بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ،يوليوز ،أكادير،2023
المقال (52), 2023.
ماكان لعيد الأضحى أن يكون الاستثناء بين كل محطات الاعياد والمناسبات ،لذلك ركب بدوره موجة الغلاء ،وأعلن الريادة في الأثمنة .
أكباش سمان غلاظ لا أحد يعرف من أين كانت تأكل وماذا تأكد ،فالسنة سنة جفاف ،والغلاء يصيب الأعلاف ، لكن الإنتاج كثير و الحجم والوزن كبير ،كبير !!
في الضيعات تباع الاضاحي بأثمنة جد مناسبة ،قبل ان تبدأ رحلة الوسطاء ،من صاحب الشاحنة ومساعده ،و إتاوات الطريق (!) ، وصولا إلى مدخل السوق مالم يتعرض الشاحنة وسيط في الطريق .
قبل ولوج “الرحبة ” يسدد للمكتري مبلغ مالي عن كل رأس ماشية ،تشكل هذه الرسوم مصدر دخله ومنها يسدد للجماعة الكارية رسوم الكراء .
غالبية الشاحنات تصل صباحا باكرا ،وما إن تقف في بهو “الرحبة” حتى يبدأ “الشناقة” في المزاد العلني قبل وصول المواطنين.
الاكباش التي قد تخرج من الضيعة ب ثمن معقول تتحول الى الضعف قبل أن تصل الى المواطن . وسبب ذلك كثرة الوسطاء الذين لا تريد الدولة محاربتهم لأنهم جزء من السلسلة الغذائية ،و طابور من طوابير الحالات الاجتماعية التي لا تعرف العيش سوى عن طريق الوساطة في كل ما يباع ويشترى .
المواطن الذي يعيش في وسط اجتماعي له حساباته وإكراهاته بين أهل قد يكونوا متساهلين او محرضين على الغلو . واطفال يريدون ان يفرحوا مع اقرانهم ،وزوجات يردن الحفاظ على ماء الوجه وسط نساء العائلة أو الحي و الدوار .
مخطئ من يعتقد ان إقبال الناس على أضحية العيد هو القيام بسنة تحولت الى واجب ديني ، لأن الأصل في السنة الاستطاعة ، والأصل في الدبح توزيع أكثر من نصف لحمها للمحتاجين.
فوالله لو كان المسلمون يطبقون شريعة الله وسنة رسوله وتصدقوا بلحوم الأضحية. لما كان كل هذا اللغط و الجدال حول شعيرة دينية مثل باقي الشعائر .
هذه السنة نحن امام وضع غاية في التعقيد ، مرة أخرى تختار الحكومة الليبرالية ان يكون الدعم موجها لدرعها الإقتصادي وهم تجار الأضحية ، فقامت بدعم الاعلاف ودعم استيراد المواشي من الخارج ،وعززتها وغلفتها بشعارات للاستهلاك من قبيل المراقبة و التوزيع العادل بين الجهات .
غالبية الماشية التي تم استيرادها بإجراءات تفضيلية لم تجد طريقها الى الأسواق ،وغالبيتها تم حجزها بالضيعات حتى يمر العيد لتوجه للدبح مما يزيد في هامش الربح ،وفي نفس الوقت وبشكل تضامني يفسح المجال لبيع الاضاحي المغربية ولو بأثمنتها الغالية .
الفرق بين الليبراليين الماسكين بدواليب العجلة الاقتصادية مقارنة مع الرعاع من المواطنين البسطاء ،أن الفئة الأولى تتضامن وتنسق و تخطط و تضبط ايقاع الاقتصاد بين العرض والطلب في جو من المنافسة ،
اما المستهلك فيبدو انه بهيمي في سلوكه ،مسجون بعادات وقيم مجتمعية بالية ، و مؤطر بتشريعات دينية تم تحريفها وتزييفها في جو من النفاق الديني والاجتماعي.
لو كان يوم العيد الغرض منه القيام بالسنة ،فإن امير المؤمنين يدبح اضحيتين واحدة له وواحدة تغني اي مواطن غير قادر على اقتناع الأضحية .وبذلك تتحقق السنة .
ولو كان يوم العيد الغرض منه اكل اللحوم والشواء و الطهي و الاكل ،فإن مقدار عشر كيلوات من اللحم و لوازمه من كبد وقلب ورأس كافية ان تحول البيوت الى ضباب كثيف من الدخان !!!!
اما وواقع الحال ،عندما يكون العيد للتباهي الإجتماعي والنفاق الأسري ،و العرف المجتمعي ،فإن هذا هو اكبر الآليات الجهنمية التي توظفها الليبرالية المتوحشة لجني المال على حساب المشحونين بالايديولوجيات و الخلفيات الدينية والعقد النفسية و الاعتبارات الطبقية ….
إن منطق الأمور يجعل من إقتناء أضحية العيد بنصف أجرة الموظف المنتسب للسلاليم العليا ،وضعف أجرة العامل والموظف من السلاليم الدنيا ،هو عملية تحدث الإختلال في الأسرة و المجتمع على مدار باقي شهور السنة . وتنتج عنها كوارث إجتماعية و تفشي الإحساس بالدونية والمظلومية التي تولد الكره والبغض و الإحتقان الإجتماعي .
فماذا نحن فاعلون ؟
عندما إقترحت أن لا اقتني أضحية العيد هذه السنة حتى لا اتحول الى ضحية ، كان الأمر يبدو حسابيا أمرا معقولا ومنسجما مع مدخولي كموظف ، وعندما تفتح النقاش مع محيطك يأتيك الرد الجاهز :” الله ما كايخيب” و “كلشي برزقو” و”لي مشات اليوم في الحولي يخلفها الله في غيرو”….
لا يمكنك الخروج عن الإجماع ولو فيه تهلكة ،لإن المجتمع وضع قوانينه: إذا عمت هانت ، وكل دابة في الأرض إلا وعلى الله رزقها ،
نعم ،نحن ضحايا الأضحية ، وإذا أفدى الله إبراهيم بكبش كي لا يدبح إبنه ،فإننا ندبح في كل عيد و نحن نبحث عن كبش لندبحه !!!!
لقد كسر ابراهيم عليه السلام الاصنام ليدعوا الناس لعبادة الله تعالى ، وفي زمننا نحتاج لمن يكسر صنم الطقوس والاعراف المحيطة بعيد الاضحى واضحية العيد حتى تعود الى اصلها كسنة بلا إفراط ولا تفريط .
الوصفة الواقعية:
– دوارة ب 150 درهم للقطبان والتقلية.
– 3كيلو هبرة ب 300 درهم للقطبان والشواء
– معزة حجم متوسط 1000 درهم للسنةالنبوية والشعيرة الدينية .
– مشروبات و مكسرات ،50 درهم .
المجموع : 1500 درهم
فهل تعتبرون ؟
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.