أ. د.ضياء واجد المهندس
أصدرَ الوالي السَّلجوقي،، أبان حُكمهم بغدادَ فَرَمانًا يقضي بفرضِ ضريبةٍ على الموتى..
ضَجَّ العامَّةُ والرُّعاعُ من هذه الجِبايةِ وتلك الغرامة، ولكنهم رضخوا للفرَمان بعدَ حينٍ ..
و لشِدَّةِ فَقرِ البغداديِّين حينَها، أخذوا يُدفنونَ موتاهُم سِرًّا داخلَ بُيوتهم ليلًا، خوفًا من عسكر الوالي الذين كانوا يجوبونَ البلادَ بحثًا عن الموتى لتحصيلِ الأموالِ..
كان العسكرُ يتنصَّتونَ فى الحواري والازقة عسى أن يسمعوا صُراخًا أو عويلًا أو يلمحوا عَزاءً خَفِيًّا .. فيعرفون أنَّ هناك ميت ليقبضوا على أهله حتى يدفعوا الغرامة.. لذلك إمتنعَ الناسُ عن البكاءِ على الميت، أو لبس السواد أو العزاء.. و كانوا يقولون عن مَن يغيبُ عنهم، أنه ذهب لزيارة أقاربهم، أو لحجِّ بيت الله أو للعمرة.. حتى ينسى الناس والعَسَس والجواسيس والخبَّاصون أمرَ الميتِ..
لاحظَ الوالي أنَّ دَخْلَ ضريبةِ الموتى يتناقص.. فجَنَّ جُنونَهُ، وطلب من مستشاريه البحثَ عن ضريبةٍ أخرى يفرِضها على العامة من أجل ملء الخزينة وتجديد السَّرايا .. وتطوير الحراملك ..و اقتناء القوارير.
وكان له ما أرادَ، حيثُ اقترحَ أحدُ الوعَّاظِ أنْ يفرضَ (ضريبة الأقارب)، يدفع بموجبها الشخصُ ضريبةً عن وجود عديد الأقارب.. و أوصى وعُّاظٌ آخرونَ بضريبةِ (الحياة)، يدفعُ بموجبِها الناسُ عن كلِّ رجلٍ كبيرٍ في السِّنِّ في عوائلهم.. وكانت أغربُ ضريبةٍ تمَّ فرضُها في بغداد هي ضريبة (الهواء) أو (نفس الحياة) حيث يدفعُ البغداديُّون نصفَ ما يجنوهُ عن الهواء الذي يستنشقوه لأنه من مِلكيةِ الوالي..
في عراقِ اليوم، يجنونَ ولاتُنا كلَّ ما أنعمَ اللهُ علينا، و يتركونَ لنا الحُزنَ و المُعاناةَ و الفَقرَ و المَرَضَ و البَطالَةَ و الجَهلَ و التَّخلُّفَ و الفِتَنَ..
اللهمُّ لا تؤاخِذنا بما فَعَلَ الطُّغاةُ منَّا..
و لا تُحمِّلنا ما لا طاقةَ لنا بهِ..
البروفسور د.ضياء واجد المهندس
مجلس الخبراء العراقي
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.