يبدو أن حبيبتي ليست وحدها من يعبر لي عن حبها الشديد أنا المواطن المغلوب على أمره؛ بل هناك إلى جانبها الحكومة المغربية؛ التي يظهر جلياً هذه الأيام أنها أصبحت مغرمة بي ولا تتردد في إغتنام أي فرصة تسنح لها كي تعبر لي عن حبها الشديد؛ وتبعث لي برسائل المحبة والوله والهيام.
وإذا كانت حكومتنا الموقرة( لا يمكن للحكومات طبعاً إلا أن تكون موقرة )قد عبرت لي عن حبها بطريقتها الخاصة؛ التي لا تخفى على أحد هذه الأيام؛ بل بلغ بها الخوف عن صحتي وبيئتي ومستقبل أبنائي أن سنت قانوناً ومشروعا كبيراً كبر أوداجهم وبطونهم؛ وأطلقت عليه( زيرو ميكا) مخافة منها علي من أضرارها الوخيمة على صحتي؛ وما قد ينتج عن ذلك من أمراض فتاكة قد تصيب جسدي الهزيل هزالة بنياتهم التحتية؛ فلو كانت بالفعل حكومتي المبجلة متيمة بحبي لما فكرت في محاربة( خنشة) لا حول ولا قوة لها؛ وهي التي كانت رفيقة دربي في حالي وترحالي؛ وفي سرائي وضرائي.
فعوض أن تقيني من شر بلية الميكا المسكينة؛ وما يترتب عنها أضرار جسيمة بالصحة والبيئة كما تدعين؛ كان عليك أن تفكري وتبرهني لي عن ??بك الصادق والمخلص أيتها الحكومة المحترمة بحماية صحتي من شر مصانعك وأدخنتها النفاثة التي أزكمت أنفي وخنقت أنفاسي؛ وتفكري في سن قوانين تحارب المفسدين وكبار تجار المخدرات التي أخدت وقطفت زهور يانعة من شبابنا وفلذات أكبادنا؛ وناهبي ثروات وخيرات وطني؛ ومحاربة من يتاجر بأرواح بني جلدتي فوق أسرة متآكلة ومهترئة قد عشش الدود فيها وأكل عليه الدهر وشرب؛ عليك يا حكومتي العزيزة محاربة كل من يبتزني في حقوقي المشروعة داخل مقرات ومكاتب إدارتك المتقشرة الجدران ككلب أجرب على مشارف الموت.
فهذا هو الحب العذري الذي كان وأولى عليك أن تعبري لي عنه ؛ وتقيني من شر وزرائك الذين أكلوا وأتوا على الأخضر واليابس من لحمي ونهشوا فيه حتى لم يتركوا مني سوى هيكل عظمي لا تكاد ملابسي الرثة تحتويه؛ إن حبك لي لن يكون بقيمة حب عبلة لعنترة إلا إذا وفرت لي عملا شريفا يجنبني من لفحات ولسعات الزمان بأسعاره ومتطلباته الملتهبة؛ وتوفري لي أجرا محترما أشتري به ما أملئ به أكياسك البلاستيكية التي ستسلبنها مني؛ وهي التي كانت إلى الأمس القريب تحمي رؤؤسنا وأفرشتنا داخل بيوت قصديرية من قطرات المطر؛ وهي الشاهدة الوحيدة عن معاناتنا داخل ذلك الكوخ القصديري؛ حينما كان وزيرك في الإسكان والتعمير ينام فوق سرير مسرج من ذهب ويلتحف غطاءا من الحرير؛ بينما نحن نلف حولنا محبوبتنا ومعشوقتنا ( الميكا ) التي لن نستطيع الإستغناء عنها وسنضحي من أجلها بالغالي والنفيس ولو بأرواحنا فخير لنا أن نموت بكيس بلاستيك أو نموت بروائح قرارتكم النثة.
بقلم:أخمد هلالي
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.