بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ،اكادير، يوليوز ،2024 .
عندما تم توقيع اتفاقيات إنحاز برنامج التنمية الحضرية 2020/2024 ، أمام انظار جلالة الملك كتبت يومها مقالا لفت فيه الانتباه الى ان البرنامج وميزانيته لم يتناولا عنصرا هاما في نجاح هذه المشاريع وهو: العنصر البشري.
لم يتضمن البرنامج اي ميزانية معتمدة للتوظيف او التكوين او التدريب او التعاقد لتسيير هذا الكم الهائل من المرافق التي سيتم إحداثها .
في المجالس السابقة كان الاتحاديون قبل مجيئ طارق القباج في ولايته الثانية ،يصرون على ان يتم تدبير المرافق التي تنجزها الجماعة ـ من مالها او من خلال الشراكات ـ من طرف كوادر الجماعة ، لذلك رفضت تسليم المتحف الامازيغي و القاعات المغطاة و الخزانة الناطقة للغير لتسييرها .
بعد ذلك بدت جماعة اكادير مجرد ممول لإنشاء مرافق.
و حسب قرار صودق عليه في دورة سابقة ، فإن جماعة اكادير لن تتسلم المشاريع التي تهم المرافق الثقافية ،وان وزارة الثقافة هي من ستتسلمها من شركة التنمية المحلية .
ولأن مندوبية الثقافة مثلها مثل باقي المندوبيات على الصعيد الوطني تشتغل بعنصر بشري محدود جدا لا يكفي احيانا لتدبير مقر المندوبية ،
فكيف له ان يوفر العنصر البشري لتدبير كل هذه المرافق ؟
و لأن الامر سيكون بيد الوزارة ،فإن هذه الأخيرة ستعين اسماء من الوزارة مركزيا ولا علاقة لهم بالجهة و المدينة !!!
لقد خاضت جماعة اكادير تجربة تسلم مرافق وبنايات من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، وتبين ان العنصر البشري للجماعة رغم انه يفوق 1200 موظف وعامل غير مؤهل مسبقا لتدبير هذه المرافق مما يدفع بالجماعة الى الاستعانة بعمال الانعاش كإداريين و اعوان واحيانا مديرين !!!؟.
برنامج التنمية الحضرية يشرف على الإنتهاء ، و شركات التنمية المحلية انجزت المطلوب منها ، و الجماعة ستتسلم مشاريع فيما اخرى ستتسلمها وزارة الثقافة .
و كل هذه المؤسسات والهيئات لم تضع تصورا لتدبير هذه المرافق ،ولا تملك خطة قبلية تخص العنصر البشري المؤهل لتسييرها .
المتاحف ليست ضمن إختصاصات الجماعات الترابية ، وبالتالي سيتم تسليمها للمؤسسة الوطنية للمتاحف التي تأسست في 2011. اللهم إلا إذا اتبعت مسطرة مخالفة كما وقع في متحف الذاكرة .
دار الفنون تؤكد مصادرنا انها ستسلم لوزارة الثقافة ،وهي من ستديرها ،
و لا حديث داخل الجماعة عن خطة تهيئة و اعداد كوادر الجماعة لتسيير المسرح الكبير ،ولا مسرح الهواء الطلق بعد فتحه ولا مرافق مثل الاسواق كسوق السمك او المنتزهات ، وحتى ملاعب القرب و لا المحطة الطرقية المرتقبة او المسابح او المراكز السوسيو إجتماعية …
هذا الامر يحتمل أحد الخيارات كلاها فيه إجحاف : بين ان تنفق الجماعة على انشاء مرافق مهمة بالمدينة وبدل ان تهيئ كوادرها لتسييرها يتم تسليمها للوزارات التي تعين اسماء من المركز لتديرها على حساب الكفاءات المحلية .
والخيار الثاني ان تسلم للخواص لتدبيرها و بالتالي حرمان عمال الجماعة من الاشتغال فيها ،و الاستعانة كما العادة بعمال الإنعاش الوطني.
فكلما تسلمت الجماعة مرفقا الا و بدأ النقاش حول من سيشتغل فيه ،مع اني نبهت من قبل اربع سنوات الى ان كل مرفق توضع له خطة موازية لإعداد العنصر البشري الذي سيسيره ولم يسمع احد بكلامي .
في تقديري فإن نقاش سبل وطرق تدبير برامج التنمية الحضرية بعد الانجاز يجب ان يكون في صلب مخطط يجب ان يوضع للمرحلة المقبلة على مدى ستة اشهر . لأن صيانة وتطوير وضمان ديمومة هذه المشاريع مرهون بعنصر بشري متمكن ومتكون وسيكون جيدا اذا كان من طاقات المدينة في مختلف المجالات .
كما ان الدولة المغربية حان الاوان ان تنهي العمل بشركات التنمية المحلية بعد ان انجزت مهامها مشكورة ، وعلينا إسوة بباقي الجهات ان نحدث مؤسسة :وكالة تنمية اقاليم سوس ماسة ،كما هو الحال مع وكالة الشمال و الجنوب .
إن مدينتنا تستحق منا ان نشارك ونساهم في البناء و التدبير بعد البناء ، ونستحق منها ان تشركنا في البناء والتسيير بعد البناء .ويجب ان يتم ذلك عبر بوابة تكافؤ الفرص و حسن اسثمار الطاقات المحلية ، وعدم اختزال ابناء المدينة في الانعاش الوطني بلا حقوق ولا استقرار مهني .
وما يسري على الجماعة يسري على قطاعات موازية ، فلا يمكن الحديث عن امن المظينة دون الدعوة لتزيادة العنصر البشري و حسن تهيئة فضاءات الاشتغال ، ولا يمكن الحديث عن وقاية مدنية بمركز متقادم ومراكز قليلة امام التوسع العمراني الكبير …
إن ورش تدبير و تسيير اوراش المدينة يجب ان يفتح على عجل ، وإلا فكل ما انجزناه سيلحقه الإتلاف و الإرتجالية و سياسة “عدي بلي كاين “…
فهل تعتبرون ؟
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.