تنظيم الامتحان النهائي لورشات مركز التربية والتكوين وادماج المرأة بحي تغانمين بالحسيمة

في السابع عشر من يونيو 2025، شهد مركز التربية والتكوين وإدماج المرأة بحي ثيغانمين بالحسيمة لحظات متميزة، حيث تجمعت عشرات النساء اللواتي خضن رحلة تكوينية امتدت لأشهر، ليس فقط لإثبات ما تعلمنه، بل لإثبات أن المرأة قادرة على كتابة قصة نجاحها بيديها الماهرتين وإرادتها الصلبة. كان الامتحان النهائي لورشات المركز أكثر من مجرد اختبار تقني؛ كان احتفالاً بالإنجاز الإنساني وتتويجاً لمسيرة تمكين حقيقية بدأت بحلم بسيط وتحولت إلى واقع ملموس يغير حياة النساء وأسرهن.

منذ ساعات الصباح، كانت أروقة المركز تضج بحيوية استثنائية تمزج بين التوتر الطبيعي للامتحان والثقة المكتسبة من أشهر التدريب المكثف. النساء المتدربات، اللواتي يمثلن شريحة واسعة من المجتمع المحلي، وصلن حاملات معهن أكثر من مجرد أدوات العمل – حملن أحلامهن وطموحاتهن وآمال أسرهن في مستقبل أفضل. هذا المشهد المؤثر لم يكن ليكتمل دون الحضور الرسمي الرفيع المستوى الذي أضفى على الحدث بُعداً مؤسسياً مهماً، حيث حضر السيد المندوب الإقليمي للتعاون الوطني بالحسيمة برفقة لجنة متخصصة من موظفي المندوبية والسيد المندوب الإقليمي لمحاربة الأمية، مؤكدين بحضورهم أن تمكين المرأة ليس مجرد شعار بل أولوية استراتيجية في السياسات العمومية المحلية.
تحولت قاعات المركز إلى خلايا نحل تعج بالنشاط والإبداع، حيث انقسمت المتدربات إلى مجموعات متخصصة تبعاً لمجال تكوينهن. في ورشة الخياطة والفصالة، كانت الأيدي الماهرة تتراقص مع الأقمشة والخيوط بدقة متناهية، منتجة قطعاً أنيقة تعكس ساعات طويلة من التعلم والممارسة. كل غرزة كانت تحكي قصة صبر وعزيمة، وكل تفصيل يشهد على التطور المهني الملحوظ الذي حققته هؤلاء النساء. بينما في ورشة الطبخ والحلويات، امتزجت الروائح الشهية مع أجواء الحماس والتنافس الإيجابي، حيث قدمت المتدربات تشكيلة غنية من الأطباق التقليدية والعصرية التي أبرزت تنوع مهاراتهن الطهوية وقدرتهن على الابتكار ضمن الأصالة. أما في ورشة الحلاقة والتجميل، فقد تحولت القاعة إلى صالون احترافي حقيقي، حيث سطرت المتدربات لوحات فنية رائعة على وجوه العارضات، مظهرات براعة فائقة في فنون التجميل والعناية بالجمال، مع إتقان واضح لأحدث التقنيات والصيحات في هذا المجال.
وسط هذا الجو المفعم بالحيوية والإبداع، راقبت اللجنة المتخصصة الأداء بعين الخبير المدقق، مطبقة معايير دقيقة شملت الإتقان التقني في تنفيذ المهام، والقدرة على الابتكار وإضافة اللمسة الشخصية المتميزة، والحضور المهني الذي يعكس الثقة والاحترافية، إضافة إلى مهارات إدارة الوقت والتعامل مع ضغط العمل. كانت هذه المعايير تهدف إلى ضمان أن المتخرجات ليس فقط يمتلكن المهارات التقنية اللازمة، بل قادرات أيضاً على التأقلم مع متطلبات سوق العمل الحقيقي والتميز فيه. أعضاء اللجنة، الذين ضموا خبراء من مختلف التخصصات، أبدوا إعجابهم الواضح بمستوى الأداء والتطور الملحوظ الذي أظهرته المتدربات مقارنة ببداية مسيرتهن التكوينية.
إن نجاح هذا المركز وما حققه من إنجازات ملموسة – حيث تمكن خلال سنة 2024 من تخريج 297 امرأة بمعدل نجاح بلغ 87%، مع نسبة إدماج في سوق الشغل تراوحت بين 65% و85% – يؤكد أن الاستثمار في تمكين المرأة ليس مجرد شعار اجتماعي، بل استراتيجية تنموية ذكية تحقق عوائد مضاعفة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. هذا المشروع التكويني لا يقف عند حدود التأهيل المهني الفردي، بل يمتد أثره ليشمل التنمية الاقتصادية المحلية من خلال خلق فرص عمل جديدة وتحفيز ريادة الأعمال النسائية، والتماسك الاجتماعي عبر تعزيز دور المرأة كشريك فعال في التنمية، ونقل المعرفة حيث تصبح المتخرجات بؤراً لنشر المهارات في محيطهن الاجتماعي.
تستحق الأطر التكوينية والإدارية العاملة بالمركز، إلى جانب المندوبية الإقليمية للتعاون الوطني بالحسيمة، كامل التقدير والإجلال لما بذلوه من جهود متواصلة وتفان لا محدود. فبفضل رؤيتهم الاستراتيجية الثاقبة ومتابعتهم الحثيثة والمستمرة، تحولت فكرة على الورق إلى واقع ملموس ينتج كفاءات مهنية قادرة على المنافسة والإبداع في السوق المحلية. هذا النجاح يؤكد أن التغيير الحقيقي يبدأ بالاستثمار في الإنسان، وأن تمكين المرأة هو المفتاح الذهبي لفتح أبواب التنمية المستدامة والشاملة. وبينما تستعد هؤلاء النساء المتخرجات لخوض غمار الحياة المهنية بثقة وعزيمة، يبقى مركز التربية والتكوين وإدماج المرأة بثيغانمين منارة مضيئة تشع بالأمل والإلهام، مؤكدة أن المستقبل ينتمي لمن يؤمن بقوة أحلامه ويعمل بجد لتحقيقها.