المغرب… حين يتكلّم القلب بلغة العقل

abdelaaziz6ساعتين agoLast Update :
المغرب… حين يتكلّم القلب بلغة العقل

بقلم:محمد اكن 

 

في هذا الزمن المثقل بالجراح، زمنٍ أُغرقت فيه الحقيقة تحت أمواج التضليل، وضاعت فيه فلسطين بين الشعارات البراقة والمصالح الضيقة… ينهض صوت المغرب هادئًا، ثابتًا، ينساب كجدول ماءٍ صافٍ وسط صحراء عطشى: لا سلام بلا صدق، ولا حياة بلا عدل، ولا دولة تقوم على دموع الأطفال وركام البيوت.

منذ عقود ونحن نرى القضية تُستغل، تُباع وتُشترى في أسواق السياسة، تُرفع كشعار للتجييش بينما الشعوب وحدها تدفع الثمن. حماس وغيرها من الفصائل حولوا غزة من أرض مقاومة إلى رهينة نزاعاتهم، ومن دماء الشهداء إلى عملةٍ للمساومة. والنتيجة شعب أعزل يئنّ، وأطفال ينامون على لحن الخوف بدل أغاني الطفولة.

المغرب لم يتأخر يومًا عن قول الحقيقة. قالها بوضوح: السلاح لا يصنع دولة، ولا يفتح باب سلام، بل يترك وراءه مقابر جماعية وذاكرة جراح لا تندمل. الوحدة الفلسطينية تحت سلطة شرعية واحدة، بقيادة الرئيس محمود عباس، هي الطريق، والتعايش مع الآخر هو الجسر. وما أكده مؤتمر حلّ الدولتين لم يكن سوى صدى لما ظل المغرب يردّده بصوتٍ عاقل: فلسطين تستحق دولة تعيش لا أن تموت، وإسرائيل تستحق أمنًا يضمن لأبنائها أن يكبروا بلا خوف.

لكن المأساة أعمق من غزة وحدها. لقد كشفت الحرب أقنعة كثيرة: دول ترفع شعار القضية فيما عيونها معلّقة على مقاعد النفوذ، تنظيمات بايعت الطائفية لا الوطن، يسار راديكالي يبيع أوهامًا ويتحالف مع أعداء الشعوب، وإعلام حوّل المأساة إلى مسرحية تبثّ على الهواء مباشرة.

وحده المغرب، رغم جراحه وتحدياته، أبى أن يساوم على صدقه. جعل من وحدته الترابية منارةً، ومن السلام خيارًا، ومن العلاقة مع اليهود المغاربة جسراً من المحبة لا ينقطع. أولئك الذين حملوا معهم من المغرب رائحة الزعتر وحنين الديار، ظلوا أوفياء لبلدهم الأم، ودافعوا عنه في كل محفل، وأثبتوا أن الانتماء لا تُلغيْه المسافات، ولا تضعفه العقود. إنهم البرهان أن القلوب حين تصدق تُقيم جسورًا لا تهدمها السياسة ولا الحروب.

سلامنا ليس ضعفًا، بل شجاعة. شجاعة أن نقول “كفى” في وجه تجار الدم. شجاعة أن نمدّ أيدينا للآخر بدلاً من أن نغرق في بحر الكراهية. شجاعة أن نؤمن بأن أطفال غزة وأطفال تل أبيب يستحقون معًا أن يناموا تحت سماء آمنة واحدة، لا تحت صواريخ تُرسلها أيادٍ متاجرة.

 

أيها العرب، أيها الأحرار في كل مكان:

لقد آن الأوان أن نختار. إما أن نسلك طريق العقل والكرامة والعيش الكريم، أو نبقى أسرى خطاباتٍ جوفاء تعيد إنتاج الخراب. السلام ليس وهمًا، إنه حياة. الحرب ليست بطولة، إنها انتحار جماعي.

 

المغرب يقولها بلسان التاريخ وقلب المحبة:

السلام حياة… الحرب موت.

السلام مستقبل… الحرب مقبرة.

السلام شرفٌ للأوطان… الحرب خيانةٌ للشعوب.

فليكن سلامنا مشعلًا يضيء الدرب، ولتكن أصواتنا جدارًا يصدّ الريح عن أوطاننا.

وكل عام والمغرب بخير وسلام،

وكل عام وفلسطين وإسرائيل في طريق جديد، طريق حياةٍ أرحب من ركام الحرب.


اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Breaking News

اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading