ما فتئ يتأكد منذ مطلع الألفية الثالثة أن الإرهاب أصبح ظاهرة قارة في سماتها، متطورة في آلياتها ومعولمة بغض النظر عن الخصوصيات الثقافية للمجتمعات أو الدول. وإذا كان هذا الخطر قد امتد ليستهدف بعض دول أوربا و: و م أ، وحتى روسيا، والصين، فإنه يبدو تحديا وجوديا بالنسبة للمجتمعات والدول المغاربية، ناهيك عما يجري في عدد من الدول العربية. يتطور الإرهاب كالسرطان تماما، فحيثما برزت بعض مظاهر الضعف، في كيانالمجتمع أوالدولة إلا و تناثرت خالياه القاتلة وامتدت.
يدرك زعماء الجماعات الإرهابية هذه الحقيقة جيدا،ولذلك تحظى عندهم مرحلة”إدارة التوحش” بأهمية خاصة، فيبثون خالياهم لكي تعشش في المجتمعات المأزومة، بصورة خاصة عندما يفضي فشل الدولة إلى فقدانها القدرة على القيام بمهامها الأساسية، وعلى تحصين مجتمعاتها،كما هو الحال عليه اليوم في العراق وسورية وليبيا واليمن، حيث نجحت هذه الجماعات في االنتقال من “إدارة التوحش” إلىما تسميه بمرحلة “الشوكة والنكاية”… أي احتواء الكتلة االجتماعية التي تشعر بالإحباط أكثر من غيرها، واستعمالها في حربها المقدسة من أجل تمزيق المجتمع، وإسقاط الدولة، وبناء مشروعها السياسي على أنقاضهما. عندما نعود إلى جذور الظاهرة، في بداية القرن، يبدو واضحا أن عوامل ومفاعيل متعددة وقفت من وراء هذا السرطان، سواء تعلق األمربأدوار القوى الكبرى التي استعملت اإلرهاب كأداة لتعزيز نفوذها، أودول المحيط التي تريد استنزاف المنطقة العربية في حروب ال تكاد تنتهي، تضاف إلى ذلك صراعات دول الإقليم، المبررة وغير المبررة، إلى جانب الإستبداد، وغياب الحكامة، وتجذر الثقافات المحافظة في المجتمعات المغاربية والعربية، وتقاطعها، في سياق العولمة، مع تكلس واستدامة ألإحباط السياسي، وانعدام ألأفق وتزايد اللجوء إلى العنف. من هنا فإن أية مقاربة إشكالية الإرهاب يجب أن تراعي أولا أن الأمر يتعلق بظاهرة معولمة، لا يمكن معاجلتها إلا ضمن رؤية شمولية، في زمن انهارت فيه الحدود الجغرافية، وامتد فيه الفضاء الإفتراضي لكي يلج كل بيت، وانجل تفيهم ظاهر الصراع الثقافي، وغاب فيها أو يكادأي جهد منهجي لرأب الصدع الإقتصادي والإجتماعي، وللتجسير بين ثقافات العالم. إن اإلرهاب، بالصورة التي نراه عليها اليوم، ال يهدد تطلعات المجتمعات إلى االستقراروالتنمية في كل بلد مغاربي بلد فقط، ولكنه ينذر بمخاطر الفتن والحروب، وانهيار ما بنته مجتمعاتنا في عقود من الزمن. في ظل هذه المعطيات ترتسم عدد من التساؤالت؛ كيف يمكن للمجتمعات المغاربية أن تحصن نفسها ضد هذه اآلفة؟ ما هي المهام التي يجب أن تقوم بها الدول؟ وما هي تلك التي يجب أن تضطلع بها المجتمعات؟هل هناك أولويات مشتركة أم إن لكل قطر أولوياته؟ هل ال زال للمشروع المغاربي حضور في ذهن المغاربيين حيال هذه الإكراهات الطارئة أم إن هذا الحلم ربما أصبح طرفا أمام التهديدات التي تحيط بالدولة الوطنية نفسها؟
بالمقابل وبالنظر إلى عدوائية الظاهرة، أليس من الخطإ تصور أنه بإمكان كل دولة، وكل مجتمع على حدة، أن يقود معركته الخاصة ضد الإرهاب، وأن يعمل على إطفاء النار في بيته حتى ولو ظلت مشتعلة لدى الجيران؟
أليس من الضروري تعضيد الموارد والوسائل والآليات للوقوف في وجه هذا الخطر الداهم، وتجفيف ينابيعه بتمنيع المجتمعات؟ كيف يمكن إقناع الفرقاء والفاعلين الإقليميين بحيوية هذه المقاربة؟
وهل يمكننا تحويل ظاهرة اإلرهاب من تهديد إلى فرصة إلعادة إطالق وتحفيز المشروع المغاربي؟
وفي هذه الحالة: ما هي الأولويات؟
من هي الأطراف التي يمكن أن تأخذ المبادرة؟
وما هي المجالات التي ينبغي أن يشملها التنسيق؟
المنتدى المغاربي السابع المحاور المقترحة:
ـ الإرهاب وتعريفاته: بين القانون والمواثيق الدولية ومصالح الدول
ـ الإرهاب، النشأة والتطور: من الإقليم إلى التعولم
ـ الدول المغاربية أمام خطر الإرهاب: دراسة حالات ـ الإرهاب في المنطقة المغاربية أية خصوصيات؟
ـ الإرهاب: العدوى وضرورة المعالجة الإستراتيجية
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.