في كل صباح، يستيقظ المواطن المغربي على واقع أكثر قسوة من الذي عاشه بالأمس. في الأسواق، ترتفع الأسعار كأنها نار تلتهم كل أمل في عيش كريم، وفي البيوت، تتقلص الأحلام تحت وطأة الفواتير والضروريات التي أصبحت رفاهية لا يقدر عليها الكثيرون.
لم يعد غلاء المعيشة مجرد مصطلح اقتصادي، بل صار كابوسًا يطارد الأسر المغربية يوميًا. من الزيت إلى الخبز، ومن الخضر إلى اللحوم، أصبحت كل المواد الأساسية عبئًا ثقيلاً على المواطن البسيط الذي يقف حائرًا أمام موازنة مستحيلة بين دخله المحدود واحتياجات أسرته المتزايدة.
أسباب متشابكة ومعاناة مستمرة
ساهمت مجموعة من العوامل في تفاقم هذه الأزمة، من تداعيات الجائحة العالمية إلى الحروب التي هزت الاقتصاد الدولي، وصولاً إلى السياسات المحلية التي فشلت في حماية القدرة الشرائية للمواطن. وبينما تستمر الأجور في الركود، تستمر الأسعار في الارتفاع، تاركة خلفها شريحة واسعة من المغاربة تحت خط الفقر أو على حافته.
التأثير على المجتمع
غلاء المعيشة لا ينعكس فقط على الجوانب المادية، بل يمتد إلى الجانب النفسي والاجتماعي. المواطن المغربي أصبح يعيش تحت ضغط مستمر، قلق دائم من المستقبل، وعجز عن تلبية أبسط الاحتياجات. الأسر التي كانت تحلم بتحقيق الاستقرار وجدت نفسها اليوم تحارب فقط من أجل البقاء، فيما فقد العديد من الشباب الأمل في تحسين أوضاعهم، مما يدفعهم إما للهجرة أو للانغماس في الاكتئاب واليأس.
هل من حلول؟
في ظل هذه الأوضاع، تتزايد المطالب بضرورة تدخل حكومي عاجل يخفف من وطأة الغلاء. دعم المواد الأساسية، تحسين الأجور، وتوفير فرص عمل حقيقية، كلها خطوات تبدو اليوم أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. لكن يبقى السؤال: هل ستسمع الجهات المسؤولة هذا النداء قبل أن يتحول الموت البطيء إلى واقع نهائي؟
فغلاء المعيشة في المغرب لم يعد مجرد تحدٍ اقتصادي، بل أصبح أزمة إنسانية حقيقية. المواطن المغربي، الذي كان دائمًا رمزًا للصبر والكفاح، يجد نفسه اليوم في معركة غير متكافئة مع ظروف قاسية تهدد ليس فقط معيشته، بل كرامته ووجوده.
بقلم هند بومديان
—
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
