يا أيها السكارى.. .يا أيها النائمون الآن فوق الأرض!!

يا أيها السكارى..
يا أيها النائمون الآن فوق الأرض
فقوا من سباتكم الطويل..
إن زمن النوم والسبات قد ولى ..
يا أيها الموتى تحت الأرض
إن هؤلاء النائمون من الأحياء قد ماتوا …
ماتوا موتتين.. ماتوا مرتين .. ماتوا وهم أحياء.. ويا ليتهم ماتوا حقيقة !
إنهم أخشاب مسندة… إنهم أعجاز نخل فارغة..خاوية
إنهم أجسام بلا عقول..
قل لي إنهم أجسام البغال..
قل لي إن عقولهم أمست عقول عصافير صغيرة
بل هم أكبر من هذا وذاك.
فحتى حياتهم أمست ليست لهم..
تائهون..غائبون..مذهولون..مسلوبوا الإرادة…
حتى أجسامهم تكنزت لحما وشحما
إنهم لا يقدرون على الحركة.
و لا تقدر حتى النعوش الآن على حملهم.
فأجسادهم سمنت شحما
فلا تستطيع قبورهم هي الأخرى ضمهم
وعقولهم تحجرت و تعطلت و فسدت
وقلوبهم ماتت و صدؤت كصدء الحديد
وأبصارهم عميت فلا ترى الآن أي شيء
لا ضوء شمس … ولا ضوء قمر
إنهم هناك و هناك… في كل مكان.
في كهوفهم المظلمة
لا يرون سوى الأشباح والخيالات
أبصارهم .. عقولهم .. أفئدتهم..
كل شئ فيهم انتهت صلاحيته
المرجو منكم احترام صلاحية انتهاء زمنهم
في يوم كذا.. بتاريخ كذا..
أواتركوهم هكذا
لا تحددوا لهم تاريخا أرجوكم
فهم الآن لا يستطيعون حتى الكلام مع أهلهم … مع من يحبون
لأن ألسنتهم خرست.. وأدمغتهم تجمدت ..
وأحاسيسهم ماتت
آه … ثم آه… من يكون هؤلاء ؟؟
إنهم بشر ليسوا عادين
ولا صلة لهم بأرضهم .. بمجتمعهم .. بحياتهم
إذن جاؤوا من أين ؟
هل نزلوا من قمم الجبال؟
هل من الأدغال الموحشة قدموا؟
فأي بشر هم! ومن أي جنس بشري ينتمون؟
غرباء عن بلدهم.. غرباء عن سكان الأرض جميعهم
لهم عقول جامدة كالجلمود الذي حطه السيل من الأعلي
إنهم ماتوا منذ زمان قديم
وننتظر قدوم نعوشهم…
فرفضت حملهم حتى يموتوا
موتتهم الطبيعية
حتى ينتهي زمنهم… أجلهم … عمرهم
لهذا سننتظر ولو لحين حتى يلقوا نحبهم
أو تعود لهم الحياة كاملة من جديد
ويفكرون من جديد
كما كان علماؤهم… فلا سفتهم … أدباؤهم
ليعودوا كما كان جذرهم وأصلهم
فهم ليسوا متوحشين
وليسوا رجعين وليسوا متزمتين
إنهم كانوا بالأمس القريب متنورين…
حضارين..حداثيين..متفتحين
كان منهم الفلاسفة والمفكرين وعلماء التاريخ …
فأين هم الآن من حلم روادهم بمغربهم … السعيد … الجديد
مغرب الموحديين والمرابطين و…
أجدادكم كانوا للتاريخ، فكان لهم
فأرخ لهم أنوال ووادي المخازن وتاريخ أيت بعمران
لهذا أقول لكم الآن وبعد غد
أيها الناس النائمون.. المرهقون.. المتعبون بهذا الوطن الكبير
لقد فقدتم بوصلة التاريخ
وغيبتم العقل في سياستكم
أين هم فلاسفتكم؟ …
أين هم جهابذة فكركم؟
أين أنتم من نقد العقل العربي ؟
ومن عقل عابد الجابري؟؟
وأين هي دخائرالحبابي وجسوس والباهي والمهدي المنجرة وأمليل والمختار السوسي؟؟
أين هويتكم الفكرية؟…
والثقافية والفكرية.
أين أنتم من هؤلاء وعلمهم و مستقبلياتهم؟
للحضارة .. للإنسان .. للحداثة .. للتاريخ
لقد نمتم نومة عميقة في جحورهم..
في بيوتكم المزكرشة..
في صناديق سكنكم الاقتصادي
وحملتم هم الدنيا …
وتهتم وسط الأدغال الموحشة
وفقدتم طريقكم نحو الديمقراطية.. نحو الحرية.. نحو العدل والمساواة
بخستم سياستكم..
خربتم دنياكم بأيديكم..
والآن أنتم جالسون تتفرجون على مشهدكم الدرماتيكي…
مشهدكم السريالي…
أين حلاوة مشهد سياستكم يا يسار..
يا إتحاد.. يا إخوان المهدي وعبد الرحيم و شهداء رأيكم
و يا مناضلوا ويا مناضلات الحرية والديمقراطية
تناسيتم شعاراتكم المدوية
وأناشيدكم التي كانت توحدكم
كنتم ترعبون بها من بعيد كل عدو وصديق
والآن وا آسفاه تركتم الأشباح والخيالات وصغار البشر
ينقلون تاريخكم
يسرقون أدواتكم
ويتعلمون مشيتكم وأزيركم
وهجنوا عقول شبابكم.. وشاباتكم..
أفقروا عقول أبنائكم…
غيبوا العقل والنقد والمنطق في العلوم كلها
قتلوا الفكر النقدي فيكم وفي خلفكم…
هجنوا.. شككوا.. مسخوا..
حجروا عقول الإنسان في بلدكم هذا
غيبوا الحكمة والفلسفة والمنطق والتاريخ
طردوا الماركسية والهيكيلية الألمانية
والديكارتية الفرنسية
والتجربة التاريخانية والمقدمة الخلدونية
حكموكم باسم الشارع والربيع العربي اليانع
غيبوا العقل فيكم… ودغدغوا عواطفم… مشاعركم
بكى جان لوك وسبينوزا وروسوا لحال شعبكم
هل كان لعابد الجابري وجود فينا ؟؟
انهض يا إنسان… انهض يا مغربي يا أصيل لن يستولوا على حاضرك ومستقبلك باسم الملة والدين
الدين ديننا والعقل حجتنا ودليلنا…
ولن تخدروننا ولن نصبح لكم موريدين…
أيها الشيخ صاحب السبحة الذهبية
نحن نحملها في مساجدنا
في بيوتنا..
لنذكر بها ربنا..
ولا نتباهى بحملها ولا نلعب بها أمام خلقه..

كتابة بقلم عبد الرحيم هريوى