وجهت جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان، بمنسقية جهة درعة – تافيلالت، بتاريخ الاثنين للثالث من يناير 2022 ، رسالة إلي السيد رئيس مجلس الجهة، ضمنتها أبرز المطالب وانشغالات المواطنين بهذا المجال الجهوي، الذي لا زال يعاني من خصاص شديد، وله تداعيات قوية على الواقع الاجتماعي للساكنة التي لم تنعم بعد بثمار تنمية الناس، وتأهليهم للمشاركة الجماعية في عمليات النمو مثل ما تحظى به جهات أخرى من التراب الوطني للمملكة.
ولا شك أن هذه الرسالة التي صاغتها النخب المثقفة والوطنية بالجهة، تشكل في عمقها خارطة للطريق، نتمنى أن تجد التجاوب المطلوب من رئيس جهة درعة تافيلالت مختلف الفاعلين في التنمية، وبالأخص في سياق أكدت فيه أعلى السلطات بالبلاد، على الفشل الذريع للمقاربات التي سادت وأنتجت الفقر ووسعت الغنى لدى فئة قليلة من المحظوظين وراكمت البؤس وأغلقت منافذ الأمل.
ودعوة المثقفين اليوم بالجهر بالمطالب، تقتضى فتح نقاش جهوي عن الإمكانيات المتاحة لإقلاع تنموي حقيقي وبمقاربات تستنهض همم الناس كمشروع حداثي يروم التعاطي مع التنمية باعتبارها مسلسلا من عمليات تستهدف تنمية الناس بواسطة الناس من أجل الناس.
فلا نماذج تنموية، يكتب لها النجاح والاستقرار إن لم تجعل الإنسان محورها وغايتها ورحها التي تدور عليه.)
بعد التقدم أمامكم السيد الرئيس بما يليق من تهانينا لكم بمناسبة نجاحكم أنتم و فريقكم في الإستحقاقات الإنتخابية التي بوءتكم رئاسة مجلس الجهة ، يطيب لنا ، من داخل جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان ، عبر كل لجنها الجهوية ، أن نتوجه إليكم بهذه الرسالة قصد تقدير موقف و تسجيل بيان .
السيد الرئيس : لا يخفى عليكم حجم التهميش الذي يطال ثاني جهة بالمغرب مساحةََ ، و التي ترزح تحت واقع تنموي متأخر جدا عمّقته السياسات العمومية المتبعة بالمغرب منذ الإستقلال ، و زاد من حدّته ضعف استلهام بيداغوجيا الحكامة من لدن جل المنتخبين الذين يقايضون انتظارات المواطنين بالإقصاء و الجحود حيال التعاقد الذي تحدّد نتائجه صنادق الإقتراع .
السيد الرئيس : و حيث إن الذكرى تنفع المؤمنين ، فها نحن نذكّركم بأن جهة درعة تافيلالت هي الأكثر هشاشة وفق مؤشرات رسمية متعددة في مقدمتها المؤشرات المعتمدة من لدن المندوبية السامية للتخطيط ، هذا علاوة على كونها الجهة التي تفتقر إلى متر واحد من الطريق السيار ، و تفتقر إلى متر واحد من السكّة الحديدية ، و تفتقر إلى مطار دولي ، و إلى محكمة إدارية ، كما تنعدم فيها أدنى شروط الكرامة الأدمية بدليل الواقع الصحي الذي يجعلها لا تستفيد من الأدنى من شروط الحماية الصحية كالمستشفى الجامعي و كلية الطب ، هذا ناهيكم عن عدم قدرة مختلف المسؤولين مركزيا على استصدار قرار بخلق جامعة مستقلة بالجهة بدل التبعية المخلّة بالمواطنة و باحترام التقسيم الترابي إلى كل من جامعتي إبن زهر بأكادير و مولاي اسماعيل بمكناس !! ، و لكل هذا لا نٌخفي عليكم أن هدر سنوات أخرى في صناعة الوهم و في استهلاك المال العمومي في شراكات البدخ السياسي و استنزاف حلم مليون و نصف المليون من الساكنة لن يؤدي إلا إلى حالة غبن جماعي لا يناسب الوعي المواطناتي الإيجابي الذي يميز ساكنة هذه الجهة ، لدرجة أن أخلاق هذه الساكنة تشكل قيمة مركزية ضمن الرأسمال اللامادي الذي يرفع من رمزية هذه الربوع مقارنة بغيرها .
السيد الرئيس : إن حوامل إملشيل و أنفكو و الطاوس و غيرها من أصقاع الأمل المفقود ، و الطلبة المنتمين إلى القاع الإجتماعي ، و جحافل المعطلين ، و النساء الفقيرات الضامنات لاستمرارية الإقتصاد الإجتماعي التضامني ، كلها فئات انتظاراتها حارقة و أملها يقع على عاتق المنتخبين في كل الجماعات الترابية ، و في مقدمتها مجلس الجهة . و لهذا لا يليق بأي مسؤول منتخب أن ” يغتال ” الحلم الجمعي بتسويف الإنتظارات ، أو بعقد صفقات ترهن المال العمومي في انشغالات وهمية أو في التزامات ” مشبوهة ” بعيدة جدا عن الٱمال الجماعية المشروعة لساكنة الجهة .
السيد الرئيس : إن ما تحمّلته الساكنة طيلة الولاية السابقة من عبث حقيقي تتحمل فيه كل الأحزاب المشكلة للمجلس السابق أغلبية و معارضة كامل المسؤولية أمام محكمة التاريخ ، يحمّلكم أنتم كذلك مسؤولية جمّة و جسيمة على مستوى عدم تكرار الإخفاقات التي خرّبت خمس سنوات من عمر المليون و نصف من ساكنة جهة تعاني كل أشكال التهميش و الإقصاء و التحامل الممنهج بعلة عدم وفاء الفرقاء الحزبيين بتعهداتهم إزاء الكتلة الناخبة لصالح صون كرامة التراب و رمزية ساكنته . و لأنكم تملكون أغلبية مٌريحة تضمن لكم حسن تنزيل المشاريع الكبرى الكفيلة بتحقيق الأدنى من المطالب التي تعبر عنها الديناميات الإجتماعية الرافضة للتهميش و الإقصاء . فإنه ، و تحت طائلة المسؤولية الأخلاقية و السياسية و الديموقراطية ، نذكركم أنكم ستتحملون كامل المسؤولية أمام محكمة التاريخ كذلك في كل فشل قد تٌرتّبه ٱليات اشتغالكم رفقة الفريق لصالح التنمية الترابية المنصفة ؛ و هي ٱليات قد تٌتوجكم بطلا يستحق ألف تتوجيه إذا نجحتم في بناء فعل سياسي تدبيري جريء و غير مٌهدر للزمن التنموي في لقاءات الصالونات المكيّفة و في شراكات استنزاف المال العام وهمََا و تحايلاَ .
السيد الرئيس : إن اغلبيتكم بالمجلس لا تخلو من فاعلين لعبوا أدوارا دقيقة سابقا في معانقة هموم الساكنة ، و في الترافع على مصالحها الفضلى ، و ها هم اليوم إلى جانبكم يتحمّلون مسؤولية كبيرة من موقع المسؤولية التدبيرية في تحقيق الوعود المٌنتظرة ، و عليه حري أن يظلوا أوفياء للمبادئ ، و إلا فسيؤكد التاريخ بالملموس أن خطابات الأمس القريب كانت فقط حصان طروادة للتموقع في حضوة الإمتيازات على أشلاء ٱهات و عذابات بني جلدتهم من ساكنة الجهة . لذلك فالمسؤولية جسيمة جدا و لا تتحمل الإستقواء بالحضوة في الإنتماء الى الحزب الأغلبي على أنقاض جهة تكاد تكون منكوبة مقارنة مع الإيقاع التنموي الحاصل في الجهات الأخرى من المغرب العزيز ، لذلك لا يليق البثة استهلاك الزمن التنوي في شراكات الترف السياسوي ، و في اتفاقات البدخ الحزبوي ، و في لقاءات مٌغلقة تنتهك الحق في الولوج إلى المعلومة بمنطق عبثي قائم على سرية الدورات !! بما سيحول الجهة نتيجة لذلك من صرح دستوري ديموقراطي تمثيلي تداولي إلى وكالة بيروقراطية أو إلى مؤسسة إدارية جافة تستئصل كل فرص التداول الديموقراطي لصالح تنزيل التنمية الترابية لصالح عموم المجتمع الجهوي .
السيد الرئيس : نؤكد لكم و لكل أعضاء الفريق المشكل للأغلبية المطلقة جدا بمجلسكم الموقر ، أن النزاهة الفكرية و الإستقامة الحقوقية تسترعي لزوما مواكبة عمل المجلس لصالح تفعيل الأدوار المنوطة بنا حقوقيا بمقتضى الوثيقة الدستورية و بقوة كل مضامين القانون الدولي لحقوق الإنسان ، و بناء على ما ورد من توصيات حماية مناضلي حقوق الإنسان في ثنايا الإتفاقية الدولية لمناهضة الفساد . و عليه فإننا سنعمل عن كثب على مواكبة مجالات صرف المال العمومي و منهجية بناء الشراكات ، مؤمنين أن كل منهجيات الترافع مٌتاحة أمامنا بقوة القانون من مدخل الديموقراطية التشاركية للتعبير إما عن التثمين و التحفيز لكل النجاحات التي ستكون نتيجة لمجهوداتكم ، أو عن الرفض و التنديد بكل تماطل قد يطال تنزيل برامج التنمية لحسابات في نفس يعقوب ، مٌبدين مبدئيا حسن النية إلى أن يظهر العكس ؛ و نحن نتولى الظهائر و الله يتولى السرائر .
السيد الرئيس : إن الدولة مكّنت كل الجماعات الترابية من صلاحيات واسعة ، و خصّصت للسادة رؤساء المجالس تعويضات سمينة من أجل توفير كل شروط حسن الأداء خدمة لتطلعات المواطنين ، و تحقيقا للتنمية المنشودة من لدن صاحب الجلالة و كل مكونات الشعب . و عليه لا يجوز تحت أية مبررات هدر فرص النماء أو ” اغتيال ” الحق في التنمية تحت وقع انزاياحات سياسوية قد تولد من رحم التأويل الأغلبي للسلطة على نقيض مباديء الحكامة الجيدة . و عليه نتوجه إليكم مباشرة ، من موقعنا كمنظمة حقوقية وطنية مستقلة بمنسقيتها بالجهة ، بهذه الرسالة قصد تذكيركم بقوة الأسئلة التنموية الحارقة التي تقض مضجع عموم ساكنة الجهة ، و تحديدا المستضعفين من الحوامل الفقيرات ، و من المعطلين المحرومين من فرصة العمر ، و من اليد العاملة التي لا تطلب سوى فرصة عمل بسيطة لضمان رغيف الخبز ، و من المرضى الذين يريدون فقط طبيب القرب بمحاذاة مداشير الفقر و الغبن ، و من الطلبة الذين يريدون جامعة تجوّد شروط البحث العلمي ، و من مستضعفين يريدون فقط مسالك تربط مداشير الفقر المٌدقع بالمراكز الشبه الحضرية ضمن الأقاليم الخمسة بالجهة .
السيد الرئيس ، ختاما أنتم ملاذ هذه الساكنة التي منحتكم فرصة الإستفادة من راتب يعادل راتب وزير ، و من تعويضات سمينة ، و من سيارة فارهة ، و من حضوة رفيعة ؛ مقابل خدمتها بوفاء و إخلاص احتراما لقدسية السيادة الشعبية التي منحتكم سلطة التدبير على رأس هذه الجهة عبر شرعية صنادق الإقتراع . و عليه لا يجوز شرعا و ضميرا و سياسة هدر دقيقة وحيدة من الزمن التنموي ، و لا يجوز كذلك هدر درهم واحد من المال العام في لقاءات البدخ السياسوي ، أو في لقاءات الترف التدبيري على أشلاء الحلم الوردي بجهة لا تضمن الأدنى ضمن شرعية المواطنة التي تؤكد على أهمية حقوق الساكنة الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية و البيئية في ضمان شروط عيش مناسبة و غير مٌخلة بالكرامة الأدمية . و الله نسأل أن يوفقكم لخدمة الصالح العام احتراما لقدسية التعاقد الديموقراطي الذي جعلكم رئيسا للمجلس ، و تقديرا لحٌرمة المال العام ، و انتصارا لبني جلدتكم من مواطني الجهة التي تفتقر إلى كل شيء سوى إلى الفائض من رصيد الإقصاء و التهميش .
و حسبنا نهاية أن التاريخ محكمة للشعوب و الأفراد ، و ما ينبؤكم مثل تاريخ السيد الرئيس ، و الله الرقيب على أعمالكم و أعمالنا ، و هو سبحانه على كل شيء وكيل .
حررت بالرشيدية يوم الإثنين الثالت من يناير 2022 ، عن المنسقية الجهوية لجمعية الدفاع عن حقوق الإنسان .
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.