ضفادع الحفر”.. في قيظ السمارة!

Boufdam Brahim29 يونيو 2025Last Update :
ضفادع الحفر”.. في قيظ السمارة!

بقلم: محمدو بيري

حين تترجل عن صهوة طموحك الذي يحدد مكانتك الحقيقية وتنزل نفسك إلى مستنقعات لا تناسبك، سيطالبك سكان القاع بالنعيق، وسيقيسون قيمتك بقدرتك على تقليدهم لا على تفردك! تلك الضفادع الصغيرة التي اعتادت الظل الآسن والبرك الضحلة، تهاب ضوء الشمس وتكره الأصوات الحرة التي لا تصدر من حناجرها.

في مدينة السمارة، حين تشتد الحرارة وتغيب الأشجار والمسابح والفضاءات، لا يعاني الناس فقط من قيظ الشمس، بل من قيظ النفوس. فالنقد هنا لا يُؤخذ على محمل البناء، بل يُستقبل كطعنة في الظهر. وكأن من يحاول رفع الصوت أو تحريك المياه الراكدة، يتجرأ على إرث من الجمود والخوف، فيصبح هدفًا للغمز واللمز، بل ولحملات التشويه أحيانًا.

حرارة المدينة تكشف العراء المادي، لكن حرارة الأجواء الاجتماعية تكشف العراء الأخلاقي، حين يعلو الضجيج على أي محاولة للنقاش، ويُتهم كل من يقترح بديلًا أو ينتقد سلوكًا بـ”الخروج عن الصف”. كيف لا، والطحالب تكره من يغتسل بالنقد؟

إن القاع لا يرحب بمن يحلم بالقمم، والمستنقع لا يسمح للأجنحة أن تنمو. فـ”ضفادع الحفر” لا تكتفي بأن تحيا في ظلام الماء الآسن، بل تريدك أن تتبنى نقيقها، وأن تُشيد بالقاع، وأن تتنازل عن حريتك مقابل القبول بها.

لكن مهلاً… ماذا لو كانت المدينة بحاجة إلى من يشعل شمعة، لا من يبارك العتمة؟ ماذا لو كان الزمن زمن التغيير، لا زمن المجاملة؟ هل سنظل نغمس رؤوسنا في برك القبول وننكر حرارة الشمس، أم نحترف الوقوف رغم القيظ، ونختار السمو ولو احترقنا بنور الصدق؟

إن في السمارة، كما في كل مدينة، حرٌّ يُحتمل، وحرٌّ لا يُطاق. فحرارة الطقس قد نجد لها مروحة أو ظلاً، أما حرارة العقول الضيقة، فهي ما يحتاج إلى ثورة باردة، ثورة تزرع في العقول معنى الطموح، وتروي في الأرواح شجاعة النقد


اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Breaking News

اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading