في ظل الأزمة المالية المتفاقمة التي تعاني منها المقاولات الصحفية بالجهات الجنوبية الثلاث (العيون-الساقية الحمراء، الداخلة-وادي الذهب، وكلميم-واد نون)، وتراكم ديونها التي تتراوح بين 20 و60 مليون سنتيم، باتت هذه المؤسسات مهددة بالإفلاس. هذا الوضع دفع الهيئات الصحفية إلى اتخاذ موقف تصعيدي ضد المرسوم الوزاري المتعلق بتقسيم الدعم الصحفي، بالإعلان عن نيتها الطعن فيه أمام القضاء.
مرسوم يثير الجدل القانوني
أصدر وزير الثقافة والشباب والتواصل، المهدي بنسعيد، مرسومًا جديدا يقسم الدعم العمومي إلى قسمين: دعم وطني موجه للمقاولات الكبرى ودعم جهوي مخصص للمقاولات الصغيرة والمتوسطة. رغم تبرير الوزارة بأن الهدف من هذا المرسوم هو تعزيز النموذج الاقتصادي للمقاولات الصحفية الجهوية، إلا أن الهيئات الإعلامية بالجهات الجنوبية اعتبرت أن المرسوم ينطوي على معايير تمييزية وغير عادلة.
مبررات الطعن القضائي
الطعن المزمع تقديمه يرتكز على عدة نقاط قانونية:
1. مخالفة الدستور: المرسوم يتعارض مع المادة 19 من الدستور المغربي التي تنص على المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع الفاعلين.
2. التمييز والإقصاء: تقسيم الدعم على أساس الحجم بين “وطني” و”جهوي” يكرس تمييزا غير مبرر بين المقاولات الصحفية ويقصي الجهات الجنوبية من الاستفادة الحقيقية.
3. ضعف الجدوى: الدعم الجهوي لا يقدم أي قيمة مضافة، خصوصا أن جهتين من الجهات الجنوبية كانت بالفعل بصدد توقيع اتفاقيات محلية لدعم الصحافة، لولا عراقيل مركزية ، يعتقد أن وزارة بنسعيد لها علاقة بها.
واقع متأزم وتهديد بالإفلاس
تعاني المقاولات الصحفية في الجهات الجنوبية من هشاشة بنيوية بسبب غياب شبه تام للعائدات الإعلانية وتراكم الديون، وانعدام الاشهار على غرار باقي ربوع المملكة ، هذه الظروف جعلت المؤسسات الإعلامية عاجزة عن تغطية نفقاتها الأساسية، مما يهدد بإغلاقها نهائيا. ومع دخول المرسوم الوزاري الجديد حيز التنفيذ، تفاقمت الأزمة وأصبحت عشرات المقاولات مهددة بإشهار إفلاسها، ما يعني فقدان المئات من الوظائف في قطاع يشكل ركيزة للدفاع عن القضايا الوطنية، وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية.
الدعوة إلى إصلاح شامل
إن مواجهة هذا الوضع تستدعي إعادة النظر في المرسوم الوزاري لضمان معايير عادلة وشاملة تراعي احتياجات القطاع الصحفي. من بين الحلول المقترحة:
• إلغاء تقسيم الدعم: واعتماد نظام موحد يستند إلى مؤشرات الأداء وحجم التأثير، بدلًا من التمييز بين المقاولات الكبرى والصغرى.
• تعزيز الشراكات: بين الوزارة والجهات لدعم المقاولات الصحفية الجهوية بشكل مباشر ومستدام.
• مراجعة المعايير: لتشمل التحديات الخاصة التي تواجه الصحافة في الجهات الجنوبية، بما يضمن استمرارية هذه المؤسسات ودورها المحور.
إن الأزمة التي تعصف بالمقاولات الصحفية في الجهات الجنوبية ليست وليدة اللحظة، بل هي نتيجة تراكم مشكلات هيكلية زادها المرسوم الوزاري تعقيدا. ومع تصاعد الأصوات المعارضة لهذا القرار، يبدو أن اللجوء إلى القضاء هو الخيار الوحيد المتاح أمام الفاعلين الإعلاميين للدفاع عن حقوقهم وضمان استمرارية مؤسساتهم. الحل يتطلب حوارا شفافا وإصلاحات عاجلة وعميقة لإنقاذ قطاع يعاني من أزمات حادة، ويحتاج دعما حقيقيا يليق بدوره المحوري في التنمية والدفاع عن القضايا الوطنية.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.