في خطوة تجسد بجلاء أهمية التعليم كمدخل استراتيجي لإعادة إدماج السجناء في المجتمع، حققت إدارة السجن المحلي العيون 2 نتائج غير مسبوقة في الامتحانات الإشهادية برسم الموسم الدراسي 2024-2025، وذلك في إطار تفعيل استراتيجية المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، وتنفيذًا لاتفاقية الشراكة الموقعة مع الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة العيون الساقية الحمراء.
انطلقت هذه المبادرة الرائدة من إيمان عميق بدور التعليم في تمكين النزلاء من استعادة ثقتهم بأنفسهم، وتعزيز قدراتهم، وفتح آفاق جديدة أمامهم بعد انقضاء محكوميتهم. وفي هذا الإطار، وفرت الأكاديمية الجهوية عبر أطرها التربوية المؤهلة دروس دعم وتقوية لفائدة نزلاء المؤسسة، ضمن برنامج تربوي متكامل يراعي خصوصيات الفئة المستهدفة، ويطمح إلى تحقيق أثر إيجابي مستدام.
جاءت نتائج الامتحانات الإشهادية لتكلل هذا الجهد الجماعي وتؤكد فعاليته:
مستوى البكالوريا (أحرار):
تمكن 56 نزيلاً من أصل 67 مترشحًا من نيل شهادة البكالوريا، بنسبة نجاح بلغت %83.5، وهي نسبة غير مسبوقة في تاريخ المؤسسة، حيث سجل أعلى معدل في القطب الأدبي 15.76، وفي القطب العلمي 13.36.
مستوى الثالثة إعدادي:
نجح 41 نزيلاً من أصل 61 مترشحًا، بنسبة نجاح بلغت %67.23.
مستوى السادس ابتدائي:
من بين 18 نزيلاً (من ضمنهم نزيلة واحدة)، نجح 16 مترشحًا، بنسبة نجاح بلغت %88.88.
في كلمة بالمناسبة عبر مدير السجن المحلي العيون 2 السيد عبد الله الهبولي عن اعتزازه الكبير بهذه النتائج، حيث قال:
نحن لا نعتبر هذه المؤسسة مجرد فضاء لتنفيذ العقوبة، بل فضاء لإعادة البناء، وإعادة الأمل، وتقديم فرصة ثانية لكل من قرر طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة من حياته. إن النتائج التي حققها نزلاؤنا في مختلف المستويات التعليمية ليست سوى تجسيد حقيقي لهذا التوجه الإصلاحي، الذي يجعل من التعليم حجر الزاوية في عملية إعادة الإدماج.
هذه النتائج، التي تُعد غير مسبوقة، لم تكن لتتحقق لولا الإرادة الصلبة للنزلاء، وتفاني الأطر الإدارية والتربوية، وحرص شركائنا التربويين، وعلى رأسهم الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، على إنجاح هذا المشروع الطموح. كما أود أن أوجه تحية تقدير خاصة للأطر التعليمية التي رافقت النزلاء بكل التزام ومهنية طوال الموسم الدراسي.
و إننا اليوم، ونحن نحتفل بهذه اللحظة، نستشعر حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا لمواصلة هذا المسار، وتعزيز الجهود من أجل تكريس سجن منتج، منفتح، ومساهم في التنمية البشرية، بعيدًا عن الصور النمطية.
نجاح لمقاربة تشاركية ومسؤولية جماعية.
ان تجربة السجن المحلي العيون 2 تشكل اليوم نموذجًا يحتذى به على المستوى الوطني، لما أبانت عنه من قدرة على تفعيل المقاربة التشاركية مع مختلف الفاعلين التربويين، والانفتاح الإيجابي على المحيط الخارجي، وتبني رؤية إصلاحية قائمة على التمكين، عوض الاقتصار على العقاب.
ويُنتظر أن تشكل هذه النتائج دافعًا إضافيًا لمزيد من الانخراط في مشاريع التعليم والتكوين داخل المؤسسات السجنية، بما يرسخ قيم المواطنة ويرفع من مؤشرات الإدماج الاجتماعي والاقتصادي بعد الإفراج.

اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.



