جامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال تحتضن المؤتمر الدولي للحوار بين الأديان، “نحو أخوة إنسانية حلاً للمشكلات المعاصرة”

رحال الانصاريساعة واحدة agoLast Update :
جامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال تحتضن المؤتمر الدولي للحوار بين الأديان، “نحو أخوة إنسانية حلاً للمشكلات المعاصرة”

نعيمة عتماني:
باحثة في تخصص حوار الأديان، رئيسة قسم حوار الثقافات، “مركز الحكمة للدراسات الدينية وحوار الثقافات و الحضارات” المغرب.

في فضاء أكاديمي يسوده التفاهم والاحترام المتبادل، احتضنت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال، أيام 12 و13 و14 نونبر 2025، المؤتمر الدولي للحوار بين الأديان تحت شعار” نحو أخوة إنسانية حلاً للمشكلات المعاصرة”، بمشاركة ثلة من الباحثين والأكاديميين من المغرب وإسبانيا ودول عربية وأوروبية متعددة.
جاء هذا اللقاء العلمي ثمرة شراكة متينة بين جامعة السلطان مولاي سليمان مختبر والمقاصد للدراسات والأبحاث، وجامعة كومبلوتينسي مدريد إسبانيا في إطار مسعى مشترك لترسيخ ثقافة التفاهم بين الأديان، وإبراز دور الأخوة الإنسانية في معالجة تحديات العالم المعاصر، وإشاعة قيم السلم والتعايش.
يشكل هذا المؤتمر، مناسبة فكرية وروحية كبرى تستحضر حاجة العالم اليوم إلى تجديد مقومات التواصل والتفاهم، في زمن تتعاظم فيه مظاهر القطيعة والتوتر.
كلمات افتتاحية تعبّر عن عمق الرؤية المشتركة
افتُتحت أشغال المؤتمر بكلمة السيد خاليد مهدي رئيس جامعة السلطان مولاي سليمان، الذي أكّد على الأهمية الكبرى التي يكتسيها موضوع الحوار بين الأديان في ظل الأزمات العالمية الراهنة، مبرزًا دور الجامعة في دعم المبادرات العلمية الهادفة إلى بناء الجسور بين الثقافات وتعزيز السلم العالمي.
بعده، ألقت السيدة حفيظة حنين نائبة رئيس جامعة السلطان مولاي سليمان كلمة السيدة سفيرة المملكة المغربية بإسبانيا التي ثمّنت فيها عمق العلاقات التاريخية التي تربط البلدين، وأشادت بالنموذج المغربي في ترسيخ قيم التسامح والتعايش الديني تحت رعاية مؤسسة إمارة المؤمنين التي تحمي حرية المعتقد وتؤطر المجال الديني بروح الاعتدال والانفتاح.
وألقى السيد عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الدكتور محمد بلشهب كلمته، مؤكّدًا أنّ الدعوة إلى الحوار بين الأديان والأخوة الإنسانية تكتسي أهمية بالغة، كونها دعوة قديمة متجددة، متجذرة في الفكر الإسلامي العميق. واستشهد بقول ابن العربي حول وحدة المقصد الإنساني في معرفة الله، مشيرًا إلى أنّ الحوار ليس ترفًا فكريًا بل ضرورة وجودية لحماية الإنسان من الانغلاق والتعصب.
بعد ذلك، تناولت مديرة المعهد الدولي للأديان بجامعة كومبلوتنسي مدريد الحديث، حيث عبّرت عن شكرها العميق لحفاوة الاستقبال ودفء الترحيب، مؤكدة أن هذا اللقاء يمثل النسخة الثانية من المؤتمر بعد دورته الأولى في مدريد، ويعكس عمق الشراكة الثقافية والعلمية بين المغرب وإسبانيا في إطار التعاون الأكاديمي والبحثي.
الدولي للأديان جامعة كومبلوتينسي مدريد إسبانيا، التي عبّرت عن شكرها العميق لحفاوة الاستقبال ودفء الترحاب، مؤكدة أن هذا اللقاء يمثل النسخة الثانية من المؤتمر بعد دورته الأولى في مدريد، وأنه يجسد عمق الشراكة الثقافية والعلمية بين المغرب وإسبانيا في إطار التعاون الأكاديمي والبحثي. وقدّمت تعريفًا بالمعهد التابع لجامعة كومبلوتنسي، مشيرة إلى غناه العلمي في دراسة الأديان وتاريخها، ومعربة عن أملها في أن يُحدث هذا المؤتمر أثرًا طيبًا في العمل الأكاديمي المشترك بما يعزّز روابط الأخوة الإنسانية بين البلدين.
أعقب ذلك كلمة رئيس مركز دراسات المعرفة والحضارة الأستاذ عبد الرحمن العضراوي، الذي رحّب بالمشاركين من مختلف الدول، من بينها مصر، السعودية، الكويت، الإمارات وإسبانيا، منوهًا بأهمية الشراكة بين الجامعة والمعهد الدولي، ومستعرضًا التجربة المغربية الرائدة في مجال الحوار بين الأديان.
واستحضر في كلمته خطاب جلالة الملك محمد السادس بمدينة مراكش سنة 2023 حول حوار الأديان، باعتباره مرجعًا تأسيسيًا في ترسيخ ثقافة التسامح والانفتاح، كما أشار إلى وثيقة الأخوة الإنسانية التي قدمها البابا فرنسيس باعتبارها أحد أعمدة الخطاب الإنساني المعاصر.
ثم تلتها كلمة، مدير مختبر الحوار والمقاصد للدراسات والأبحاث، الدكتور محمد الناصري، الذي توقف عند التحولات الرقمية المتسارعة وما أفرزته من أزمات عالمية عميقة، من كراهية وصدمات وجودية وانحلال قيمي. وأشار إلى أن هذه الأزمات — سواء في الدول المتقدمة أو النامية — تنذر بخطورة الانحراف في تسخير العلم والاعتداء على حقوق الإنسان، مما يفرض إعادة التفكير في سؤال الإنسان والإنسانية.
وأكد أن ثقافة الحوار وأخلاقياته تظل الضمانة الحقيقية لضبط العلاقات الإنسانية، وأن المؤتمر يهدف إلى تحليل منهجي وعميق لمفهوم الحوار وتجلياته في الواقع المعاصر.
الجلسات العلمية: رؤى فكرية في خدمة السلم
تواصلت بعد ذلك الجلسة العلمية الأولى، التي ترأسها الأستاذ الدكتور عبد الناصر أوقسو، بمداخلات نوعية لأساتذة وباحثين من المغرب وخارجه، تناولت قضايا الحوار والفلسفة
والأديان، وثقافة التسامح، واستراتيجيات حل النزاعات.
وقد أجمعت المداخلات على أن الحوار بين الأديان لم يعد ترفًا فكريًا، بل ضرورة حضارية تفرضها التحديات الإنسانية الكبرى التي يعيشها عالم اليوم
وفي ختام الجلسة، ومع افتتاح النقاش العلمي والأكاديمي جاءت مداخلتي بصفتي رئيسة مركز الحكمة للدراسات الدينية وحوار الثقافات والحضارات، عبّرت فيها عن خالص الشكر والامتنان للجنة المنظمة، وعن عمق اختيارها للموضوع، لما يحمله من راهنية فكرية وإنسانية. وأشرتُ إلى أنّ ما نحتاج إليه اليوم ليس مجرد الدعوة إلى الحوار والتسامح، بل تأسيس ثقافة مؤسساتية للحوار تُدمج في التعليم والإعلام والسياسات الثقافية، حتى تتحول الأخوة الإنسانية إلى سلوك يومي متجذّر في الوعي الجماعي.
كما أكدت أن التحديات الراهنة — من تصاعد النزاعات وانتشار خطاب الكراهية — تفرض علينا الانتقال من الخطاب إلى الممارسة، وأن السؤال الذي ينبغي أن يؤطر جهودنا هو:
كيف يمكن للأخوة الإنسانية أن تتحول إلى إطار قيمي يُعيد بناء الثقة بين الإنسان وأخيه
الإنسان، بغض النظر عن الدين أو العرق أو الثقافة؟
لقد جسّد هذا المؤتمر لحظة وعي جماعي بأهمية تجديد الخطاب الإنساني، وإعادة بناء الجسور بين الثقافات والأديان في عالم مضطرب يبحث عن معنى السلام. ومن شأن مثل هذه اللقاءات أن تفتح آفاقًا جديدة نحو حوار حضاري فعّال، يكون فيه الإنسان محور القيمة وغاية الوجود.


اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Breaking News

اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading