محمد اكن
في ثنايا الأطلس المتوسط بين مكناس والراشيدية، توجد ميدلت، مدينة صغيرة ، لكن رائعة ، تقع على ارتفاع 1521 مترا والتي تم إحداثها منذ سنة 1917. وهي من بين المدن التي تأسست بداية القرن الماضي، حيث بها مجموعة من القصور التي جعلتها من بين أهم المدن المعروفة في الجنوب الشرقي في النصف الأول من القرن الماضي على اطراف واد وطاط وقد كانت مجموعة القصور المترامية بها من بين الأسباب التي ساهمت في شهرتها إضافة الى الاستثمارات المعدنية الكبرى التي قامت بها فرنسا في ما يسمى ميبلادن واحولي المعروفة خاصة بمعدن الرصاص والحديد التي كانت أوربا في حاجة اليهما وقد عرفت المدينة توافد بل استقرار العديد من الأسر من دول أجنبية عديدة خاصة الفرنسية منها ، وقد كانت قبل فترة الحماية عبارة عن مجموعة من القصور الممتدة على طول حيث كانت تقطن أغلبية أمازيغ آيت زدغ، كما كانت معبرا استراتيجيا في الطريق الرابط بين وسط سجلماسة بالجنوب ومكناس بالشمال.
وخلال فترة الاستعمار، أخذت المدينة في التوسع بارتباط وثيق مع نمو النشاط المنجمي (الرصاص) الذي تم اكتشافه وشرع في استغلاله منذ 1939 على مستوى منجمي ميبلادن وأحولي. هذان المنجمان، اللذان توقف استغلالهما منذ 1974، شكلا أساس ونواة اقتصاد المدينة واستقطبا يدا عاملة هامة من مختلف مناطق المملكة. لقد أضحت مدينة ميدلت، المحاطة بالعديد من القرى الفلاحية، والسياحية ومواقع الاستغلال المنجمي والتي أصبحت إقليما ابتداء من مارس 2010، منذ زمن طويل مركزا فلاحيا كبيرا يقوم أساسا على استغلال أشجار التفاح التي تشكل مفخرة سكان المنطقة وشهرة المدينة. لذلك فإن ميدلت تدين بشهرتها ، بالخصوص ، لموسم التفاح الشهير الذي يتم تنظيمه في أكتوبر من كل سنة ، والذي يشكل مناسبة لتسويق هذا المنتوج الهام والنهوض بهذه المنطقة ذات المؤهلات السياحية المختلفة علاوة على اكتشاف جمال وروعة هذه المدينة المتعددة الملامح. وعلى طريق تافيلالت، تعد ميدلت منطقة سياحية غنية بجمال طبيعتها الجبلية وساكنتها المتميزة بعفويتها وحفاوتها البالغة. وتختزن المنطقة موقعا سياحيا ذي جاذبية منقطعة النظير، يعرف باسم جعفر والذي يتيح للزائر إطلالة رائعة على سفح جبل العياشي. ميدلت الآن مدينة نظيفة بهواء نقي بلا مصانع او معامل…فيها العديد من المقاهي الجميلة والفنادق المصنفة وغير المصنفة مما جعل موقعها كقطب سياحي مشهور لدى زوار المنطقة منذ أمد بعيد، يزيد في شهرة المدينة ، خاصة لدى عشاق جولات المشي والسياحة الرياضية والجبلية . كما تزخر المنطقة بمواقع أخرى جذابة ذات جمالية طبيعية كبيرة، كآيت بن عزو، وبرطاط، وعين زريويلا، وسيدي سعيد ، فهذه الأماكن المضيافة الرائعة تختزن كنزا لايقدر بثمن ، إنه سحر جمال الأطلس المتوسط. كما أن شموخ أشجار الأرز وعبير الأشجار المثمرة والغطاء النباتي المحلي في هذه الأماكن يثير جميع حواس الزوار وحماستهم ميدلت، حد فاصل بين عالمين على المستوى الجغرافي والمناخي والثقافي ، تعد الحد الفاصل بين فضائين شديدي التميز، وهما الأطلس المتوسط وتافيلالت، دون أن يعني ذلك بالضرورة قطيعة بينهما ، بل على العكس من ذلك فإن الزائر يشعر باستمرارية تجعله ينتقل من نمط حياة إلى نمط آخر، ومن طبيعة إلى أخرى ومن مناخ إلى آخر، دون أن يصطدم بأي حاجز . إن “ميدلت، المعروفة قبلا بـأوطاط’، ضمّت سابقا الأمازيغ واليهود وتعايشوا، معا، دون حاجة إلى ملاح، ودون إثارة أية مشاكل، في قصر عثمان أوموسى”. واحتضنت، كذلك، رهبانا فرنسيين هربوا من بطش ‘جنرالات قصر المرادية’، وفتحت لهم ميدلت أحضانها بمنتهى الود والاحترام اللازمين، وحسن الترحيب وكرم الضيافة”. و أن “الرهبان المذكورين ما يزالون يعيشون في ‘قصبة مريم’، التي تأسست سنة 1926، بعد وقوع مشكل ما سمي ‘تبحيرين،’ نتج عنه قتل 10 رهبان جزائريين خلال العشرية السوداء” ويروج في تلك الفترة، أن “إسلامي الجزائر هم من يقفون وراء قتل هؤلاء الرهبان، بتهمة التجسس والتبشير بالمسيحية والعمالة، ما دفع السلطات الفرنسية حينها إلى مطالبة الجزائر بكشف ملابسات الحادث الأليم”. تجدر الإشارة إلى أن مدينة ميدلت، التي بلغ عدد سكانها 170 ألف نسمة، معروفة على الصعيد الوطني بفاكهة التفاح، فضلا عن جبل العياشي الذي يبلغ علوه 3785 مترا على سطح البحر. كما انها معروفة انها مدينة مسالمة هادئة متسامحة سكانها معروفين بالجود والكرم والترحيب بالضيوف من جنسيات، أعراق واديان مختلفة و تفتح ذراعيها للجميع وهي من الأمكنة التي تأسر القلوب بسرعة لبساطتها وبساطة أهلها . انها مدينتنا الرائعة الجوهرة النادرة داخل تراب وطننا الحبيب ، واليوم في 2024 سنة تقدم ركب التنمية قد حبا الله هذه المدينة اضافة الى اهلها الطيبين ، واحد من خيرة رجال هذا الوطن الغالي وهو السيد عامل صاحب الجلالة مصطفى النوحي الذي يسهر ليل نهار على مصلحة وتقدم وازدهار هذه المدينة وابناءها تجندا منه ومنا خلف توصيات صاحب الجلالة ادم الله عزه ونصره لخدمة هذا الوطن الغالي .
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.