من عام 2024 بعد إضافة 58 ألف عاطل عن العمل.
وبدون الاسهاب في استعراض الفوارق بين المناطق والفئات العمرية المعنية بهذه الآفة، أو سرد العوامل المعروفة لدى الجميع التي أدت إلى هذا المد التصاعدي، فإنه يجب التفكير في كيفيات تغيير هذا الاتجاه، مما يتطلب الاستمرار في تنويع حقيقي ومنتج للاقتصاد، والعمل على مزيد من الملاءمة والتكييف بين التعليم والتكوين المهني مع الاحتياجات الحقيقية لسوق الشغل، فضلا عن تحفيز الاستثمار العمومي والخاص ودعم السياسات العمومية في التشغيل والتكوين وإعادة التكوين.
وإذا كانت ظاهرة البطالة المتفشية تعكس بجلاء محدودية الاقتصاد الوطني في خلق الثروة ومناصب الشغل، فإنها تنتصب في نفس الوقت عاملا قويا لتفسير التدهور المستمر للقدرة الشرائية للأسر المغربية التي اعتلت، بعد جنوب إفريقيا، قائمة الأسر الأعلى مديونية في إفريقيا بنسبة مديونية بلغت 30 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وذلك وفق تقرير صادر عن البنك الأوروبي للاستثمار تحت عنوان “مالية إفريقيا 2023”.
ووفقا لتقرير آخر حول الاستقرار المالي صادر عن بنك المغرب، فإن الأسر المغربية، خاصة تلك التي يتراوح دخلها الشهري بين 4 آلاف درهم و10 آلاف درهم، تتعرض لضغوط مادية متزايدة، ما يجعلها تلجأ أكثر إلى الاقتراض لتغطية نفقاتها الأساسية، مثل السكن والتعليم وتكاليف الرعاية الصحية.
ولا شك أن هذا التشخيص الذي لا نحتاج إلى تقارير أجنبية تحدثنا عنه إذ إنه واقع قائم، يسائِل بقوة الإجراءات والتدابير الحكومية المتعلقة بحماية القدرة الشرائية للأسر وتحصينها، بما فيها تلك المدرجة في مشروع القانون المالي للسنة المالية 2025.
ولئن سجلنا بإيجابية في فقرة سابقة من هذا التدخل التدابير المتخذة للتخفيف من العبء الذي تشكون منه الأسر المغربية، فإن ذلك لن يغير كثيرا من واقعها المر، أي محدودية قدراتها في الصمود أمام الأزمات الاقتصادية وعجزها المزمن عن الانفاق والاستهلاك وتلبية حاجياتها الأساسية.
ومن هذا المنطلق، نشدد على ضرورة نهج سياسات مالية أكثر شمولا في اتجاه تخفيض معدلات الفائدة لصالح الأسر ذات الدخل المحدود، وإيجاد بدائل تمويلية مناسبة وتعزيز قدرات المواطنين على الادخار في إطار ثقافة مالية إيجابية، فضلا عن مراجعة النظام الضريبي وجعله نظاما يحقق العدل والإنصاف ويأخذ بعين الاعتبار التفاوت بين الدخول والقدرة الشرائية للأسر.
السيد الرئيس، السيد الوزير،
إن الحكومة الحالية محظوظة حقا، لتزامن نصف ولايتها مع ظهور النتائج الأولية لعملية الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024 والتي كشفت عن حجم التحولات والتغيرات العميقة التي طالت المجتمع المغربي في السنوات العشر الأخيرة.
وإننا نتطلع إلى أن تتحلى الحكومة بما يكفي من الجدية والمثابرة للاشتغال على كل المعطيات التفصيلية والمؤشرات الكمية والكيفية العديدة لهذه العملية الوطنية، وذلك من أجل توظيفها في ترصيد المكتسبات وتقويم الاختلالات وإعادة توجيه السياسات العمومية والقطاعية بما يكفل للدولة قوتها وهيبتها، وللمجتمع سلامته وتلاحمه، وللاقتصاد عافيته وصموده، ولسائر المواطنين والأسر المغربية العيش في الحرية والكرامة والمساواة.
و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.