النهار نيوز المغربية: ع الرزاق توجاني
يعاني العديد من الأساتذة من التوتر المتزايد الناتج عن التوفيق بين التزامهم المهني في التدريس والاجتهاد الأكاديمي من جهة، وبين ضغوطات المجالس التأديبية والقوانين الصارمة التي تحدد سلوكياتهم وأداءهم في العمل من جهة أخرى. يُواجه الأستاذ غالبًا واقعًا معقدًا يتجلى في رغبته بتقديم الأفضل لطلابه، ولكنه في الوقت نفسه يتعرض للرقابة والمساءلة التي قد تؤدي به أحيانًا إلى المجالس التأديبية بسبب خلافات في الرأي أو سوء فهم حول تصرف أو قرار تربوي.
التحديات التي يواجهها الأساتذة
ضغوط الاجتهاد والتميز: يُتوقع من الأستاذ أن يبذل جهدًا متواصلًا لتحسين أدائه، وأن يكون مواكبًا لطرق التعليم الحديثة واحتياجات الطلاب. هذا الاجتهاد يتطلب منه ساعات إضافية من التحضير والتطوير، ومع ذلك قد لا يلقى هذا الجهد التقدير الكافي، خاصة في بيئة عمل تتسم أحيانًا بالتقييم الصارم أكثر من الدعم.
خوف مستمر من العقوبات: تشكّل المجالس التأديبية هاجسًا للعديد من الأساتذة، إذ أن أي سوء فهم أو ادعاء من قبل الطالب أو ولي أمره قد يؤدي إلى استدعاء الأستاذ للمساءلة. هذا الخوف قد يحدّ من حريتهم في اختيار الأساليب التعليمية المناسبة، خوفًا من الوقوع تحت طائلة المساءلة.
التحدي بين التعامل التربوي والسلطوي: يقع الأستاذ بين كونه مربيًا وكونه مطالبًا بضبط النظام في الفصل، ما يجعله عرضة للمساءلة في حالة حدوث أي نزاع أو تصرف قد يُفسر كإساءة استخدام للسلطة. قد يضطر بعض الأساتذة إلى اتباع أساليب تقليدية وصارمة في التدريس لتجنب الإشكالات، ما يعيق تقدمهم وابتكارهم في المجال التعليمي.
تأثيرات نفسية ومعنوية: التوتر الناتج عن احتمال المساءلة التأديبية يؤثر على الأداء النفسي والمعنوي للأستاذ، مما يجعله أقل اندفاعًا وأقل إبداعًا في تقديم المادة التعليمية. كما أن المخاوف المتكررة قد تؤدي إلى شعور الأستاذ بعدم الأمان، وفقدان الشغف بالتدريس.
تعزيز الدعم النفسي والمعنوي: من الضروري أن تعمل المؤسسات التعليمية على تقديم الدعم النفسي والمعنوي للأساتذة، خاصة من خلال تكوين لجان متخصصة تساعد في حل النزاعات ودعم الأساتذة في مواجهة التحديات.
يجب أن تركز المجالس التأديبية على التوجيه والتأطير بدلاً من العقاب فقط، مع وضع آليات واضحة لتقييم مدى جدية الشكاوى واحتواء الخلافات قبل اتخاذ الإجراءات.
ينبغي تقديم فرص تدريب وتطوير للأساتذة تساعدهم على اكتساب المهارات اللازمة للتعامل مع الضغوطات المختلفة، بما في ذلك مهارات التواصل وحل النزاعات بطرق تربوية.
الاعتراف بمجهودات الأساتذة: تقدير عمل الأستاذ واجتهاده يجب أن يكون جزءًا من سياسات التعليم، سواء من خلال تقديم الحوافز المادية أو المعنوية، ما يعزز شعور الأستاذ بقيمة عمله ويحفزه على الاستمرار في تطوير ذاته.
ختامًا، يبقى الأستاذ ركنًا أساسيًا في العملية التعليمية، ولذلك فإن العمل على دعمه وحمايته من ضغوط المجالس التأديبية بشكل لا يعيق إبداعه واجتهاده هو مسؤولية مشتركة يجب أن تضطلع بها المؤسسات التعليمية لتحسين جودة التعليم وضمان بيئة صحية ومثمرة للأساتذة والطلاب على حد سواء.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.