عرفت مدينة طنجة، ببيت الصحافة،(الجمعة 22 دسمبر2023) احتفالية كبرى بمناسبة الدورة 21 لجائزة ابن بطوطة التي يمنحها سنويا المركز العربي للأدب الجغرافي ،ارتياد الآفاق، وقد افتتحت هذه الاحتفالية بندوة حول الرحلة العربية وابن بطوطة والجائزة امتدت إلى غاية الساعة الثانية، ترأسها نوري الجراح وتدخل فيها كل من ممدوح فرج النابي(مصر) وخالد الطايش(المغرب)وكوثر أبو العيد(المغرب) وعائشة بلحاج(المغرب) وفاروق يوسف(العراق) ويوسف عزيزي(لندن) وعيسى مخلوف(لبنان) وماهر كيالي(لبنان) وشعيب حليفي(المغرب). وفي نهاية الندوة تم عرض شريط وثائقي يتتبع رحلة ابن بطوطة بالهند.
في الجلسة الاحتفالية المسائية، تحدث مخلص الصغير، منسق فقرات الجلسة، عن أهمية عودة ابن بطوطة إلى فضائه الطنجي مع جائزة دولية أعادت الاعتبار لأدب الرحلة.
كما ألقت السيدة زهور أمهاوش، المديرة الجهوية للثقافة بطنجة-تطوان-الحسيمة، كلمة السيد وزير الثقافة، الذي أكد على حرص الوزارة على حسن تنظيم فعاليات هذه الجائزة يقينا منها أن الثقافة أساس كل تنمية شاملة ومندمجة، كما يؤكد ذلك النموذج التنموي الجديد للمملكة. مع الحرص على استدامة الطابع الثقافي والحضاري لمدينة طنجة، من خلال الحفاظ على سائر المعالم الثقافية والفنية بهذه المدينة، وفي طليعتها متحف ابن بطوطة، تلكم المعلمة التاريخية التي تحمل اسم أيقونة مدينة طنجة، وعنوان نبوغها وعبقريتها. واعتبر أن احتضان طنجة لهذه الجائزة تأكيد لحقيقة تاريخية، وهي أن المغرب عاصمة كونية لأدب الرحلة، إذ طالما مثل المغرب منطلقا للرحالة المغاربة نحو المشرق، في سياق الرحلات الحجازية والمكية والعلمية، وارتباطا بالرحلات السفارية نحو أوروبا، مثلما كان المغرب حاضنا ومستقبلا للرحلات الأوروبية، منذ قرون. ولا يزال الرصيد الوثائقي المغربي، من الخزانة الملكية إلى المكتبة الوطنية، ومن الخزانات والمكتبات العمومية إلى المكتبات الخاصة، يحفظ لنا ذخائر شاهدة على أمهات النصوص النفيسة والمصادر الغميسة لأدب الرحلة في تراث الإنسانية.
أما المدير العام للمركز العربي للأدب الجغرافي الشاعر السوري نوري الجراح فقال “جئنا إلى هذه مدينة طنجة نحمل الشمس إلى بيتها. فهذه الجائزة التي طافت عواصم العالم العربي ومدنه من الرباط إلى الخرطوم، ومن الجزائر إلى الدوحة والمنامة، والكويت، ثم إلى الدار البيضاء، وغيرها من العواصم على مدار ربع قرن، آن لها أن تحط الرحال أخيرا في مدينة شمس الدين الطنجي، وتكاد تصرف من السنوات ما صرفه ابن بطوطة في رحلته منذ أن غادر طنجة شابا، وحتى عودته كهلا. شباب هذا الرحالة سيبقى نضرا، في مخيلة الأجيال وذاكراتهم. فهو ليس شيخ الرحالين العرب والمسلمين وسائر الشرق وحسب، ولكنه الرحالة الأشهر في العالم والأكثر صدقية، وقد ترجمت رحلته إلى عشرات اللغات”.
في مقابل ذلك اعتبر الجراح أن هذه الدورة من الجائزة وهذا التكريم للفائزين هما “مفتتح عمل كبير مقبل. سيتواصل لسنوات وسنوات، بفضل شراكتنا الثقافية والروحية بين ‘ارتياد الآفاق’ ووزارة الثقافة في المملكة المغربية”.
وبخصوص الدورة المقبلة من الجائزة أكد المتحدث أنها ستشهد حضور عدد كبير من الدارسين والمترجمين العرب والأجانب الذين حققوا وترجموا رحلة ابن بطوطة إلى اللغات المختلفة في ندوة كبرى تشهدها طنجة الكبرى حول كونية ابن بطوطة وأثر رحلته وفضلها على كل العالم.
بعد ذلك، وباسم لجنة تحكيم الجائزة، تلا الناقد والروائي المغربي شعيب حليفي بيان الجائزة، مذكرا بالعدد الكبير المتوصل به من المشاركات من دول عربية عديدة وفي فروع الرحلة المعاصرة والمخطوطات المحققة واليوميات واليوميات المترجمة والرحلة المترجمة والدراسات، وما تميزت به النصوص الفائزة في هذه الدورة من جدة وأصالة ومشاركات نسائية لافتة.
وبلغ عدد المخطوطات المشاركة هذا العام 62 مخطوطا جاءت من 12 بلدان عربيا، وقد نزعت أسماء المشاركين من المخطوطات قبل تسليمها لأعضاء لجنة التحكيم لدواعي السرية وسلامة الأداء. وجرت تصفية أولى تم بموجبها استبعاد الأعمال التي لم تستجب للشروط العلمية المنصوص عليها بالنسبة إلى التحقيق والدراسة، أو التي افتقرت إلى المستوى بالنسبة إلى الجائزة التي يمنحها المركز للأعمال المعاصرة.
وفي التصفية الثانية بلغ عدد المخطوطات 24 مخطوطا، قبل أن يستقر رأي اللجنة على النتائج النهائية. وهكذا، آلت الجائزة في صنف التحقيقات إلى المصرية نهى عبدالرازق الحفناوي عن تحقيقها رحلة “حقيقة المجاز إلى الحجاز” لصلاح الدين خليل الصفدي، كما توج بها المهدي عيد الروايضة من الأردن عن تحقيق رحلة “زبدة الآثار فيما وقع لجامعه في الإقامة والأسفار”، لمحمد بن أحمد الحنفي الدمشقي الحلبي، وفاز بها عامر سلمان أبومحارب، من الأردن أيضا، عن تحقيقه رحلة “الدرر البهية في الرحلة الأوروبية”، لمحمود أفندي الباجوري. ونالت الجائزة أيضا كوثر أبوالعيد من المغرب عن تحقيق “الرحلة الحجازية” لمحمد أبوشعرة.
وفي فرع الترجمة كانت الجائزة من نصيب عبدالقادر الجموسي من المغرب، عن ترجمته كتاب “رحلة المغربي في مجاهل أميركا”، كما فاز بها أبوبكر العيادي من تونس، مترجم رحلة “محور الذئب.. من سيبيريا إلى الهند” لسيلفان تيسون. أما في فرع الرحلة المعاصرة “سندباد الجديد” فقد آلت الجائزة إلى الفلسطينية سناء كامل الشعلان عن كتابها “رحلات في كشمير والهند”، كما حازتها عائشة بلحاج من المغرب، عن رحلتها “على متن دراجة.. من طنجة إلى باريس”.
وفي فرع الدراسات عادت الجائزة إلى ممدوح فراج النابي عن كتابه “البلاغة العمياء.. بحث في الخيال الرحلي عند طه حسين”، مثلما فاز بها خالد الطايش من المغرب عن كتابه “المثاقفة وإشكالية المركزية الشرقية” وسالم محمد الضمادي من السعودية عن كتاب “شعرية النص الرحلي”.
وبعد حفل الافتتاح الذي أحياه حاتم السلاوي، حفيد الفنان المغربي الرائد الحسين السلاوي، حيث قدم أغنية جده الشهيرة “أطنجة يا العالية” رفقة جوق الطقطوقة الجبيلة، قام الوفد الرسمي المشارك في الاحتفالية ومعه مثقفو مدينة طنجة ومبدعوها بزيارة إلى متحف ابن بطوطة، مع تدشين معرض “أدب الرحلة”، وهو أول معرض فريد من نوعه، قدم مئات الكتب النفيسة التي أصدرها المركز العربي للأدب الجغرافي “ارتياد الآفاق” منذ مطلع الألفية الحالية، من تحقيقات ودراسات وترجمات ورحلات معاصرة.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.