حين تنهار الجدران وتبقى القيم شامخة قصة السيد حسن الذي لم تهزه خسارة ملايير

abdelaaziz6ساعة واحدة agoLast Update :
حين تنهار الجدران وتبقى القيم شامخة قصة السيد حسن الذي لم تهزه خسارة ملايير

متابعه لبنى موبسيط
بين الطموح والخذلان. وبين الحلم والواقع. يظهر بيننا رجالٌ يكتبون قصصهم بالحجارة والعرق لا بالكلمات فقط. ومن بين هؤلاء يبرز اسم السيد حسن. الرجل الذي بنى قصرًا فخمًا في مديونة. سماه البعض قصر الضيافة. وسماه هو حلم العمر.
ست سنواتٍ من الجهد والتعب والسهر. ست سنواتٍ وهو يلاحق الحلم لبنةً لبنة وزاويةً زاوية. حتى أصبح القصر تحفةً معماريةً تجمع بين الأصالة المغربية واللمسة العصرية. استورد المعدات من الخارج. وجلب الحرفيين من داخل البلاد وخارجها. وسخّر كل ما يملك من مالٍ وفكرٍ ووجدان. حتى بلغت كلفة المشروع ستة عشر مليار سنتيم.
لكن القدر كما العادة لا يطرق الأبواب ليستأذن. بل يدخل بغتةً ليهدم ما شُيّد بالسنين في لحظة. جاءت الجرافات. وسقطت الجدران التي كانت قبل ساعاتٍ تلامس السماء. مشهدٌ مؤلم لا يطاق. لا لكونه خسارة مادية فادحة. بل لأنه كسرٌ لشيء أعمق. كسرٌ لحلم. لكبرياء. لسنواتٍ من الكفاح والصبر.
غير أن العظمة لا تُقاس بما نملك. بل بما نقوله حين نفقد كل شيء. وعندما سأله الصحافيون عن شعوره أجاب ببرود المؤمن الواثق. خيرها في غيرها.
جملة قصيرة لكنها كفيلة بأن تُدرَّس في كتب الصبر والرضا. فيها فلسفة الزهد. وهدوء الإيمان. وكرامة الرجل الذي لا ينكسر. فيها درسٌ لكل من ظن أن المال وحده يصنع المجد. ولكل من اعتقد أن السقوط نهاية الطريق.
فالسيد حسن لم يخسر. بل ربح أعظم ما يمكن أن يربحه الإنسان. احترام الناس. وثقة النفس. ورضا الله. ربح درع الصبر الذي لا يُشترى. وربح مكانة الرجل الذي ابتسم وهو يشاهد أحلامه تُهدم أمامه. لأنه يعلم أن الذي رزقه بالأمس قادر على أن يعوضه غدًا.
لقد انهار القصر نعم. لكن بقي قصر الأخلاق شامخًا. وبقيت روحه أنقى من الرخام. وربما أراد الله أن يُظهر من خلاله درسًا لنا جميعًا. أن أعظم القصور هي التي تُبنى في القلوب لا في الأرض. وأن الخسارة المادية ليست سوى امتحانٍ صغيرٍ في مدرسة الحياة. ينجح فيها من يملك الصبر والإيمان.
سلامٌ على السيد حسن. الرجل الذي خسر قصرًا لكنه كسب التاريخ. سلامٌ على من قال خيرها في غيرها. فاختصر كل فلسفة الصبر في ثلاث كلمات.


اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Breaking News

اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading