بقلم: *عزيز الدروش محلل وفاعل سياسي*
منذ سنوات، والمغرب يغرق في مستنقع المديونية، تحت وصاية البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. هذه المؤسسات تعرف، علم اليقين، أن الأموال التي تُقرض للمغرب لا تذهب إلى التنمية الحقيقية، بل تتحول إلى مصدر إثراء غير مشروع للنخب السياسية والإقتصادية المرتبطة بالسلطة: حكومة أخنوش وحلفاؤه من الجرار والميزان، ومعهم أحزاب سياسية ونقابات وإعلام مأجور.
ورغم ذلك، تستمر هذه المؤسسات في ضخ القروض، وكأنها شريكة مباشرة في مشروع تدمير الإقتصاد الوطني وتفكيك المجتمع المغربي و تغيير ساكنته.
—
تواطؤ داخلي فاضح
الأحزاب السياسية فقدت أي مشروعية شعبية وأخلاقيةو إنسانية، وصارت مجرد دكاكين و حوانيت إنتخابية يحمون مصالح الزعامات مقابل الريع السياسي والإقتصادي والإجتماعي و المناصبوالإمتيازات لهم و لأتباعهم .
النقابات باعت العمال والموظفين، وفضلت مقاعد البرلمانية والصفقات والإمتيازات و أشياء أخرى على الدفاع عن الشغيلة.
الإعلام العمومي والخاص غطى الشمس بالغربال، وشارك في تسويق خطاب *الإصلاحات الكبرى* وهو يعلم أنها إملاءات إستعمارية جديدة.
هؤلاء جميعاً ليسوا فقط شركاء في النهب خيرات المملكةالمغربية، بل خونة للوطن ساعدوا في رهن مستقبل المغاربة و أجيال القادمة للأبناك الدولية و مخططاته التدميرية .
—
هل للبنك الدولي الحق في الحجز على ممتلكات السياسيين؟
من الناحية القانونية، البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لا يحجزان مباشرة على ممتلكات المسؤولين الفاسدين. لكنهما يعلمان جيداً أن القروض التي يمنحانها تُحوّل عبر شبكات معقدة إلى حسابات وعقارات في أوروبا وكندا وأمريكا والخليج.
الحقيقة الصادمة: لو كان هدف هذه المؤسسات حماية الشعوب و تنميتها و تطوير إقتصاداتها لضمان عيش كريم للمواطنين ، لربطت قروضها بآلية واحدة واضحة: إسترجاع الأموال المهربة والحجز على ممتلكات السياسيين والنقابيين والإعلاميين المتورطين خارج المغرب. لكن لأنها تستفيد من بقاء هؤلاء الفاسدين الفاشلين الإنتهازيين المرتزقة الخونة في مواقع القرار، فإنها تغض الطرف لتنفيد و تنزيل مخططاتها الإجرامية في حق الشعب المغربي.
—
ماذا لو عرف المغرب ثورة حقيقية؟
الحلول ليست مستحيلة. لو أن المغرب عرف ثورة شعبية وطنية سلمية، وأفرز قيادة سياسية حقيقية و وطنية نابعة من الشعب، يمكن وضع خطة تاريخية لإنقاذ البلاد:
1 ■■■ *رفض تسديد الديون الكريهة وفق القانون الدولي*، الديون التي لم يستفد منها الشعب المغربي وتعاقدت عليها نخب فاسدة تُعتبر “ديوناً odious debt”، وبالتالي يمكن إعلان عدم شرعيتها.
2 ●●● *إجبار المؤسسات البنكية الدولية على ملاحقة الموقّعين الفاسدين* بدل تحميل الشعب فاتورة النهب الممنهج ، يجب إلزام هذه المؤسسات بحجز ممتلكات السياسيين والنقابيين والإعلاميين الذين وقعوا على القروض وتحولوا إلى أثرياء بالخارج.
3 ■■■ *فتح محاكم مالية وطنية ودولية* لمحاكمة كل من ثبت تورطه في تهريب المال العام، مع إصدار مذكرات إعتقال دولية في حقهم.
4 ■■■ *بناء نموذج إقتصادي سيادي* يقوم على إسترجاع الثروات الوطنية (الفوسفاط، الصيد البحري، المعادن، المحروقات و العقاروأشياءأخرى)، وربطها بالتصنيع والتنمية المحلية لا بالأسواق الخارجية فقط.
5 ■■■ *تأسيس الأحزاب والنقابات والإعلام في خدمة الوطن* عبر تطهير شامل يقطع مع الريع، ويعيد الثقة بين الشعب ومؤسساته.
—
الخلاصة: *من يدفع الثمن؟*
الشعب المغربي اليوم يعيش وضعاً مأساوياً خطيرا: غلاء فاحش و ممنهج ، إنهيار الخدمات العمومية، بطالة مرتفعة جدا، وتراكم ديون تُسجل على أكتافه وأكتاف الأجيال المقبلة.
لكن هذا الشعب يجب أن يعرف أن المديونية ليست قدراً محتوماً. وأن البديل ممكن، لو وُجدت إرادة سياسية وطنية حقيقية تجرؤ على إعلان:
نحن لن نسدد ديوناً وقّع عليها فاسدون الفاشلون.
على البنك الدولي وصندوق النقد الدولي أن يسترجعا أموالهم من حسابات وعقارات هؤلاء الخونة، لا من جيوب المواطنين.
*من المستحيل بناء دولة قوية و ديمقراطية و عادلة بمؤسسات و أحزاب ينخرها الفساد والإستبداد والظلم والحكرة وأشياء أخرى*
*عزيز الدروش – محلل وفاعل سياسي*
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.