في عز هذا الصيف ومباشرة بعد الاحتفال بعيد الفطر، إجتاحت الشارع المغربي في مختلف المدن المغربية ظاهرة الاعتداء على المواطنين بالضرب والجرح بواسطة أسلحة بيضاء حادة من مديات وخناجر وسيوف..هذه الظاهرة، المسماة خطأ ب”الكريساج’ لأن هذه الكلمة تعني في اللغة الفرنسية التشحيم بينما المراد بها أن تعني “agression”، استفحلت كثيرا بدافع واحد وهو السرقة واعتراض سبيل المارة ونتج عنها ضحايا كثر من كلا الجنسين. من هؤلاء من أصبح من ذوي العاهات المستديمة التي استوطنت أماكن من الجسد ظاهرة وخفية ومنهم من فارق الجياة على إثر تلقيه طعنات غادرة في أماكن حساسة من جسمه.. ونظرا لخطورة هذه الجرائم، ارتأت جماعة من الناشطين إطلاق حملة فيسبوكية استقطبت في زمن قياسي عددا كبيرا من رواد الفضاء الأزرق، إلا أنها لم تخرج عن نطاق المقاربة الأمنية حيث تمت دعوة جهاز الأمن المسؤول إلى التدخل بكل حزم وقوة للتصدي لهؤلاء المجرمين الذين عانوا فسادا في الشوارع والأحياء وروعوا المواطنين الأبرياء الآمنين وكذا الضيوف والسائحين. ومن الأصوات المشاركة في الحملة الفيسبوكية من دعا إلى إعادة النظر في العقوبة السالبة للحرية التي عوض جزر المجرمين فهي تشجعهم على العودة إلى السجن بعد قضاء أيام معدودة داخل أسواره. وبعيدا عن أجواء هذه الحملة، أقترح أحمد الريسوني، خليفة القرضاوي على رأس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ألا يطال العفو الملكي المجرمين من ذوي السوابق وإنما ينبغي أن يتمتع به معتقلي الرأي ومن له مشكلة مع الملك. وبما أن من كان وراء إطلاق الحملة الفيسبوكية “زيرو كريساج” ومن شارك فيها ليس غرضهم القيام بتحليل سوسيولوجي لهذه الظاهرة المشينة والبحث عن جذورها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وإنما حسبهم التنبيه إلى خطورتها ومدى انتشارها، فلا ينبغي التوجه لهم باللوم والعتاب لاقتصارهم على المقاربة الأمنية المؤدية إلى معاقبة المعتدين وتشديد القبضة عليهم..في الواقع، تسائل هذه الظاهرة الإجرامية الدولة والمجتمع كليهما كلما اعتبرت نتيجة حتمية لتفشي الاغتراب في أوساط الشباب المغربي نتيجة الهدر المدرسي الذي حطم رقما قياسيا عندنا حيث وصل إلى 800 ألف تلميذ غادر مقاعد الدراسة في المرحلة الثانوية وبسبب البطالة وانعدام فرص الشغل واستفحال التفاوتات المجالية و والاجتماعية.
فما هو الاغتراب؟ وما هي مظاهره؟
للإجابة عن هذين السؤالين، يستحسن اللجوء الى يزيد عيسى السورطي الذي يعرف الاغتراب بكونه حالة ذهنية يشعر فيها الشخص بأنه معزول ومنفصل عن ذاته أو مجتمعه أو عن كليهما. أما مظاهر الاغتراب فقد لخصها في خمس نقط كميلي:
1- العزلة الاجتماعية: ونعني الوجود الجسدي والمادي في المجتمع، والانفصال الروحي والنفسي عنه وعدم المشاركة في الأنشطة الاجتماعية، وعدم الرضا عن أوضاع المجتمع ونظمه وقيمه وثقافته والعقليات السائدة فيه نتيجة لانعدام التكيف الاجتماعي أو لضآلة الدفء العاطفي، أو لصعف التواصل الاجتماعي للفرد.
2- العجز: وهو الشعور بعدم القدرة على التأثير في الشؤون الخاصة والعامة، وعدم القدرة على تقرير المصير، او على المشاركة في صنعه، والشعور بحالة من الاستسلام والخضوع والقهر والاستلاب وغياب القدرة على الاختيار.
3- غياب المعنى: أي فقدان الحياة معناها ودلالاتها، وشعور الفرد بأن حياته حالية من الأهداف التي يستحق أن يعيش من أجل تحقيقها وبأنه يفتقد إلى مرشد أو موجه لسلوكه.
4- غياب المعايير: وهو غياب القيم الثابتة في المجتمع، او انحلالها وتناقضها وازدواجيتها، وتقسيرها لمصلحة البعض على حساب الآخرين، وسيطرة مبدإ ” الغاية تبرر الوسيلة”. وكثيرا ما ينتج عن ذلك الفردانية المتطرفة والانتهازية والانتفاعية. 5- الغربة عن الذات:وهي إحساس الفرد بابتعاده عن ذاته بسبب عدم قدرته على إيجاد الأنشطة المكافئة ذاتيا، وشعور الفرد بأن ذاته وقدراته مجرد أشياء منفصلة عن
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.