مما لا شك فيه أن هذه المحاولة تبدو، للوهلة الأولى، محفوفة بالمنزلقات وشبيهة بصعود تلعة متربة مبللة كفاية بماء المطر ومكسوة بطبقة سميكة من الثلج..
في مجال التعبير عن الأحاسيس، تكون اللغة، أية لغة، في موقف ضعف يثير الشفقة..لهذا كنا دائما في رسائلنا الغرامية الموجهة لصديقات الدراسة نشير إلى هذه الصعوبة بعبارات تفيد عجز اللغة عن ترجمة ما يخالجنا من إحساس حيال من جنح القلب إلى عشقها دون سواها..وها أنتم تلمسون الأن أي منزلق انقلبت بسببه رأسا على عقب..كنت أود أن أكون موضوعيا فإذا بي أجدني محصورا في مدارة العاطفة الذاتية..لا بأس..للغة أحابيلها ولنا -معشر الكتاب- حيلنا..هنا ألاحظ أن الكتابة على الصفحة البيضاء نظيرة للسباحة في البحر..في الصورتين معا تكون اللغة والماء هما الحاملان، ولتفادي الغرق على السباح/الكاتب أن يساير حركة الموج وألا يعاكس التيار..
في العنوان الذي اقترحته لهذه المحاولة عنصران متباينان: الإحساس والآن. الأول من طبيعة النفس البشرية العميقة الأغوار؛ لهذا ألف أحدهم كتابا بعنوان “الإنسان، ذلك المجهول”..أما الثاني فأصله الزمن، وما أدراك ما الزمن..جبروت الزمن وسطوته على الأشياء والأحياء جعلاه يكاد يكون شريكا في الألوهية وقمينا بالاعتراف بكونه وراء هلاك الأقوام الذين بادت حضاراتهم واضمحلت معالمهم..على هذا الأساس، مطلوب مني الحديث عن أحاسيسي التي تخالج نفسي في هذه اللحظة بالذات..
عندما يكون الإحساس بسيطا وواضحا يسهل على صاحبه أن يعبر عنه بكلمات لا تقل بساطة ووضوحا، لكن، والحالة هاته، هل يكون في متناول المرء أن يتكلم بطلاقة وسلاسة عن إحساس غامض مزيج من الأفكار المتنافرة والمشاعر المتضاربة؟ وقف شيخ الحمار في العقبة!!!
ملل، إحباط، يأس، تعب يحعل الروح في حالة تراخ ينم عن تفاهة الوجود في الموجود..بالمقابل، بقايا أمل ترزح تحت ركام الانكسارات مثل جمرات تحتضر في قلب الرماد..اللحظة التي أحياها الآن جسر للعبور إلى المجهول..ما الفائدة من القيام بردة فعل واهية عبارة عن صرخة في واد ومصيري متحكم فيه من قبل دينصورات الاقتصاد والسياسة بحيث أشعر وكأني مجرد قشة تتلاعب بها المياه في مجرى ثائر؟..
بقلم : احمد رباص
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.