مولاي عبد الله الجعفري:
فيما يخص بلغنجا ، فهو طقس ربما إندثر في بعض المناطق لكن كان حيا في الكثير من قبائل ادرار و اقا خصوصا دوار اكادير اوزرو الى غاية التسعينات وكلما شح المطر وبارت الأراضي وفرغت المخازن ، تجتمع النساء في القرية ويلتجأن الى المرأة ” لي يتاهلن غلموضع تارو كيس ” يعني المرأة التي تكون ابنة الدوار وتتزوج من ابن الدوار وتنجب في نفس الدوار ، هاته المرأة يكون لها الدور الأكبر في طقس بلغنجا ، فبعد ان تحصل النساء على موافقتها للقيام بالطقس يعدن الى بيوتهن من أجل التحضير لتمغرا أونزار أو عرس أنزار وهنا يتضح للجميع معنى تسمية قوس قزح بالأمازيغية ب تسليت أونزار أو عروسة أنزار
قلت بان النساء يعدن لبيوتهن للتحضير لهذا الطقس المقدس بإرتداء أجمل ما لديهن من الملابس والحلي وحمل حلي أخرى من اجل تزيين” تاغنجا ” كما يحملن معهن الماء الدافئ والدقيق القمح وما في البيت من سمن وعسل ثم يتجهن جميعهن صوب المرأة التي تحدث عنها سابقا والتي تكون كذلك قد تزنيت للحدث الكبير وحملت معا ” تغنجا ” او ما يسمى بالدارجة المغربية ” المغرفة ” كما تحمل معها كذلك الحلي وتستعد لتكون مجهزة تاغنجا ، تسبق المرأة الموكب حاملة تغجنا وتتبعها النساء بالزغاريد والأهازيج وهن يزفن عروس أنزار وأبرز الأهازيج التي يرددن حسب ما تحفظه والدتي :
بلغنجا ، بلغنجا نومن سربي
ياحنان يا منان يا غيات يا مغيت
أداح إغيت ربي
وهنا يتضح تاثير الإسلام على عادة وتقاليد الأمازيغ ، فرغم انه في القدم كان أنزار إلاها يتقربون منه من أجل غيثهم بالمطر لكن مع دخول الإسلام فالنساء في الطقس يحمل بلغنجا ويخبرونه بأنهن يؤمن بالله كما انهن ينطقن ببعض اسماء الله الحسنى ويتقربن بها من الله من أجل إنزال الغيث
ثم يرددن كذلك :
تَغْلاَ ، تْبَّغَا ، تْمون ، د إنُّمَّار ،
تْنَّا رِيغْ ، إغيل زكّزاون
وهنا يخبرن أنزار بأن النعجة قد غضبت وخرجت قاصدة الجبال وما تنفك تردد انها تريد الكلأ الأخضر ، وتردد النساء كذلك ضمن أهازيج تقديم تاغنجا :
أوافْساس أبو تْكّمُّوت
إجَّا بدا غينا غ تليت
وهنا يخبرن أنزار بأن” وافساس ” وهو نوع من الأزهار يملأ أدرار وبو تكموت يعنين به شكل افساس ان شبع الماء تكون له كرة أعلاه تعطي رائعة زكية في جميع المناطق المجاورة له ويكون احسن كلأ للماشية وذو منظر جميل يسعد الناظر اليه
وغيرها من الأهازيج التي ترددها النسوة الحاضرات ويجتمعن ب “أنرار ” وهو مكان مخصص للدرس في موسم الحصاد في القرية وتكون المرأة وسطهن تقوم بتزيين تغنجا بأحلى الأتواب والحلي وتقوم النساء بسكب الماء على المرأة حتى تبتل كلها والزغاريد تملأ المكان الى ان تنتهي من التحضير ثم يجمعن دقيق القمح وتقوم نفس المرأة بجمعه في اناء وسكب الماء الدفئ عليه حتى تجعل منه عجينا كبيرة تمزج بالسمن والعسل ويجب على الجميع ان يأكله ولا يجب ان يبقى منه شيء تم تحمل المرأة أغنجا وتحمل به الماء كذلك وتقوم برش جميع الحضور والسعادة تملأ المكان
وتستمر الأهازيج الى اخر اليوم ، ومما تذكرته وانا صغير ومما حكت لي عنه والدتي فانه مساء نفس اليوم تسقط الأمطار ، ويكون الموسم الفلاحي جيدا كما أنه لا يقام طقوس بلغنجا كل السنة ولكن كما قلت فانه يقام في السنة التي يشح فيها المطر وتبور الأراضي وتفرغ المخازن
اتمنى ان اكون اوصلت بعض من تقاليدنا وأعدكم لاحقا ان اتطرق الى طقس ” أسرس نتبخويت ” و طقس ” تافردوت ” وكإشارة فقط قد عشت كل هذه الطقوس اخرها ” أسرس نتبخويت ” سنة1999 تقريبا
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.