بقلم: ذ/ عبد الحميد العباس محام بهيئة طنجة
من التحديات و الظواهر التي باتت تقلق العقل الأمني المغربي ، وجعلها محط اهتمام وتتبع دقيق ورصد احترافي من إدارات أمنية ذات الإختصاص في الحفاظ على الأمن و النظام العام ، مواجهة و تحييد اخطارها على استقرار المجتمع و طمأنينته ، ما أصبحت تعج به وسائل التواصل الاجتماعي من صفحات وهمية ثبت و تنفث سمومها من الخارج و حتى من الداخل ، عبر ترويج الإشاعات وبث وتوزيع الادعاءات الكاذبة و التقولات الرخيصة ، وتزييف الحقائق و ممارسة التظليل الممنهح و الإحتيال الدعائي ، بهدف المس و الإضرار بالشرفاء من أبناء الوطن ، وتصفية حسابات وهمية ، في محاولة يائسة للتأثير السلبي و النيل من مصداقية الرموز الصادقة العصية عن التدجين أو الاستقطاب الفاسد.
وخطورة الأمر تتجلى في أن نشاط شبكة الإجرام المنظم التي توضحت زور ادعاءاتها المفروشة و المفشوشة ، هي أنها تستعمل أساليب قذرة و تواجدها بالخارج يجعلها فريسة سهلة للعمالة لدول أجنبية معاذية.
لذلك كان القرار الحاسم لمؤسسات وطنية من أجل البحث و التحري لتفكيك تلك الشبكات و امتداداتها خصوصاً مع جهات داخلية و أشخاص و سماسرة و محترفي الفتن و الفوضى ، التي ينتعشون من خلالها و بواسطتها.
إن ما تم اكتشافه و ضبطه من اتساع لهذه الظاهرة التي تستفيد من عائدات المال الحرام من الفساد الإداري و السلطوي و من تجارة الممنوعات في عمليات الترهيب عبر الضغط بخلق و ترويج الإشاعات و الإدعاءات الرخيصة.
لذلك فإنه و الحالة هاته ، أصبح من الضرورة القصوى بتواجد طفيليات الجريمة المنظمة و شبكاتها على منصات التواصل الاجتماعي ، للتحكم و توجيه النقاش العام و التأثير على الرأي العام عبر البلطجة و ممارسة الترهيب الممنهج حتى على مسؤولي الدولة و شرفاء و رجال الوطن الصادقين ، فإنه من اللازم أن تمنح للأجهزة الساهرة على رصد و تتبع خطط التخريب و نشر الفوضى ، امكانات و قنوات تصريف الرأي و القرار الأمني ، بشكل يساهم في التصحيح و التصويب و إعادة الصياغة و رسم المسار ، الذي يحترم و يكرس توجهات و ثوابت ومرجعيات الدولة ، والسير السلس لمؤسسات نفاذ القانون.
فليس من العبث أن نجد التشريع المغربي يربط بين قوانين مكافحة غسيل الأموال و تمويل العمليات الإرهابية ، إيمانا بأن أساليب الإجرام المنظم لا تتوانى في تحين الفرص لزعزعة الأمن و الإستقرار ، ومن هذا المنطلق يتعين على الإدارة المركزية لأقسام الشؤون الداخلية و أمام نقص تجربة بعض رؤسائها الإقليميين حثهم على التنسيق و أخذ الرأي الملزم من أصحاب الإختصاص الأمني في بعده الإستراتيجي.
فنقولها و نعيدها ما خاب من استشار ، ومجال ممارسة السلطة لا يتحمل اجتهادات معيبة حد التبرهش ولعب الدراري ، ولي هربلو راس الخيط ، عليه أن يحتكم للرموز المؤسسة لبنيان الدولة و مؤسساتها ، وعلى رأسهم المرحوم الحسن الثاني الذي جعل رحمة الله عليه فكر التعدد مجالا خصبا للتنافس الإيجابي خدمة للصالح العام ، وليس سقوطا غبيا في فخ التنافس السلبي الهدام.
وختاما سأستشهد بأستاذنا العميد محمد يحيا ، الدكتور الجامعي بكلية الحقوق بطنجة و منسق وحدة البحث و التكوين في موضوع الإدارة و التنمية ، في أن الدولة عقب الإستقلال اعتمدت على الإدارة لحل العديد من الاشكالات ، فتحولت الإدارة بدورها إلى عبئ يحتاج إلى برامج إصلاحية.
فلا يمكن بالمطلق ان نظل و ان نتحمل أخطاء موظفين سقطوا سهوا في مجال الإدارة الترابية ، فاحذر يا زميل الأمس و مسؤول اليوم غضب الحليم ابن الشعب ، الذي ذنبه الوحيد أنه كان وما زال وسيظل يحترم مؤسسات الدولة في كلياتها العمودية و الأفقية ، ويؤمن بالإصلاح منهجا وسنة للتقدم و التطوير.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.