الأستاذ أمين بستاني: باحث سوسيولوجي
يبدو أننا نشهد تشكّل مجتمع جديد تسوده قيم الانحراف والانحلال، مجتمع أشبه بجماعة من الضباع التي لا تعترف بأي ضوابط أو أخلاق. نحن نصنع جيلاً لا يحترم الثوابت ولا يعير المتغيرات أدنى اهتمام. جيلاً ضائعاً، فاقداً للهوية، غير مدرك لأهمية الوطن ولا لمفهوم الوطنية. حينما يستدعيه الوطن لأداء واجبه، تجد هذا الجيل قد فقد شهيته للعمل والالتزام، متخلياً عن أي شعور بالمسؤولية تجاه المجتمع والأرض التي تحتضنه.
هذا الجيل الجديد يبدو وكأنه منسلخ تماماً عن قيمه، مختزل في نزواته، محاصر بين رغبته في الهروب من الواقع وسعيه المحموم وراء الذاتية المفرطة. إن التباعد بين الأجيال لم يعد فقط في الأفكار أو الأذواق، بل امتد إلى جوهر الهوية والانتماء. فقدنا الرابط الذي كان يجمعنا كوحدة متكاملة، وأصبح كل فرد منا يعيش في فقاعة خاصة به، غير مكترث بمصير الجماعة.
ما نراه اليوم هو نتيجة تراكمات من الانفصال بين الأجيال، وبين القيم الأصيلة التي شكلت أساس مجتمعنا. نحن أمام تحدٍ كبير يستدعي وقفة جدية لإعادة ترميم هذه الفجوة، ومحاولة إحياء روح الانتماء والوطنية في نفوس الشباب. إن لم نتحرك الآن، سنجد أنفسنا في مواجهة مستقبل مظلم، حيث تتفكك روابط المجتمع وينهار بنيانه، لتصبح الضباع الحقيقية هي التي تلتهم ما تبقى من هذا الوطن.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.