بقلم فكري ولدعلي
مع كل صيف، يتوافد على مدينة الحسيمة عدد كبير من المتسولين، وكأن المدينة أصبحت محطة موسمية لهم، مثلها مثل المصطافين والسياح. مشهد بات يتكرر كل عام دون تغيير، بل يزداد استفحالًا، حتى أصبح جزءًا من يوميات الحسيمة في موسمها السياحي.
تجوب أمهات يحملن أطفالًا صغارًا الشوارع والأسواق والمقاهي، يتسولن بعبارات حفظها المارة عن ظهر قلب. شبان وفتيات ينتشرون قرب إشارات المرور، وعلى أبواب المساجد والمرافق العمومية، في مشهد لا يخلو أحيانًا من الإلحاح أو حتى الابتزاز العاطفي. بعضهم قادم من خارج الإقليم، بل من مناطق بعيدة، لا يربطه بالحسيمة سوى موسم الاصطياف وكرم الزوار.
ورغم وضوح هذه الظاهرة وتكرارها كل عام، فإننا نطرح السؤال بصوت عالٍ: أين هي السلطات؟
هل يعقل أن تبقى مدينة سياحية بهذا الحجم والعراقة، رهينة لفوضى التسول الموسمي دون أي تدخل من الأجهزة المسؤولة؟
أليس من واجب السلطة المحلية، في شخص القائد وأعوانه، مراقبة الوضع واتخاذ التدابير اللازمة؟
أين دور الشرطة الإدارية، ومصالح الشؤون الاجتماعية، والمجالس المنتخبة التي تنام على تقارير لا تُنفذ؟
لا أحد يُنكر أن بين هؤلاء من هم فعلاً في حاجة ماسة إلى المساعدة، لكن هناك كذلك شبكات تنشط في التسول المنظم، مستغلة براءة الأطفال، وعطف الزوار، وغفلة السلطات.
المدينة التي تنفق المال العام على حملات التزيين والتنظيف استعدادًا للموسم، مطالبة أيضًا بحماية صورتها من هذا التشويه الإنساني والاجتماعي.
فالسائح، سواء كان مغربيا أو أجنبيا، لا يعود إلى مدينة تستقبله بالابتزاز في كل زاوية.
الحل ليس في القمع، بل في تنظيم الظاهرة ومواجهتها بمقاربة اجتماعية صارمة:
غربلة المحتاج الحقيقي من المبتز.
إطلاق حملات توعية وتوجيه.
تخصيص مراكز إيواء مؤقتة.
وتفعيل المساءلة في حق المتقاعسين من المسؤولين.
الحسيمة تستحق صيفًا نظيفًا… في البحر كما في الشارع.
ويبقى السؤال معلقًا: من يوقف زحف المتسولين الموسميين قبل أن تتحول المدينة إلى “سوق شفقة” بدل أن تكون وجهة سياحية راقية؟
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.