر وبأى قوة يرونها ضرورية لضمان الأمتثال لهذا التبليغ ولضمان اجابة طلبهما.
مصر ترفض الانصياع رفضت مصر الانصياع للإنذار الفرنسى الإنجليزى، وإثر هذا هاجمت القوات الإنجليزية الفرنسية منطقة القناة ولكنها عجزت عن التقدم نحوالإسماعيلية بسبب شدة المقاومة المصرية.وعملت بريطانيا وفرنسا على تطويق الجيش المصرى فى سيناء لكن القيادة المصریة ۔ إنسحبت وأخلت سيناء فتقدم الجيش الإسرائيلى واحتلها. اشتدت مقاومة الجيش المصري للهجوم الفرنسي والبريطاني على مدينة بورسعيد ۔ فقررت قيادات العدوان تكثيف هجماتها الجوية على المدينة .
فی یوم 2 من نوفمبر 1956م
أصدرت الأمم المتحدة قرارها بوقف إطلاق النار فوافقت عليه مصر ولم توافق عليه فرنسا وإنجلترا إلا يوم 6 نوفمبر وقامت السلطات المصرية بتوزيع الأسلحة على أبناء بورسعيد وأفراد المقاومة الشعبية ۔ وكثفت الطائرات البريطانية غاراتها على المدن المصرية وضربت الأهداف المدنية في کل من ۔۔ أبى زعبل وعين شمس وأبو حماد ، وفي هذا اليوم ألقى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر خطابه التاريخي بالجامع الأزهر حيث کان له صدی فی المقاومه . وفی یوم 3 من نوفمبر ۔ صدرت أوامر من القیادة المصریة بإغراق خمس سفن عند مدخل القناة لإغلاقها منعا لتكرار احتلال مصر عن طريق القناة كما حاولت بعض القطع البحرية إنزال قوات كوماندوز بحرية بالسويس … كما أغارت الطائرات البريطانية والفرنسية على كوبري الفردان الواقع على القناة فدمرته … كذلك أغارت على بورفؤاد وأحدثت خسائر فادحة في مبانيها. وکانت بریطانیا وفرنسا وإسراٸیل ترید محاصرة وعمل کماشة علی الجیش المصری فی سیناء لولا قرار إنسحاب القوات المصریة من سیناء ۔۔
وقف العدوان : تدخلت الأمم المتحدة ونددت بالعدوان الثلاثي علي مصر وطالبت المعتدين بالانسحاب وضغطت الولايات المتحدة على كل من إنجلترا وفرنسا،كما هدد الاتحاد السوفيتي الدول المعتدية بضربة نووية – كما أشيع. فشل الاعتداء واضطرت الدول المعتدية لقبول وقف إطلاق النار ۔۔ فی 7/من نوفمبر 1956. استمر إحتلال إنجلترا وفرنسا لمدينة بورسعيد مدة 46 يوما ثم سحبت قواتها بعد أن وافقت مصر على قرار الأمم المتحدة بوجود قوة طوارئ دولية على الحدود الفاصلة بين مصروإسرائيل، وفي منطقة شرم الشيخ المطلة على خليج السويس . لقد کشفت الأحداث فی ما یعرف ۔ملفات حرب السویس أن العدوان الثلاثي علی مصر کان
العدوان عام 1956 لضرب وإسقاط نظام عبد الناصر الوطني المعادي للاستعمار، والذي كسر احتكار السلاح ، بعقده صفقات سلاح مع المعسكر الاشتراكي ، وكسر الحواجز التي كانت مفروضة على الاتحاد السوفييتي وقتها، وأمم قناة السويس ، التي كانت خاضعة للبريطانيين، ودعم الثورة الجزائرية ضد فرنسا، وطرح مشاريع تطوير مصر بإقامة السد العالي لتوفير الطاقة الكهربائية الضرورية ومنع الفیضانات وتجنب مواسم الشح الماٸي ب “مشروع نهضوي” ۔، وحرك وساهم في بعث الشعور القومي العربي ، لأول مرة فی العالم العربي ۔ لیثبت للعالم ان مشروع اسراٸیل التوسعي بدآ مع
المؤامرة فی العدوان الثلاثي علی مصر ۔۔
رغم عدم إنتصار مصر عسكريا في معركة السويس إلا أنها حققت مجموعة من الإنتصارات السياسية والإقتصادية الكبرى ومن أهمها
1- تأكيد حق مصر الأصيل في ملكية شركة قناةالسويس ودفعها تعويضات لحامللي أسهم شركة قناة السويس العالمية.
2- ضمان تمويل السد العالي وحصول مصر وحدها على إيرادات القناة.
3- خروج الرئيس “جمال عبد الناصر” من هذه المعركة أقوى مما كان وتحقيقه مكانة عالية ليس فقط داخل مصر ، بل بين قادة المنطقة العربية والعالم الثالث بأكمله.
محمد سعد عبد اللطیف
کاتب وباحث فی الجغرافیا السیاسیة ورٸیس القسم السیاسي نیوز العربیة
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.