حتى لا يطويها النسيان…لا تنازل عن صحرائنا الشرقية

voltus12 أغسطس 2023آخر تحديث :
ابو نعمة نسيب - كريتيبا - البرازيل

أصبح المغرب ينهج ديبلوماسية واقعية لا يطالب بالصحراء الشرقية رغم أنها أرض اقتطعت من المغرب، وإنما يطالب بترسيم الحدود التي لم تتضمنها أية اتفاقية، وهو يعلم أن كل ما تقوم به الجزائر ضده هو بالأساس بسبب الصحراء الشرقية وخيراتها وهذا ما اقرته وكشفت عنه مؤخرا مديرة الوثائق الملكية المغربية، بهيجة السيمو، أن “الصحراء الشرقية (جنوب غرب الجزائر الحالية)، أرض مغربية، مشيرة إل أنها “حصلت على وثائق عن الصحراء (الغربية والشرقية) من دول أوروبية”وقالت إن “الوثائق التاريخية المحفوظة تؤكد مغربية الصحراء، كما تؤكد أيضا مغربية الصحراء الشرقية”..

 

ويبدو أن الخطأ الأصلي للمغرب هو مناصرة الثورة الجزائرية إلى آخر رمق.

– ظلت الجزائر تتصرف في نفط مستخرج من أرض مغربية، كيف تقيمون هذا الوضع؟

اعتقاد صحيح إذا تمعنا في كيفية اغتصاب الصحراء الشرقية من طرف الاستعمار الفرنسي، لان التوات والساورة ولقنادسة مناطق مغربية تاريخيا، فالجهة الممتدة من بشار إلى عين صالح كانت تابعة إداريا وسياسيا للمملكة المغربية الشريفة. ان انهزام المغرب في معركة وادي اسلي سنة 1844 وما تبعها من اتفاقيات مجحفة لصالح فرنسا مكن هذه الأخيرة من اقتطاع الصحراء الشرقية المغربية وضمها إلى مقاطعة الجزائر الفرنسية، فمدن بشار وتندوف كان لها قواد معينين بظهائر شريفة وكانوا يصومون مع المغرب ويفطرون معه إلى حدود 1962. وأن العملة المغربية كانت المستعملة في تندوف وبشار وتميمون. إنها منطقة غنية بالمعادن كالحديد الكوبالت والبوكسيت وكذلك البترول والغاز.

رغم كل هذا فان اتفاقيات إيفران 1973 بين الملك الراحل الحسن الثاني والمرحوم هواري بومدين تضمنت رسم الحدود بين الجارين وإنشاء شركات مغربية جزائرية لاستغلال حديد غار اجبيلات شريطة أن يصادق على الاتفاقية من طرف نواب الشعب في البرلمان. الشيء الذي لم يحدث حتى الآن. فمصيبة هذا الضم ترجع إلى فرنسا وإلى العقيد ليوطي تحديدا الذي احتل مدينة بشار سنة 1903، إذ لا يسقط هذا الحق بالتقادم.

– هل يمك للمغرب المطالبة بالصحراء الشرقية ونفطها في الظرف الراهن؟

– المغرب ينهج دبلوماسية واقعية فهو لا يطالب بالصحراء الشرقية ولكن بترسيم الحدود التي لم تتضمنها اتفاقية للامغنية، أي من مدينة فجيج إلى بئر كندوز فقط. فالنفط الجزائري لا يهمه، خاصة وأن حاسي ارمل وحاسي مسعود التابعين إداريا إلى ولاية غرداية أي منطقة امزاب لا تدخل ضمن حدود الصحراء التاريخية للمغرب، امزاب منطقة تضم اقلية اباظية تعتنق مذهبا يشبه كثيرا ما هو موجود في سلطنة عمان، لذا فان المغرب إلى حد الآن طوى هذا الملف ولا يطالب بهذه المنطقة المغربية تاريخيا لا عربيا ولا دوليا. فهو اعترف بالأمر الواقع كما فعل مع موريتانيا سنة 1969 بمناسبة انعقاد مؤتمر القمة الإسلامي بالرباط. ويعلم أن كل ما تقوم به الجزائر ضده هو بسبب الصحراء الشرقية، فالجنرالات يتخوفون من حل مشكل الصحراء المغربية حينها سوف ينتقل إلى المطالبة بالصحراء الشرقية. قبل وبعد استقلال الجزائر قام سكان الصحراء الشرقية بالمطالبة بالعودة إلى الوطن الأم وقدموا ملتمسا في الموضوع إلى الملك محمد الخامس وولي عهده الحسن الثاني من بعد، بمساندة حزب الاستقلال كما قاموا بتوجيه نداءات متكررة إلى الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية وفرنسا ولكن دون جدوى. فالموقف الرسمي كان غامضا اتجاه القضية.

– في اعتقادكم ألم يحن الوقت بعد لكي تعترف فرنسا بخطئها التاريخي؟

+ إن مسؤولية فرنسا في تقطيع أوصال المملكة الشريفة أمر ثابت، تاريخيا فهي فرضت شروط المنتصر في اتفاقية للامغنية، التي كانت البوابة لاستعمار المغرب سنة 1912 ( اتفاقية الحماية)، فديغول خلال المفاوضات الأولى مع جبهة التحرير الوطني سنة 1958 اقترح على المغرب فتح مفاوضات لتعديل الحدود وإعادة بعض المناطق من الصحراء الشرقية إلى المغرب، إلا انه تراجع تحت ضغوط قوية من لدن الحكومة المؤقتة الجزائرية التي اقترحت عليه تنازلات كبيرة في الجزائر كاستمرار فرنسا في تجاربها النووية في منطقة ركان واستمرارها في استغلال حقول النفط والغاز إضافة إلى الإبقاء على اكبر قاعدة بحرية في المتوسط (مرسى الكبير) لمدة 20 سنة.

السبب الآخر هو رفض المغرب أن يفاوض فرنسا في هذا الشأن باعتبار أن المشكل سوف يحل بين الإخوة الأشقاء عند استقلال الجزائر كما وعدوا به أمام المرحوم محمد الخامس، الخطأ كان مشتركا بين فرنسا والمغرب. فنصرة الأمير عبد القادر الجزائري جلبت إلى المغرب الويلات: اقتطاع الصحراء الشرقية وفقدان المغرب سيادته وأجزاء كبيرة من أراضيه وغرست العداء والحقد والشك بين الشعوب في شمال افريقيا.

– كانت فرصة المطالبة بالصحراء الشرقية في خدم الثورة الجزائرية لكن محمد الخامس رفض التخلي عن مساندتها، هل كان ممكنا استعادتها آنذاك؟

+ المرحوم الملك محمد الخامس خدع من طرف الجزائريين ومن طرف ديغول في ذات الوقت. فجبهة التحرير الوطني نكثت عهودها وإن القادة الجزائريين الذين فاوضوا المرحوم محمد الخامس كفرحات عباس ابعدوا مباشرة بعد استقلال الجزائر. أما فرنسا فقد أعطيت الكثير من المكاسب في مفاوضات إيفيان. وهنا اذكر ما قاله لي شخصيا السيد رضا مالك رئيس الوزراء الجزائري السابق والمفاوض باسم الجزائر في مفاوضات إيفيان، مهندس الدبلوماسية الجزائرية قبل الثورة وما بعدها ويمثل الجناح اليساري للجبهة. إن الثورة استمرت سنتين في الكفاح بسبب رفضها التنازل عن الصحراء ( لقنادسة وتوات والساورة) وقدمت خلال سنتين من النضال آلاف الشهداء حتى تبقى الجزائر في حدودها المرسومة قبل فرنسا 1962.

إن التيار الماركسي العلماني الذي كان يقود المفاوضات كان متواطئا مع فرنسا التي كانت تراهن على النخبة الجزائرية الفرنكفونية والعلمانية لضمان مستقبل مصالحها في المنطقة، فديغول الذي يتحمل جزءا من المسؤولية في ضم الصحراء الشرقية فضل مصالح فرنسا على ترسيم الحدود بدل إرجاع الصحراء الشرقية للمغرب. فمنطق المفاوضات كان مغايرا في المغرب وفي فرنسا وعند الحكومة المؤقتة الجزائرية، انها كانت معادلة الربح والخسارة لديغول وللجبهة.

– ألم يسبق لسكان مناطق الصحراء الشرقية ( كتوات والقنادسة..) أن طالبوا بالرجوع إلى المغرب؟

-كانت هناك انتفاضات ومراسلات من بعض القياد إلى فرنسا وإلى المملكة المغربية مطالبة بإرجاع الصاورة وتوات ولقنادسة وتميمون وعين صالح إلى وضعها الأصلي والطبيعي قبل 1887، إلا أن حرب الرمال سنة 1963 والتي كانت خدعة مرة أخرى جرت إليها المغرب حيث كانت مناسبة لإخماد وإسكات هذه المناطق تحت الحديد والنار التي نزح منها الكثير إلى المغرب ولكن لازالت هذه الفئة المغربية تحن إلى مناطقها الأصلية. فالزاوية القندوسية مع حزب الاستقلال لازالا يطالبان بالصحراء التاريخية للمغرب، إلا أن كل المراسلات إلى الأمم المتحدة وإلى محكمة العدل الدولية رفضت سواء على الشكل أو المضمون، وأذكر هنا بالدور الذي لعبته التنسيقية الممثلة لأهل تندوف في التعريف بمغربيتهم أمام الرأي العام العالمي. إن ثلثي الجيش الوطني الشعبي متمركز في تندوف وكلومب بشار، 6 ألوية في تندوف و3 في بشار، انه جيش النخبة والكموندوس المحضر خصيصا لمواجهة الجيش المغربي.

– هل من المشروع المطالبة بالصحراء الشرقية؟

+ إن الدبلوماسية المغربية لم تضع والى حد الآن معايير ثابتة للتعامل مع الجزائر. فالكل يعرف أن موقف الجزائر العدائي للمغرب فيما يخص الصحراء المغربية هو محاولة إبعاد المغرب من المطالبة بالصحراء الشرقية وضمان التماسك السياسي الداخلي. فالجزائر حسب مجلة لدبا “les débats” الجزائرية مهددة بالانفجار الداخلي، لذا فهم يفكرون في حكم فدرالي شبيه بالتقسيم الإداري الاسباني أو الألماني أو العراقي، فحسب هؤلاء المحللين الجزائريين أن حل الأزمة في الجزائر يمر بالضرورة عبر تقسيمها إلى مناطق متجانسة، حكم ذاتي مثلا لكل الجهات وتقسيم السلطة والثروة بين المركز والمناطق. فالتصدع الجغرافي والإثني والديني القائم هو بسبب فشل الحكم المركزي العسكري البعثي على إنشاء الدولة الوطنية الحديثة.

و هنا أقول إن المطالبة بالصحراء الشرقية هو حق مشروع، ودليلي على ذلك هو الوثائق العثمانية التي أفرجت عنها مديرية الأرشيف في تركيا مؤخرا( 50 مليون وثيقة قد تمتد على مسافة 16 كلم). فعلى الدبلوماسية المغربية أن تجند خبرائها في التوثيق لاستغلال هذه المخطوطات الرسمية التركية العثمانية التي تحدد بوضوح كامل الأراضي المغربية. انه كنز علمي يمكن توظيفه في قضيتنا الوطنية بشقيها الصحراء الشرقية والغربية.

#أبونعمة_نسيب_كريتيبا_البرازيل

 


اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

الاخبار العاجلة

اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading