بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ،اكادير، يوليوز،2024
دعونا نتفق ان الحركات الاحتجاجية امر طبيعي وهي نتاج حراك في المجتمع ،فالتجاذب السياسي و النقابي امر يعكس ان المجتمع حي ويتفاعل مع قرارات من اوكلهم شؤونه.
في المقابل تبدو بعض الفيديوهات على شبكة التواصل الاجتماعى يدعي اصحابها انهم يقومون بفضح الإختلالات .فإن ما يقومون به يدخل ضمن خانة التشهير خاصة أن أصحاب الفيديوهات وحتى التدوينات إما حسابات وهمية او باسماء اشخاص يدعون البطولة على حساب معاناة المواطنين.
بعض هؤلاء يسكنون بيننا ،ويتابعون المواطنين الحقيقيين يمارسون حقهم في الإحتجاج ،فيما بعضهم جبناء يختبئون خلف الحواسيب و ينشرون الاكاذيب بغاية البلبلة .
مؤكد ان وطني ليس جنة ،والمسؤولون ليسوا ملائكة ، لكن التخوين و السب والقذف و التشهير ليس هو الكفيل ان يجعل بلدي جنة ، والإحتجاجات السلمية و التظاهر هو من يدفع في الطريق الصحيح ليكون هذا البلد جنة .
هذه ليست دعوة للإحتجاج ،لأن المقصود بالإحتجاج المحمود هو ذلك الذي يبني اصحابهه قناعاتهم على الإصلاح وعلى تحسين اوضاع الناس و كل ذلك في ظل دولة الحق و القانون المنشودة.
لكن من يأجج الإحتجاجات برفض التفاوض والحوار ، ومن يركب على معاناة الفئات الإجتماعية ويقودها الى الإحتجاج وفي نفس الوقت تبخيس الوسائط التي يتيحها النظام المغربي ودستوره من أحزاب ونقابات و جمعيات مدنية معترف بها ،ويحل محلها ثارة بإسم التنسيقيات وثارة باسم الحركات ،فهؤلاء غايتهم نشر الفوضى لغاية تتعدى القضايا التي تكون موضوع الإحتجاج الى قضايا تصل الى المس بالامن العام وزعزعة النظام حتى لا نقول محاولة إسقاطه.
وإلا فما يمنع التنسيقيات ان تتحول الى تنظيمات معترف بها وبزعماء معروفين ؟
لقد وقف المغاربة وقفة رجل واحد ضد قانون فرض الرقابة على فضاءات التواصل الاجتماعي ،إعتقادا منا ان هذا الفضاء في دولة لا تعترف بالقنوات الخاصة ،هو متنفس للتعبير الحر عن إنشغالات المواطنين التي لا يجدونها في الإعلام العمومي .
لكن في نفس الوقت تتجدد المطالب بتحريك المتابعة ضد من يخل بالحياء العام مثل بطلات روتيني اليومي ، و بعض الخونة الذين يبثون السموم من خارج الوطن بحماية ودعم خارجي .
بلادنا منفتحة وتحتاج ان تزداد انفتاحا نحو الحرية في استعمال التقنيات الحديثة التي خلقت لتزرع فينا حب الابداع وملكة الفهم .
لكنه ليس انفتاحا بلا ضوابط ولعل ضابط الدين يبقى حاسما عندما يتعلق الأمر بتوابث الأمة ومنها ديننا و ملكنا و شعبنا .
لننظر للعالم من حولنا كيف يتطور و يتحول وينمو ، ومؤكد اننا لسنا في الصفوف الأمامية ،لكن من عاش في هذا الوطن خلال القرن الماضي ،سيدرك اننا لا نتراجع بل نتقدم بخطا تابثة ، بل إن دولا تغبننا على هذا التقدم ولو بدى بطيئا او غير مؤثر بالإيجاب على احوال المواطنين.
إن معضلة بلادنا الحقيقية هي اننا إمتلكنا التقنيات الحديثة لكننا لم نتملكها ، وحتى من تملكوا هذه التقنيات لم يجدوا من الدولة التأطير و المصاحبة و الإحتضان والدعم .
برامج تبث على اليوتوب أكثر قيمة فنية ومحتوى من تلك التي تغرقنا بها الدولة في الإعلام العمومي ، ووجوه يتابعها المغاربة على منصات التواصل الإجتماعي لا تجد طريقها الى إعلام رسمي غزته وجوه تنشر التفاهة .
شبابنا الذي يبدع في مجالات الرقمنة لا يجد من يستثمر طاقاته في إدارة لازالت تعمل بأسلاك عتيقة .
اطفالنا لا زالوا يدرسون بحجر مجهزة بالسبورة السوداء في حين انه يداعب خارج المدرسة اللوحات الإلكترونية التي تلقنهم بسرعة وفعالية ما يحاول المدرس تلقينهم إياه على مدار السنة وفق مقرر جامد اجوف وبوسائل بيداغوجية عفى عنها الزمن .
هل من حل لهذه المعضلة ؟
ترقبوا مقالي القادم فسيحمل عديد مقترحات ارى انها كفيلة ان تجيب على الاسئلة العالقة
فهل تعتبرون ؟
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.