السيناريوهات المحتملة لحل قضية الصحراء المغربية

voltus25 أبريل 2018آخر تحديث :
السيناريوهات المحتملة لحل قضية الصحراء المغربية

قال الحسن الثاني مخاطبا الشعب المغربي : ” المغرب مستعد ليبقى واقفا وصامدا الشهور والسنين ، ولكن لن يتنازل عن مطالبه ، لا بد ان نبقى ’متّحدين كرجل واحد فيما يخص مطالبنا الترابية ، ذلك هي اساس مستقبلنا ، وإن احسن شيء وأحسن ارث سنتركه لأولادنا وأحفادنا ، هو ان نترك لهم مغربا يتوفر على ’متنفس ، وليس مغربا مضغوطا عليه ، وليس مغربا مخنوقا ، لا ، بل مغربا له ’متنفس ، ويمكن لرئتيه ان تتنفّسا بكل حرية كما اراد طولا وعرضا “
” ان قضية الصحراء بالنسبة للمغرب قضية حياة او موت ” ” إن اسبانيا تسير الى اقرار نظام الاستقلال الداخلي ، ونحن نعلم طبيعة هذا الاستقلال الذي يبقي السياسة الخارجية والدفاع بين ايدي الدولة المحتلة ، فإذا اتجهت اسبانيا هذا الاتجاه ، فأنا كمسئول عن وحدة البلاد من جهة ، وصيانتها من اخطار المستقبل من جهة اخرى ، اصرح لشعبي ، واترك هذه وصية لكل مغربي حر ، أنه لا يمكن تنصيب دولة مزيفة لا حقيقة لها في جنوب بلادنا ، لأنه من الوجهة الاستراتيجية ، ومن الوجهة الهيدرولوجية ، ومن وجهة المنافذ على المحيط الاطلسي لا يعقل هذا ، لأنه سيكون خطرا مستمرا على سلامة بلادنا وحرمتها ، وعلى ابناءنا ومستقبل ابناء ابناءنا ” .

ان هذه التصريحات التي هي في الحقيقة فتاوى ملزمة لكل مغربي حر أبيّ ، هي الجواب الشافي والصحيح عن الوضع الحرج الذي توجد عليه قضية الصحراء المغربية ، حيث تكالبت الذئاب على قصعتها لفصلها عن الوطن الام ، وتكوين ’دويلة قزمية تفتقر لمقومات الدولة كما يحدد ذلك القانون الدولي . ان تكالب الاعداء والمغرضين والأفّاكين على الوحدة الترابية للمملكة المغربية بحج واهية مثل حقوق الانسان غير الموجودة بالغرب الامبريالي ، دليل ساطع على المشروع التخريبي الصهيو – غربي المستهدف للعالم العربي منذ النصف الاخير من القرن الماضي ، وهو ما تم التعبير عنه في المصطلحات الغربية ب ” الشرق الاوسط الجديد ” الذي أ’جهض في منتصف الطريق بفعل المقاومة الشعبية التي تصدت له على اكثر واجهة وميدان . لذا فان مشروع تقسيم المغرب بفصل صحراءه عنه ، هو تكملة لهذا المشروع الذي رسم بدايته شرقا ، والذي كان احدى تجلياته الساطعة الحرب على العراق وتقسيمه الى ثلاث دول متعارضة ، وتفتيت ليبيا التي تخضع لسيطرة الجماعات الاخوانية والسلفية التي تحضر لمشروع قروسطوي موغل في الفاشية ، وما تتعرض له سورية اليوم من محاولات للتدمير الممنهج قصد الوصول الى تشتيتها وتفتيتها بما يبقي على اسرائيل عراب الغرب الامبريالي ، هذا دون نسيان مصر المهددة بالحرب الاهلية اضافة الى تقسيمها الى بلاد نوبة في الجنوب والأقباط في الوسط ، واليمن الذي سيقسم عنه جنوبه مثلما كان الامر قبل الوحدة ، اضافة الى استعداد شيعة البلد الى الانفصال مما يهدد مستقبل آل سعود بحكم جوارهم لليمن ، وأما السودان الذي انفصل عنه جنوبه ، فهو لا يزال مهدد ا بالانفصال في دارفور و بأبيي ومناطق اخرى متنازع عليها بين الحكومة وبين الانفصاليين . ان قضية الصحراء المغربية المفتعلة هي جزء من هذا المخطط التخريبي المشاهد في واضحة النهار ، فهل لا تزال جامعة الحكام العرب تتسع لمقعد ما يسمى ب ” الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية ” ؟
فهل سيقبل المغرب الذي صرف اكثر من 190 مليار دولار على الصحراء ان تنشأ على حدوده دويلة وهمية تفتقر الى مقومات وجود الدولة ، وتفصله عن حدوده مع موريتانيا ، وتقف حجرة عثرة امام امتداده الطبيعي الافريقي ؟

ان خطاب العاهل محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية التشريعية الذي قال فيه ” .. لا ينبغي الافراط في التفاؤل ” ” .. لا شيء قد تم حسمه ” ، يصدح جهرا بالوضع الخطير الذي توجد عليه القضية الوطنية ، وأرجعها من ثم الى نقطة الصفر التي سبقت سنة 1974 ، بسبب تهافت دول مجلس الامن الذين ’يديّلون كل مرة قراراتهم بالعبارة المنسوخة والمتكررة ” ايجاد حل متوافق عليه بين الطرفين يؤدي الى تقرير مصير شعب الصحراء الغربية ” ، وموقف البرلمان الاوربي والإدارة الامريكية ، اضافة الى جمعيات حقوق الانسان الصهيونية من هيومان راييس ووتش الى منظمة العفو الدولية ، فإن هذا التكالب
سيزيد المغرب بفضل مشروعية قضيته ، صمودا ومواجهة وتحديا للمؤامرات المحبوكة التي تستفيد من واقع التشرذم والتشتت ضمن مخطط سايكس بيكو جديد بالمنطقة . لذا يمكن القول ان هناك سيناريوهات وهناك مخطط رهيب شرع في تنفيذه منذ عشر سنوات خلت ، وفي غفلة عن الماسكين بملف الصحراء الذي استعملوه في تحقيق ثروات طائلة ، فحان الوقت الآن لتقديم الحساب عمّا اقترفته ايديهم من اساءة للوطن والشعب وللقضية الوطنية ، إذ لا يعقل ان يظل المغرب بلد الافلات من العقاب .
1 — ) السيناريو الاول : وهو ما يردده الاعداء وهم مقتنعون به ، وبما فيهم بعض اعضاء مجلس الامن الدولي ، هو التسليم في القضية على الطريقة الموريتانية والتراجع عنها ، وهذا حل انهزامي مؤداه دفع الرباط الى تغيير استراتيجيتها بسبب حرب الاستنزاف القادمة ، وبسب التكاليف الباهظة التي تصرف يوميا في الصحراء ، وبسبب المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي يعاني منها الاقتصاد المغربي مثل اقفال المصانع والمعامل وتشريد العمال وتفشي البطالة وسط حملة الشواهد الجامعية العليا … لخ ، وهذا يعني ترقب هزات شعبية عنيفة قد تصل الى حد تهديد وجود النظام مثل احداث 1981 بالدارالبيضاء ، وأحداث 1984 بمراكش وبالمدن الشمالية ، وأحداث فاس سنة 1990 ، فيما اذا كانت هذه الاحداث شاملة وغطت اغلبية المدن المغربية الكبيرة ، لأن الاوضاع يستحيل ان تبقى كما هي إذا لم يقدم النظام على خطوات جريئة وشجاعة واستباقية لمعالجة المشاكل المتراكمة .
ان هذا السيناريو الانهزامي مستحيل التحقيق ، لأن المغرب وصل الى نقطة اللاّعودة واللاّرجوع بخصوص القضية الوطنية ، زيادة على هذه الحقيقة ،فإن اي خلل يصيب القضية الوطنية بفعل بعض الاجراءات الخاطئة ستكون له تداعيات خطيرة ووخيمة على المستقبل السياسي للنظام . لذا ففي خطاب المسيرة الاخير ركز الملك على مغربية الصحراء مع تطوير اساليب الادارة بواسطة الجهوية المتقدمة ، وتجاهل خيار الحكم الذاتي الذي مات قبل ان يجف الحبر الذي كتب به ، بل ان خطاب المسيرة غطى حتى على خطاب افتتاح الدورة الخريفية التشريعية .
2 — ) السيناريو الثاني ، ان يستمر الستاتيكو ، وتستمر الحالة على ما هي عليه ، سواء بالنسبة للإدارة المغربية بالأقاليم الجنوبية ، او بالنسبة للعلاقة مع الجزائر العدو المفروض ، او بالنسبة للمواقف المعادية ، سواء على مستوى البرلمان الاوربي او بالنسبة للإدارة الامريكية ، او بالنسبة لمجلس الامن ومبعوثه الخاص الى المنطقة . ان هذا الستاتيكو سيعرف اجله يوما ما ، سواء بخرق وقف اطلاق النار الموقع سنة 1991 من احد الاطراف ، وغالبا سيكون البوليساريو ، او ان يعمد مجلس الامن ، إذا عجز في التوفيق وتقريب مواقف الاطراف ، ان يصدر قرارا بسحب المينورسو ، مع تحميل احد الاطراف المسؤولية في كل ما حصل . وهنا فان قرار مجلس الامن هذا سيكون بمن يصب الزيت في النار ، لأنها ستكون دعوة مبطنة لعدم الاستقرار والعودة الى سنوات السبعينات والثمانينات من القرن الماضي قبل توقيع اتفاق وقف اطلاق النار .
3 — ) السيناريو الثالث ، هو اعلان الحرب الشاملة بالمنطقة لخلط الاوراق ، وارباك الوضع ، ومن ثم خلق انقسام في المواقف بين اعضاء مجلس الامن من طرف مؤيد للمغرب ( فرنسا ) وآخر مؤيد للاستفتاء وتقرير المصير ( واشنطن ولندن ) ، وهو ما سيسمح لكلا الاطراف استعمال الفيتو لتعطيل اي قرار مضر بمطالب احد اطراف الصراع ( المغرب والجزائر والبوليساريو ) . ان هذا السيناريو غير وارد البتة ، لأن المغرب في اراضيه ومحصن بجيشه وشعبه ، وأية حماقة ستقدم عليها عصابة البوليساريو مستقبلا ستكون بموافقة الجزائر التي لا تستطيع في ظروف بوتفليقة المريض ان تدخل في حرب مفتوحة مع المغرب ، لأن هذا سيحملها المسؤولية الجنائية والمدنية ، ومن جهة ، فإذا لم تتوفر بعض المعطيات وتسمح بعض الظروف مثل توسيع رقعة المناصرين للبوليساريو ، وصدور قرارات من مجلس الامن تؤكد فقط على الاستفتاء دون اخذ بعين الاعتبار المقترحات المغربية التي بلغت اقصاها بالحكم الذاتي ، فان حتى البوليساريو التي تأتمر بأوامر عسكر الجزائر لن تستطيع القيام بحماقات عواقبها غير معلومة للجميع . لذا فان هذا السيناريو وفي غياب المعطيات الكافية يظل مستبعدا .
4 — ) السيناريو الرابع ، هو ان يلعب المغرب والجزائر كلاهما على الوقت لخدمة اهدافه والوصول الى مراميه . المغرب يراهن على الزمن الذي قد يفرز قيادة انفصالية جديدة تقبل بالحوار الذي يأخذ بعيد الاعتبار مصلحة الجميع ، في اطار لا غالب ولا مغلوب ، وما دام ان المشكل معقد اكثر من اللزوم ومن عدة واجهات فرضت نفسها في الساحة ، ويستحيل تغييرها او الرجوع فيها ، مثلا ما شيده المغرب في الاقاليم الجنوبية من مدن عصرية ، وهذا الحل لن يكون غير الحكم الذاتي اذا قبل به الانفصاليون ، والجزائر التي قد تراهن من جانبها على الوقت كذلك آملة في حدوث انهيار سياسي بالمغرب ، او حصول افلاس تام للاقتصاد بسبب الاستنزاف والتكاليف الباهظة التي تصرف في الصحراء . ان هذا السيناريو بعيد التحقيق لأن الجزائر التي تقيم حساباتها دائما على اساس المغرب الجار العدو ، شرعت منذ عشر سنوات في تنفيذ مشروع خطير بالمنطقة ، معتقدة انه الوحيد الذي سيجبر الرباط على الانسحاب من الصحراء ، ومن ثم تحقيق حلمها الازلي في الحصول على منفذ مطل على المحيط الاطلسي عقدتها النفسية بالمنطقة .
اذن ما هو المخطط الجزائري الذي يتم بهدوء وعلى مراحل ، وكل مرحلة تتقوى على المرحلة السابقة ، بسبب ما تمليه المعطيات الجديدة على الارض ، وما توفره ظروف الميدان من هفوات او اخطاء تسقط فيها الحكومة المغربية مثل طرد المغربية اميناتو حيدر من بلادها ، والسماح لها بالعودة تحت ضغط المنظمات الاسبانية والدولية .
1 — ) ان المرحلة الاولى من المخطط الجزائري تبدأ بالعمل وفي هدوء على توسيع قاعدة الانفصاليين الذين يتحركون طبق تعليمات الانفصاليين في تندوف .
2 — ) تحريض الساكنة على التظاهر بمناسبة او غير مناسبة ، خاصة عند زيارة المبعوث الشخصي للامين العام للأمم المتحدة ، او بتزامن انعقاد مجلس الامن حول الصحراء ، او بمناسبة زيارة وفود تمثل البرلمان الاوربي او منظمات حقوق الانسان الاوربية او الامريكية مثل مركز كينيدي لحقوق الانسان . ان الغرض من هذه الخرجات اعطاء صورة ، ولو كانت مشوهة للزائرين ، الذين غالبا ما يكونون متضامنين مع اطروحة الانفصال ، بان مطلب الصحراويين بحق الاستفتاء ، هو حق ديمقراطي تؤطره القوانين الدولية وميثاق الامم المتحدة . ومن ثم فان التواجد المغربي بالصحراء ليس اكثر من احتلال ، بدليل عرض النزاع كل مرة على اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار .
3 — ) تطور هذه الخرجات الى مظاهرات مصحوبة بالعنف المفرط من قبل الانفصاليين ، على امل ان تتحول المظاهرات حين تنضج بعض الظروف ، مثل تضاعف قاعدة الانفصاليين ، و الدعم الاوربي والأمريكي وبأمريكا الجنوبية واللاتينية والهند .. لخ الى انتفاضة ( شعبية ) عارمة لإضفاء الطابع الشعبي التحرري عليها تيمنا بالانتفاضة الفلسطينية . لهذا لا تتورع ولا تخجل الجزائر عندما تشبه البوليساريو ممثل ( الشعب الصحراوي ) بمنظمة التحرير الفلسطينية ، وتشبه الصحراويين المحتجزين بمخيمات تندوف بالشعب الفسطيني .
4 — ) تماشيا مع هذا التحول ، وأمام اشتداد الصراع ، فان الخطة اللاحقة هي ممارسة المقاومة المسلحة ( المشروعة ) ، حيث ستتحول العصا الى كلاشينكوف ، والحجارة الى قنبلة يدوية . وهذا يعني تزاوج الانتفاضة الشعبية مع المقاومين محترفي استعمال السلاح .
5 — ) وتماشيا كذلك مع هذا التحول ، الانتفاضة مع المقاومة ، لابد من توقع العودة الى حرب الاستنزاف التي سادت طيلة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي ، وذلك عندما سيعجز مجلس الامن والأمم المتحدة من ايجاد حل يرضي الطرفين معا .
6 — ) ان هذا المخطط الذي شرع في تنفيذه منذ عشر سنوات خلت ، وتعمل عليه الجزائر ليل نهار ، ليس غائبا عن ادهان الدول الغربية التي قد تستغله لفرض الامر الواقع على احد اطراف النزاع ، وبطبيعة الحال الطرف الضعيف في المعادلة . وما دام ان مجلس الامن ’يدلل قراراته دائما بالتنصيص على الاستفتاء وتقرير المصير ، فان الحل لأي حرب ستندلع من اجل الصحراء سيكون نموذجا لحل تيمور الشرقية ، وهو ما يعني فقدان القضية بسبب الدفاع عنها بواسطة محامين غير اكفاء .
اذن ما العمل للخروج من هذا النفق المنصوب ؟ :
1 – ) الاسترشاد والعمل بفتاوى الحسن الثاني بخصوص موقفه الوطني من قضية الصحراء المغربية ، لأن هذه ، اي الصحراء تعتبر صمام امان للمغرب ، لأن جميع السلالات التي حكمت المغرب جاءت من الصحراء ، وسقطت كذلك من الصحراء ، فلا بد من اغلاق الملف بما يوطد الوحدة الوطنية ويقويها ، وما دام ان الخصم الجزائري قد تورط في مستنقع يستحيل الخروج منه بسلام .
2 — ) تقوية الجبهة الداخلية بالتشبث بالقوى التي لها تمثيلية شعبية حقيقية ، وليس الكراكيز والكركوزات الذين افسدوا القيم والسياسة ، وأسسوا للرداءة التي ما بعدها رداءة .
3 — ) يجب على الملك ان يرتبط بالشعب الذي ابناءه الذين يكونون الجيش المغربي والدرك الملكي والقوات العمومية، وحدهم يموتون في الصحراء ، ويسجنون في سجون الجزائر والبوليساريو لمدد وصلت الى 26 سنة ، وليس آل الفاسي او الضريس الرديء تلميذ ادريس البصري والعصابة المافيوزية الظالمة والمعتدية والفاسدة المسئولة عمّا تعانيه القضية الوطنية منذ غير المأسوف عن ذهابه ادريس البصري والى اليوم .
ان الامور جد خطيرة ، واخطر ما فيها نهج اسلوب النعامة في التعاطي مع القضايا المؤثرة في مستقبل المغرب .

ابو نعمة نسيب – كريتيبا – البرازيل


اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

الاخبار العاجلة

اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading