معهد علوم الصحة بسطات وسوء التدبي
معهد علوم الصحة يُعد من أبرز المؤسسات الأكاديمية بجامعة الحسن الأول، حيث يجمع بين الكفاءة الأكاديمية والخبرة الميدانية، ما يجعله صرحًا علميًا رائدًا في ميدان الصحة.
ويتميز المعهد باحتضانه لمجموعة من الكفاءات العلمية البارزة في قطاع الصحة، التي راكمت تجارب مهنية وعلمية مهمة بفضل عملها الطويل في القطاع الصحي.
هذه الكفاءات تمتلك رؤية متكاملة ومؤهلات عالية تمكنها من تحقيق إنجازات كبيرة للمعهد، لو لم يتم تهميشها وإقصاؤها من مراكز القرار والتدبير.
إرث المدير السابق ومرحلة الإدارة الحالية
شهد المعهد إنجازات متميزة خلال فترة المدير السابق، الذي استطاع أن يرسخ أسس النجاح بفضل احترامه للكفاءات واختياره للأطر الصحية المتخصصة، ما ساهم في تحقيق نسبة إدماج تصل إلى 100% لخريجي المعهد في سوق العمل.
لكن مع انتقال الإدارة إلى المدير الحالي، وهو أستاذ من كلية العلوم والتقنيات سبق أن شغل منصب نائب المدير المكلف بالشؤون البيداغوجية، بدأت مرحلة جديدة تعرقلها الضغوط المستمرة من “اللوبي الضاغط” بكلية العلوم والتقنيات.
ورغم أن المدير الحالي يُظهر تعاونًا مع الأساتذة ورغبة في الحفاظ على مكتسبات المعهد، إلا أن تدخلات هذا اللوبي في كل كبيرة وصغيرة تعرقل عمله وتمنعه من اتخاذ قرارات تخدم مصلحة المعهد.
دور نائبة المدير: تهافت على المناصب على حساب الكفاءة
أحد الشخصيات المحورية في هذه الصراعات هي نائبة المدير المكلفة بالبحث العلمي، التي أصبحت رمزًا للصراعات الداخلية داخل المعهد.
رغم أنها تخوض ولايتها الإدارية الثانية، إلا أن سجلها في مجال البحث العلمي والإدارة يظهر ضعفًا واضحًا، حيث تفتقر إلى الخبرة اللازمة في قطاع الصحة، الذي يشكل جوهر عمل المعهد.
ما يثير الاستغراب أكثر هو تشبثها بالمناصب، ليس حرصًا على خدمة الصالح العام، بل رغبةً في تسلق السلالم الإدارية بأي ثمن. وقد تكررت شكاوى العديد من الأساتذة من أسلوبها الإداري الإقصائي، إذ تعمد إلى معاملة الأساتذة بازدراء وعدوانية واضحة، خصوصًا الأساتذة الجدد أو أولئك الذين ترى فيهم تهديدًا لموقعها.
عرقلة ملفات الترقية والتأهيل
لم يقتصر دورها على التعامل العدواني، بل تعدى ذلك إلى عرقلة ملفات الترقية والتأهيل الخاصة بالأساتذة المساعدين. كشفت مصادر موثوقة أن هذه العرقلة كانت متعمدة، حيث تستخدم سلطتها لابتزاز الأساتذة أو تهديدهم في حال عدم الخضوع لتوجيهاتها. وقد أشارت نائبة المدير في أكثر من مناسبة إلى دعمها من قبل مدير المعهد السابق ورئيس الجامعة، متفاخرة بعلاقاتها ونفوذها.
التعيينات بين الخبرة والضغوط
إحدى أبرز مظاهر التدخلات التي يمارسها اللوبي في الإدارة الحالية هي التعيينات. فقد كان المدير الحالي يعتزم تعيين إطار كبير من الكفاءات الصحية ذات الخبرة العالية في منصب نائب المدير المكلف بالتكوينات والشؤون البيداغوجية، لكن الضغوط التي مارسها اللوبي أجبرته على تعيين أستاذ من خريجي كلية العلوم والتقنيات، يفتقر إلى أي خبرة تُذكر في قطاع الصحة.
استحواذ الموارد البحثية وصراعات داخلية
إلى جانب التعيينات، يُسيطر اللوبي ذاته على نصيب كبير من موارد البحث العلمي، حيث تُوجه نحو مشاريع بحثية تقترب في طبيعتها من العلوم والتقنيات أكثر من كونها مرتبطة بقطاع الصحة. كما يعاني المعهد من صراعات داخلية تضر بسمعته واستقراره.
إحدى الوقائع الأخيرة التي تُجسد هذه الصراعات كانت المراسلة الإلكترونية التي أرسلها أحد الأساتذة المحسوبين على اللوبي إلى نائبة المدير المكلفة بالبحث العلمي.
وجاءت المراسلة ردًا على دعوة الأخيرة لعقد اجتماع في يوم عطلة وطنية صادف الخطاب الملكي الأخير الخاص بعيد المسيرة الخضراء. واعتبر الأستاذ أن هذه الخطوة تعكس عدم احترامها للتوقيت الوطني، ما أدى إلى تصاعد حدة التوتر بين الطرفين، وكشف عن الصراعات الخفية التي تدور حول الهيمنة على المناصب داخل المعهد.
تبعات هذه الصراعات على المعهد
أسفرت هذه التدخلات والصراعات عن مشاكل عديدة، منها:
– إقصاء الأطر الصحية المؤهلة من مواقع القيادة، رغم خبراتها التي تؤهلها لتحقيق إنجازات مهمة.
– سوء تدبير الشؤون البيداغوجية، ما تسبب في معاناة الطلبة، خصوصًا في الحصول على تدريب مهني بالمستشفيات الجامعية.
– إسناد تدريس مواد علمية حساسة إلى غير المختصين، مثل مادة “العلاجات المقدمة للأشخاص في طور ما قبل الاحتضار”، التي يدرسها أستاذ في الأدب بدلًا من مختصين طبيين.
– عرقلة تطور الأطر التدريسية، حيث تعمل نائبة المدير على تأخير ملفات ترقيات الأساتذة المؤهلين.
نداء إلى رئاسة الجامعة
إننا نوجه جرس إنذار إلى السيد رئيس الجامعة للتدخل العاجل لإنقاذ معهد علوم الصحة من هذه التدخلات والصراعات. إن استمرار تهميش الأطر الصحية وإقصائها من مواقع القرار يهدد مستقبل المعهد ويعرقل مساره كصرح أكاديمي يُساهم في خدمة قطاع الصحة بتميز.
من أجل مستقبل أفضل
وفي الأخير، دعت فعاليات مدنية لاعادة إعادة الاعتبار للأطر الصحية وإشراكها في عملية التدبير.
كما طالبت بوضع معايير صارمة للتعيينات، تعتمد على الكفاءة والاختصاص بدلًا من المصالح الشخصية وتعزيز الشفافية في توزيع الموارد البحثية بما يخدم الأولويات الحقيقية للمعهد.
لقد أسس معهد علوم الصحة بمعايير دولية، وحقق نجاحات يشهد لها الجميع، فقد حان الوقت للعمل بجدية على صون هذه المكتسبات وتعزيزها، بعيدًا عن الصراعات التي لا تخدم سوى المصالح الضيقة.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.