تقاطع لغة الفكر والأدب مع لغة السياسة….!!

voltus8 سبتمبر 2023آخر تحديث :
محمد سعد عبد اللطیف

بقلم :- محمد سعد عبد اللطيف .مصر،

 

لغة الفكر والأدب ليست هي لغة الإنشاء السياسي ، لغة الفكر  هي رؤيا لما لا يُرى. واكتشاف المختفي ورفع الستار عن المحجوب والغامض،

ولغة السياسة تحتفل بالواقع لأجل المصالح،

هي لغة كذب وخداع ومكاسب ومن عادة السياسي لا يرى أبعد من الراهن ، بل عاجز عجزاً فكرياً ونفسياً وثقافياً عن توقع ماذا سيحدث فجأة وفي الدقائق القادمة. وخير مثال .ما تنبأ به استاذي جمال حمدان عن تفكك يوغسلافيا .،ففي سبعينيات القرن المنقضي ،كتب الروائي الروسي “سولجنتسين “رواية

أرخبيل جولاج”

توقع انهيار الاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية وحائط برلين ،

يوم كانت الإمبراطورية السوفيتية  قادرة على محو الأرض في دقائق ،في روايته ” أرخبيل جولاج” التي هزت عرش الاتحاد السوفيتي  السابق عن معسكرات الاعتقال السرية وكان نزيلها،

وعندما نال  “جائزة نوبل “كانت التوجيهات الحزبية الى جميع الأحزاب الشيوعية

في العالم للكتابة عن “سولجنتسين” كمجنون وكاثوليكي متعصب ،

لقد فشل الساسة في التنبأ بالثورات الربيع العربي ،ولكن تنبأ بها اصحاب الفكر والأدب. فقد كتب الدكتور /عبد الحليم قنديل كتابة “الأيام الأخيرة “قبل سقوط مبارك بثلاث  سنوات ..!

إن لغة الفكر والأدب تجاوز الواقع الظاهر واختراق الحاضر نحو المستقبل،

وكشف المخفي في ظلام الأيام، لذلك عبر التاريخ تقاطعت لغة الفكر والأدب مع لغة السياسة…،

وماذا تفعل مع جمهور لُقّن على الإنشاء السياسي الباهت.. من العهر السياسي ..؟

كيف تستطيع أن تُقنع ببغاء في قفص ملقن أن الواقع ليس ما يراه. … !

بل ما لا يراه… والواقع يحتجب خلف شعارات ومؤسسات وطقوس واحتفالات

وبيانات واستعراضات وخطابات واحلام واوهام.. الخ،

وهذا ليس الواقع بل الواقع البديل المزور…؟

إن أخلاق الكاتب في ان يكتب بصدق وجمال ووضوح في نصوصه لأن الكتابة الحية أخلاق راقية وهذا كل ما يهم القارئ..!! وأما حياته الشخصية  الخاصة فلا شأن لك بها ونحن لا يهمنا كيف يعيش ..!!  بل تهمنا أعمالهم ، رغم ان البعض يخلع تقاليد الشوارع والمقاهي والبارات على الأدب ويراه من منظار اجتماعي أو سياسي وهي أسوأ قراءة.. !!

يقول :-  الروائي البرتغالي (ساراماجو)   إن الوضوح أخطر من العمى في مجتمع أعمى،

فهو على صواب لآن الرؤيا الواضحة في اوقات الضباب والغموض والتداخل،

نوع من  العمى.،  كما لو أنك لا ترى شيئاً سوى الكارثة القادمة وتحترق…،

وما جدوى أن ترى الهاوية المقتربة والعاصفة الوشيكة

إذا كان هناك من لا يرى…؟

الرؤيا ليست بصرية وهي غير الرؤية  وليست متاحة للجميع،

نحن جميعاً لا نرى الاشياء والحوادث والقادم بالطريقة نفسها،قالها الفيلسوف هيراقيلطس منذ خمسة الالآف عام (لا يستطيع المرء عبور النهر مرتين )

عبارة شهيرة جاءت على لسان هيراقليطس ذلك الفيلسوف اليونانى عندما نظر إلى النهر فوجد مياهه تتحرك و كأنه يرى النهر ثعبانا يزحف، ..!! أي أن النهر الذي نزل فيه قبل فترة قد تغيّر وتبدل في ثوانٍ وأصبح نهراً آخر ..

وجدت نفسي مؤخرأً افكر في هذه المقولة و في اتساع الاحتمالات التي تحويها .. فعلأ ليس هناك تكرار لأي تجربة حتى وان كنت انت نفسك و ان كان ” النهر” نفس النهر، لانه في كل لقاء تختلف الظروف . فلا تكون انت نفس الشخص و لا يكون النهر نفس النهر بنفس الثبات ، فالتجدد اذن هو الاحتمال الاكبر المستمر وسنة الحياة ..،لذلك ذكر فيلسوف أخر لأن المياه متجددة…،

ومن يعتقد أن الرؤية بالعين لعواصف التاريخ الكبرى والمنعطفات الحادة،

هو لا يرى شيئاً عدا سطح الظواهر لأن الشوارع والمحلات والعمارات وكل الاشياء الخارجية ليست هي الواقع الحقيقي بل الواقع السطحي،

والواقع الحقيقي مخفي في أسرار ودهاليز ومكاتب ومصالح وخلف شعارات وخطابات واحتفالات لطمس الواقع الحقيقي.

 

الواقع الحقيقي غاطس في التاريخ والذاكرة وأحداث الماضي البعيد والقريب،كجبل الجليد الغاطس في الماء لا يظهر منه غير القمة والاوهام الشائعة ان الواقع هو ما يراه الناس.،وبعد إنتشار شبكات التواصل الاجتماعي ،،نحن نتحدث عن آفاق المستقبل ونحاول في الظلام التداخل لنلمس طريق المستقبل ومن لا يرى لا يحاول تحويل عماه العقلي الى فلسفة، واذا حاول ليتفلسف في مكان آخر وهذا النوع من ثقافة التفاهة والفرجة.  والتذاكي ينفع مع كثيرين لكنه لا ينفع معنا….الكاتب الحقيقي  الواعي يتحدث عن آفاق المستقبل ،

نحن في الأمس كما في اليوم في وضع العاجز أمام قوى عنيفة،تحيط بنا من كل جانب ،

وعندما نتحدث عن كوارث اليوم لا يعني الوقوف مع نظم بربرية وسلطوية  تحكم نظام عالمي جديد ،ليس الخيار أن تموت غرقاً أو في النار،

عندما يتعرض شعب الى فاجعة، يبدأ بعدها بمراجعة كل شيء من العقل الذي انتجها الى الثقافة الميتة والتاريخ الشفاهي التخيلي،

إلى المؤسسات والقوانين واللغة ايضاً،

مثل كل شعوب الأرض،

لكن ما حدث في فواجعنا العربية  هو التمسك بكل ما أسس للخراب قبل وبعد الاحتلال والاستقلال،

كما لو أن كل هذه الكوارث غيوم تنزلق فوق مقبرة…فبعد أحداث الربيع العربي ظهرة طائفة علي مقاهي الفيسبوك علي أنهم أصحاب فكر وأدب وجمع كل واحد منهم مشجعي مثل مشجعي كرة القدم ( الالتراس)، من كتائب من المرتزقة، علي انة الأديب والمفكر والخبير الاستراتيجي ..الخ .؟   على انه خلوق ومؤدب مع انه مستودع للآمراض النفسية والعقلية ، والتشوهات الفكرية  الخفية يكفي وحده لتدمير قارة لو مسك سلطة…!!

مرة كتب معلق  وأرى الواقع أمامي”

اذن ما الحاجة لمراكز بحث ودراسات ..!نحتاج الى أسئلة عن المستقبل أكثر من الحاجة لأجوبة جاهزة،

ومن لا يطرح سؤال المستقبل لا يعيش الحاضر ولم يفهم الماضي…!

من الغريب إننا نعيش عصر تهديد وفناء للكرة الأرضية.من تغيرات المناخ والاحتباس الحراري .والحروب الدائرة. ونظام دولي يولد من رحم  ضربات  واوجاع “وباء  كوفيدا 19″عصف بالبشرية من رعب وخوف ،وصعود اليمين المتطرف في الدول الأوروبية وغياب نظام دولي يحافظ علي السلم العالمي بديلا عن  الحروب .قدرنا بين خيارين :- غضب الطبيعة من كوارث وأوبئة ومجاعات وتصحر

.  وشح مائي  وبين الموت بالرصاص أو على مشنقة…..!!

:محمد سعد عبد اللطيف ”

كاتب وباحث مصري في الجغرافيا السياسية”””

الاخبار العاجلة