بقلم **المدون الإعلامي عبد المجيد الإدريسي**
في ظل الانفلات الأخلاقي والتربوي الذي يميز عصرنا الحالي، يبدو أن القيم التي نعتنقها أصبحت هشة للغاية وغير قادرة على مواجهة واقع الفساد والإغراءات. تتسع الفجوة بين القيم الإنسانية المعلنة وسلوكياتنا الواقعية، حيث تهيمن الأنانية والكذب والنفاق والخداع على تعاملاتنا اليومية. في هذا السياق، يتعين على الأفراد توخي الحذر من الأشخاص الذين يعانون من هشاشة قيمية، والذين يستخدمون الزيف الأخلاقي والاحتيال لتحقيق مصالحهم الشخصية.
تتلاشى القيم الفاضلة والمبادئ الإنسانية تدريجياً أمام هيمنة المادة والمصالح الشخصية. هذا التراجع في القيم الرمزية يفسح المجال للأغراض الشخصية والنزوات التي تعيد تشكيل المجتمع بشكل يزعزع الأسس القيمية، مما يجعل الأفراد عرضة للانحطاط والتلاعب. تتجلى هذه الهشاشة القيمية من خلال تلميع صورة الفاسدين وتبرير أفعالهم الواهية، مما يعزز الفساد ويشجع على الهبوط الأخلاقي.
من الأمثلة البارزة على هذه الظاهرة ترويج النماذج السيئة والقدوات التافهة التي تجذب الانتباه لمجرد أنها مشهورة أو تحظى بمتابعة كبيرة. يفاخر البعض بالغش والخداع ويستخدمون الوساطة والزبونية لتحقيق أهدافهم، معتبرين ذلك نوعاً من الذكاء والنجاح. تتعمق هذه الظاهرة في عقول الأفراد، مما يجعلهم يقتنعون بأن هذه التصرفات ليست سوى استراتيجيات ذكية للتفوق في عالم مليء بالإغراءات والتلاعب.
للتغلب على أزمة الهشاشة القيمية، لا بد من الاعتراف بوجود هذه المشكلة أولاً، ثم البحث عن أسبابها وعلاجها. يتطلب ذلك جهوداً كبيرة ووقتاً طويلاً لإعادة هيكلة القيم بشكل منظم وفعال. ينبغي أن تسعى المجتمعات إلى تجاوز غلبة الجانب المادي على العلاقات الإنسانية، وتوجيه التصرفات نحو مبادئ المسؤولية المشتركة والعدالة. هذا ليس أمراً يمكن تحقيقه بين عشية وضحاها، بل يتطلب استثماراً جاداً في تغيير سلوكياتنا وتعزيز القيم النبيلة.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.