كلمة السيد وزير العدل بمناسبة افتتاح اشغال اليوم الدراسي المنظم من طرف رئاسة النيابة العامةحول موضوع إشكالات مدونة السير على الطرق في ضوء العمل القضائي

voltus24 فبراير 2022Last Update :
كلمة السيد وزير العدل بمناسبة افتتاح اشغال اليوم الدراسي  المنظم من طرف رئاسة النيابة العامةحول موضوع  إشكالات مدونة السير على الطرق في ضوء العمل القضائي

                                              

بسم الله الرحمن الرحيم

ـ السيد وزير النقل واللوجستيك؛

ـ السيد وزير التجهيز والماء؛

ـ السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛

ـ السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة؛

ـ السادة المسؤولون القضائيون، السيدات والسادة القضاة؛

ـ السيد ممثل جمعية هيئات المحامين؛

ـ السيد مدير الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية؛

ـ السادة ممثلو المديرية العامة للأمن الوطني والقيادة العليا للدرك الملكي؛

ـ السيدات والسادة ممثلو مختلف وسائل الإعلام؛

ـ أيها الحضور الكريم.

اسمحوا لي في البداية أن أغتنم هذه الفرصة لأعبر لكم عن مدى سعادتي واعتزازي بهذه المبادرة الحميدة المسعى، الطيبة الأثر لرئاسة النيابة العامة، في شأن تنظيم أشغال هذا اليوم الدراسي حول موضوع “إشكالات مدونة السير على الطرق في ضوء العمل القضائي”، والذي يأتي في إطار تخليد اليوم الوطني للسلامة الطرقية الذي يصادف يوم 18 فبراير من كل سنة كمناسبة للوقوف على ما تحقق في مجال السلامة وما ينبغي القيام به لتحقيق مطلب كوني ودستوري وأخلاقي يرمي حماية البشرية.

حضرات السيدات والسادة

لا يخفى عليكم استفحال معضلة حوادث السير وارتفاع تكاليفها اجتماعيا واقتصاديا وما تخلفه من مآسي إنسانية، وفي سياق مكافحة الآثار الوخيمة لهذه الآفة بادر المشرع المغربي إلى التدخل وجمع شتات النصوص القانونية المتعلقة بسير المركبات على الطرق، وسن مدونة للسير تشكل مرجعا قانونيا يحدد حقوق وواجبات مستعملي الطريق، وذلك من أجل تطويق هذه المعضلة والحد من آثارها، وإيجاد الحلول الناجعة لها من خلال الآليات القانونية الموضوعية والإجرائية، دون إغفال الوسائل التقنية التي رصدت لتفعيل مضامين هذه المدونة، التي وضعت رهن إشارة مختلف المتدخلين من أجهزة إنفاذ القانون لضمان الأمن الطرقي للجميع وإشاعة ثقافة جديدة تنبني على الإستخدام السليم والمسؤول للفضاء الطرقي. كما وضعت الحكومة المغربية محاربة حوادث السير ضمن الأوراش الوطنية الكبرى من خلال إستراتيجيات وطنية للسلامة الطرقية (2003/2013 و2017/2026)، وهي استراتيجيات ذات طابع شمولي ومندمج تقوم على إعتماد نظام الحكامة الجيدة وذلك بإشراك مختلف القطاعات الحكومية وغير الحكومية المعنية بالموضوع.

وفي هذا السياق، تساهم وزارة العدل ضمن المجهودات الخاصة بالسلامة الطرقية من خلال السياسة الجنائية عبر أدوات وآليات حمائية على رأسها القاعدة الزجرية كقاعدة قانونية عامة ومجردة وآمرة ملزمة لمخاطبيها، فإضافة إلى مساهمتها في إخراج مدونة السير على الطرق إلى حيز الوجود خاصة ما تعلق منها بالشق الزجري المرتبط بمخالفة احكام مدونة السير، أو من خلال القوانين الإجرائية كقانون المسطرة الجنائية، فإن وزارة العدل تعد من الجهات الفاعلة في هذا المجال على عدة مستويات:

أ- على مستوى عضوية اللجان الخاصة بالسلامة الطرقية.

تعـــــد اللجان الوطنية المرتبطة بمجال الوقاية من حوادث السير مجالا خصبـــــــــــا لمساهمة وزارة العدل في تحقيق السلامـة الطرقية من خلال عضويتها في مجموعة من اللجان كاللجنة المشتركة بين الوزارات للسلامة الطرقية، واللجنة الدائمة للسلامة الطرقية، واللجان الجهوية للسلامة الطرقية، هذا علاوة على عضويتها في المجلس الإداري للوكالة الوطنية للسلامة الطرقية.

ب- على المستوى الإحصائي:

تعتمد السياسة الجنائية قاعدة معطيات خاصة برصد ظاهرة جرائم السير على الطرقات من خلال تجميع الاحصائيات المرتبطة بحوادث السير، لعدد القتلى، وعدد المصابين بجروح بليغة أو خفيفة، مما يساهم في رصد تطور جرائم السير على الطرق سواء من حيث طبيعة الجريمة وأصنافها..، واستثمار لغة الأرقام في جمع أهم البيانات التي تمكن من رسم سياسة جنائية ناجعة وفعالة بهدف وضع الحلول المناسبة للحد منها.

ج- على مستوى تحصيل الغرامات المرتبطة بمخالفات وجنح السير:

وفي إطار تجاوز الإكراهات المسجلة على مستوى تحصيل الغرامات المالية المحكوم بها في قضايا السير، ونظرا للأهمية الكبرى للتنفيذ الزجري في تحقيق الردع المطلوب، ساهمت وزارة العدل بشراكة مع باقي المتدخلين في اتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات في مجال نجاعة التحصيل مما ساهم في الرفع من مداخيل الغرامات المرتبطة بمدونة السير ما بين سنوات 2012 و2019 بحوالي 58%، ويمكننا في هذا الصدد أن نورد أهم التدابير والإجراءات المتخذة كما يلي:

*توجيه الدوريات كالدورية المشتركة بين وزير العدل وبين الخازن العام للملكة والمتعلقة باستيفاء الغرامات التصالحية والجزافية المنصوص عليها في مدونة السير على الطرق،  والرامية إلى الإلتزام بفصل الغرامات القضائية المتعلقة بمخالفة قانون السير على الطرق استنادا للقانون 52.05 بمثابة مدونة السير على الطرق عن الغرامات والعقوبات المالية استنادا للقانون 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية كما تم تعديله، أو الرسالة الدورية المتعلقة بتفعيل برنامج تدبير جنح ومخالفات السير الملتقطة آليا بواسطة الرادار الثابت، والتي تم من خلالها حث كتابات الضبط على ضرورة مراعاة مجموعة من التدابير المرتبطة بالبرنامج المعلوماتي الذي يمكن المدينين في إطار وحدة الصندوق من أداء المبالغ المستحقة لفائدة الدولة بجميع صناديق محاكم المملكة؛

*إحداث وحدة خاصة بالتبليغ والتحصيل وتنزيل هيكلتها بمختلف محاكم المملكة وتكوين لجان محلية على صعيد محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية ومراكز القضاة المقيمين تتكون من تشكيلة متنوعة من أجل تتبع تبليغ وتنفيذ المقررات القضائية، ومناقشة الاكراهات التي تعيق التبليغ والتحصيل، وسبل تجاوزها للرفع من المداخيل وتحقيق النجاعة القضائية المرتبطة بتنفيذ الأحكام؛

*تعيين موظفين قارين ومؤهلين للقيام بمهام التبليغ الزجري والتحصيل، وتنفيذ برامج دورات تكوينية لفائدة الموارد البشرية العاملة بوحدات التبليغ والتحصيل بمختلف محاكم المملكة؛

*إعداد دليل مساطر تحصيل الديون العمومية بكتابات الضبط، وهو أحد أهم نتائج مشروع التنميط والإطار المرجعي الموحد لمناهج العمل في عموم المحاكم استنادا للمقتضيات القانونية، واستجابة للقواعد التدبيرية الحديثة المعمول بها والممارسات الفضلى التي أبانت عن نجاعتها في مجال التبليغ والتحصيل ببعض المحاكم، والرامية إلى تبسيط المساطر؛

*المساهمة من خلال قانون المالية لسنة 2019، في تتميم وتعديل أحكام المادة 138 من القانون رقم 15.97 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية، كما تم تغييرها وتتميمها فيما يخص آجال تقادم دعوى التحصيل وتاريخ بدء احتسابها، وذلك من أجل تحقيق الانسجام بين مقتضيات مدونة تحصيل الديون العمومية وقانون المسطرة الجنائية في ميدان تحصيل الديون العمومية بكتابة الضبط.

د- على مستوى التطبيقات المعلوماتية:

بهدف تحقيق مزيد من النجاعة والفعالية على مستوى المعالجة القضائية بادرت وزارة العدل إلى وضع ومواكبة مجموعة من التطبيقات المعلوماتية الرامية إلى تدبير القضايا المتعلقة بتطبيق مدونة السير على الطرق، انسجاما مع المستجدات التي جاءت بها المدونة المذكورة، وذلك اعتبارا للأهمية المعلوميات، في إطار التوجه العام لوزارة العدل لرقمنة جميع الإجراءات والخدمات المنجزة على مستوى محاكم المملكة، ومن أهم هذه التطبيقات:

1.برنامج تدبير القضايا الزجريةS@j penal 1  ؛

2.برنامج تدبير القضايا الزجرية S@j penal 2؛

3.برنامج تدبير الإحصائيات STATPENAL؛

4.تطبيقية تدبير محاضر المخالفات والجنح المرصودة آليا بواسطة الرادارات الثابتة؛

ذ. خدمة الأداء الالكتروني:

في إطار تجويد الخدمات التي تقدمها وزارة العدل للمرتفقين وكمساهمة منها في تخليد اليوم الوطني للسلامة الطرقية لسنة 2022، وبتنسيق مع كافة المتدخلين في مجال السلامة الطرقية، ولضمان الالتقائية والنجاعة في تحقيق الأمن الطرقي، تم إطلاق خدمة الأداء الالكتروني لغرامات المخالفات والجنح المرصودة بواسطة الرادارات الثابتة، ويتعلق الأمر بنظام الكتروني يمكن المخالفين من أداء الغرامات بطريقة الكترونية، سريعة ومجانية ومؤمنة للمخالفات والجنح التي تم رصدها عبر الرادارات الثابتة والتي تمت إحالتها على المحاكم وصدرت بشأنها أحكام استنفذت جميع الإجراءات الخاصة بها.

هذا وفي إطار تأكيد الاهتمام بأهمية السلامة الطرقية خصصت وزارة العدل العدد الرابعة من مجلة الشؤون الجنائية خلال سنة 2021 لموضوع أهمية السياسة الجنائية في مجال السلامة الطرقية، وتضمن هذا العدد كموضوع رئيسي “السياسة الجنائية ورهان تحقيق السلامة الطرقية”، إضافة إلى موضوعات مختلفة همت رصد توجهات العمل القضائي المغربي في هذا الباب، وكذا محطات تطور التشريع المغربي منذ سنة 1914 إلى حدود يومه، إضافة إلى مواضيع أخرى تناولها نفس العدد، وذلك بغية إعطاء فكرة عن أهمية السياسة الجنائية في برامج السلامة الطرقية وتوجيه القارئ والممارس في هذا الباب، قصد إغناء الساحة القانونية والحقوقية المغربية والمساهمة في بناء فهم قانوني مشترك لكافة المتدخلين والمهتمين بمجال السلامة الطرقية.

ع-على مستوى النصوص التشريعية والتنظيمية

واصلت وزارة العدل خلال سنة 2021 عملها إلى جانب باقي الشركاء تحيين النصوص القانونية المتعلقة بمدونة السير على الطرق ونصوصها التنظيمية، وفي هذا الصدد فقد شاركت في أشغال اليوم الدراسي حول المنظومة القانونية المتعلقة بمجال تدخل الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، وذلك من خلال دراسة ومناقشة المقترحات المقدمة من طرف الوكالة المذكورة وإبداء الرأي فيها، علما أن الوزارة ترى بأن أي تعديل أو تحيين لنصوص مدونة السير على الطرق وحتى يحقق النجاعة والفعالية المتوخاة يتعين أن يك??ن شاملا لكل مضامينها ويجيب عن الإشكالات التي أفرزت الممارسة العملية بمناسبة تطبيق مقتضياتها، نذكر منها على سبيل المثال (تعديل المادة 44 من مدونة السير على الطرق، تعديل المادة 52 من المرسوم رقم 2.10.419 الصادر في 29/09/2010 والمتعلق بتطبيق بعض أحكام القانون 52.05 المتعلق بمدونة السير على الطرق بشأن العقوبات والتدابير الادارية ومعاينة المخالفات، حتى تشمل مخالفات أخرى…).

هذا فضلا عن دراسة وإبداء الرأي بخصوص مشاريع القوانين والمراسيم المحالة عليها سواء المتعلقة منها بتغيير وتتميم الظهير الشريف رقم 1,63,260 بشأن النقل بواسطة السيارات عبر الطرق، أو مشروع مرسوم رقم 2,20,795 بتطبيق المادة 5 من القانون 116,14 القاضي بتغيير وتتميم القانون 52,05 المتعلق بمدونة السير على الطرق، أو مقترح قانون رقم 5,23,21 القاضي بتتميم المادتين 306 و313 من القانون 52,05 بمثابة مدونة السير على الطرق.

ر-المشاركة والمساهمة في الاجتماعات

واصلت وزارة العدل مشاركتها ومساهمتها في الاجتماعات المعنية بالسلامة الطرقية سواء ما تعلق منها بدعم الجهات المعنية بتجميع الاحصائيات المرتبطة بحوادث السير والجولان في المغرب بإشراف من منظمة الصحة العالمية والوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، أو المساهمة في الاعداد لدراسة من طرف منظمة الصحة العالمية حول تنظيم وأداء وكالات السلامة الطرقية، أو المشاركة في أشغال ندوة دولية عن بعد تخليدا للنسخة السادسة للأسبوع العالمي للأمم المتحدة للسلامة الطرقية، هذا فضلا عن المشاركة في تقييم حصيلة حوادث السير خلال سنة 2021 وتحليل هذه الاحصائيات، وتنسيق إجراءات مراقبة السير والجولان على الطرق، علاوة على المساهمة في أشغال الاعداد لنظام معلوماتي لإنجاز المهام الخاصة بالمراقبة الطرقية التي يباشرها الاعوان المكلفين بالمراقبة الطرقية التابعين لوزارة النقل، وكذا مشروع استغلال كاميرات المراقبة كوسيلة لمعاينة مخالفات السير على الطرق.

غ-على مستوى الموارد البشرية واللوجستيكية والتقنية:

تولي هذه الوزارة أهمية بالغة للإرتفاع المرتقب في أعداد المحاضر التي ستتم إحالتها على مختلف المحاكم الابتدائية للمملكة ابتداء من شهر فبراير 2022، حيث من المتوقع أن يتضاعف عدد المحاضر بحوالي ست مرات في أعداد هذه المحاضر، لذلك اتخذت كل التدابير الرامية إلى توفير الموارد البشرية واللوجستيكية والتقنية الكفيلة بنجاح عملية تدبير هذا النوع من المحاضر بالسرعة والفعالية المطلوبتين.

حضرات السيدات والسادة

إن تقييم حصيلة تطبيق مدونة السير على الطرق من طرف مختلف أجهزة إنفاذ القانون وإن كانت قد كشفت عن الانخراط المسؤول في فهم بنودها وحسن تطبيق أحكامها فإن الإشكال لا زال مطروحا بصدد تطبيق بعض مقتضياتها لأسباب تعود إلى عدم صدور بعض النصوص التنظيمية أو إلى سوء فهم بعض أحكامها أو إلى وجود صعوبات تقنية أو عملية.

ولا شك أن أشغال هذا اليوم الدراسي ستسلط الضوء على العديد من الإشكاليات التي تواجه أجهزة أنفاذ القانون بمناسبة تطبيق أحكام مدونة السير على الطرق، كما أنها ستطرح الحلول التي يمكن أن تساعد على تجاوزها في إطار رسم سياسة دعوى عمومية ناجعة  وفعالة في هذا النوع من القضايا بين كافة النيابات العامة و رصيد قضائي مهم وموحد يعكس إرادة المشرع من سن مقتضيات مدونة السير على الطرق.

وختاما، لا يسعني إلا أن اعبر لكم مجددا عن سعادتي بتواجدي معكم في أشغال هذا اليوم الدراسي.

والله ولي التوفيق


اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Breaking News

اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading