جاء تطبيع العلاقات بين القطرين الشقيقين موافقا لأماني ورغبة العديد من دول القارة الإفريقية ، خاصة تونس و الجزائر و السنغال … كما جاء مستجيبا لطموحات المغرب في إسترجاع صحرائه الخاضعة آنذاك للهيمنة الإستعمارية الإسبانية ، ولموريتانيا دور يكمن أن تلعبه في الإتجاه الإيجابي للأماني المغربية ، كما لعبت منظمة الوحدة الوحدة الإفريقية دور غير مباشر في خلق القناعة لدى المغرب بالأمر الواقع . وقد أجمع جل المراقبين على أن الطابع الشخصي و قضية الصحراء هو أبرز ما ميز العلاقات المغربية الموريتانية بعد الإعتراف الرسمي المغربي بإستقلالها ، وتعد مرحلة السبعينات الحلقة الذهبية في هذه العلاقات ، نظرا لأن المغرب و موريتانيا صارا شريكين في قضية الصحراء و الدفاع عنها ، سواء كان ذلك بالطرق الدبلوماسية أو العسكرية ، فالتقارب المغربي الموريتاني كان مرتبطا بشخص الرئيس الموريتاني المختار ولد داداه ، والملك الحسن الثاني ، كما تعد قضية الصحراء مقياس للحرارة بين دول المغرب العربي في عموما ، والمغرب وموريتانيا خصوصا ، فقد عزى جل المراقبين التحول في علاقة المغرب و موريتانيا المفاجئ من عدم الإعتراف إلى العلاقات الحميمة والتحالف ، وهذا ما نتج عنه إستدعاء الملك الحسن الثاني للرئيس الموريتاني حضور مؤتمر رؤساء الدول الإسلامية ، الذي عقد بالرباط في سنة 1969 ، وإتفق الزعيمان على هامشه إلى إعادة العلاقات الموريتانية المغربية إلى الوضع الطبيعي ، وهو ما حدث في 17 فبراير 1970 ، عقب الزيارة التي قام بها وزير الداخلية المغربي آنذاك السيد إدريس البصري رفقة وفد هام إلى موريتانيا ، وقد عملت الحكومة المغربية بتوجيهات ملكية على أن تتم روابط دبلوماسية بتعيين سفير لموريتانيا في الرباط ، وقد تم ذلك في النصف الأول من أبريل 1970 ، وفي مارس من نفس السنة قدم سفير المغرب بموريتانيا السيد قاسم زهيري تقريرا موجزا إلى الديوان الملكي عن مجالات التعاون التي كان يرى ضرورة الإهتمام بها و إتباع سياسة شاملة تكفل مصلحة الطرفين . قضية الصحراء في العلاقات المغربية الموريتانية . يعتبر نزاع الصحراء المغربية من النزاعات الكبرى التي أحبكت خيوطها الأولى في واشنطن ومدريد و باريس ، والتي أزمتها الخلافات البينية بين أقطار المغرب العربي ، بحث وفرت هذه الأقطار المناخ الملائم لنمو و ترعرع هذه المأساة المغربية فهي بالنسبة للمغرب قضية وطنية وفي سبيلها يضحي مغرب بكل شيء ما أنها قضية مبادئ و تقرير المصير بالنسبة للجزائر ، أما بالنسبة لموريتانيا فهي قضية حقوق التاريخية لكن هذه الحقوق ، إذا ما أصبحت مكلفة بالنسبة لموريتانيا تصبح قضية أخرى هي الحياد ، الموقف الذي تقوده مصالح جيوبوليتيكية تتفنن نواكشوط في خدمتها . مرحلة العلاقات المغربية الموريتانية في قضية الصحراء . أدى إعتراف المغرب بموريتانيا إلى دخول هذه الأخيرة منطقة الصراع الجزائر و المغرب حول الحدود من جهة ، وحول الصحراء من جهة ثانية ، مما جعل النظام السياسي الموريتاني يكشف أكثر من أي وقت مضى عن حقيقة سياسته تجاه قضية الصحراء . فمنذ بداية السبعينات أخذت موريتانيا تتجه نحو إقامة توازن بين المغرب والجزائر ، دون أن تلتزم في سياستها الخارجية بأي تحالف ثنائي كما كان الأمر في الستينيات ، لكن سياسة التذبذب بين الجزائر والمغرب جعلت موريتانيا تكسب مواقع وتخسر أخرى فيما يخص قضية الصحراء ، ولكنها ستبقى في النهاية الطرف الخاسر لأنها الطرف الأضعف . ففي لقاء القمة المغربي الموريتاني المنعقد بالدار البيضاء بتاريخ 8 يونيو 1970 ، حيث جاء البلاغ الختامي ل متضامنا في جوهره تغييرا في اللغة السياسية للبلدين تجاه بعضهما البعض ،
من جهة و تجاه قضية الصحراء من جهة أخرى ، فقد جاء البلاغ بم يأتي : ( … إن الطرفين بحثا الوضعية في الصحراء الخاضعة للسيطرة الإسبانية ، وقرر التعاون بكيفية واسعة للإسراع بتصفية الإستعمار عن هذا الإقليم طبقا للوائح الأمم المتحدة بهذا الشأن …) . وفي 30 أكتوبر 1974 ، أدلى الحسن الثاني تصريحا جاء فيه أن ( المغرب و موريتانيا قد إتفقتا على عدم إتاحة الفرصة لأي أحد في القول بأننا غير متفقين ، حول الصحراء الإسبانية ، وسرعان ما سيناقض هذا الموقف طلب الحكومة الموريتانية في مذكرتها غلى الأمم المتحدة في 20 غشت 1974 ، بأن الصحراء خاضعة للإدارة الإسبانية ، جزء لا يتجزء من موريتانيا و أن ( الحكومة الموريتانية لن تكلف |أي أحد للتفاوض نيابة عنها مع الدولة التي تدير الإقليم لقرير مستقبله ) لهذا طالبت المذكرة إضافة إلى ذلك سؤال آخر في الإستفتاء الذي سينضم في الإقليم ، يتعلق بضم الإقليم إلى الجمهورية الإسلامية الموريتانية .كما إستطاعت الدبلوماسية المغربية تبديد مخاوف التطويق من الجهة الجنوبية عبر إستقطاب موريتانيا ، وتشكيل جبهة موحدة إبتداءا من سنة 1974 ، للضغط على إسبانيا للجلاء عن الصحراء الغربية[16] ، من خلال التوقيع على إتفاق مدريد في 16 أكتوبر 1975 ، الذي تم على إثر إنسحاب إسبانيا في السنة الموالية ، وتقسيم الصحراء بين المغرب و موريتانيا ، وهو ما أثنى عليه إعلان الراحل الحسن الثاني في برقية إلى الرئيس الموريتاني ولد داداه . ( نزف لفخامتكم هذا النبأ السار الذي يبشر نهاية الإستعمار وتحرير هذا الجزء من وطننا الغالي الإفريقي ، بفضل الجهود المشتركة الموفقة التي قمتم بها ، ولنا إيمان راسخ ، أن تلك الجهود ستعطي أعظم النتائج الموجودة منها …) إلا أنه بعد إنقلاب 1978 ، الذي أدى إلى وصول العقيد المصطفى ولد السالك إلى السلطة مدعوما من قيادات الجزائر و البوليساريو ، فغير هذا الأخير من موقفه تجاه المغرب عموما وملف الصحراء على وجه الخصوص ، لتدخل العلاقات المغربية الموريتانية مرحلة جديدة إتسمت بنوع من التوتر و التوجس لتتخلى موريتانيا سنة 1979 ، عن الجزء الدي سيطرت عليه عقب الإنسحاب الإسباني عن إقليم وادي الذهب ، مما إضطر المغرب إلى ضم هذا الإقليم إلى سيطرته ، لتنتقل بعد ذلك العلاقات بين البلدين إلى حد القطيعة
بقلم: العاليه امغربلها
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.