قراءة تحليلية لنصوص الأديبة السورية إلهام عيسى والنصوص ثلاث قصص قصيرة جدّا مترابطة فيما بينها،

voltus21 يوليو 2023آخر تحديث :
قراءة تحليلية لنصوص الأديبة السورية إلهام عيسى والنصوص ثلاث قصص قصيرة جدّا مترابطة فيما بينها،

قراءة تحليلية لنصوص الأديبة السورية إلهام عيسى والنصوص ثلاث قصص قصيرة جدّا مترابطة فيما بينها،

أرجو أن تعذر الصديقة ElHam Essa تطفّلي على نصّها.

**********************************************

قراءتي التحليلية

نحن أمام ثلاث قصص قصيرة جدّا، تجمعت بينها روابط مشتركة من حيث المعنى والمدلول والبناء،

بين العناوين الثلاث رابط حسّيّ متين، إذ منذ العنوان في الثلاث أقصوصات نستشرف بواطن النصوص، حيث يعترينا حزن وأسى كأنّنا أمام اهتزاز عرش الأمان، غيمة حالمة فإن كان النعت تبع المنعوت شكلا إلا أنه حاد عنه معنى فالغيم علامة اكفهرار وسواد لكنّها جاءت حالمة ربّما أرادت الكاتبة أن تخبرنا أن الظاهر لا يدلّ على الباطن في كل الأوقات، فقد تجلب الغيمة الغيث وتتحول إلى مصدر سعادة فتحقق الحلم.

ليأتي الليل في قطار الليل، وينسدل الظلام حتى تتسحّب الأحلام خوف الانجراف مع قساوة الغيمة، لتختم الكاتبة بعتمة أخرى، فننهي معها ما بدأنا ونحن نوقن أن لا انفراج في المكان ولا الزمان ولا مناص من المطبّات وسيطرة الخوف واليأس على الحلم.

اشتركت القصص الثلاث في الايحاء والمجاز، كما اشتركت في عنصر الرّحيل والهجرة القسريّة، فالوطن هو من رماهم في يمّ الاغتراب، حتّى توديع الأحبّة فشل فيه ذاك الهارب من الموت إلى الموت، إلى الجريمة، إلى الاغتصاب، لقد جرّد من كلّ شيء، في قطار العمر حين كان يسير ملتفتا مستنفرا وآناء استرخاء خاطف في الزمن، جُرِّد من كل ما يملك، حتّى كرامته افتقدها، ولم تأت تلك التي انتظر، تلك الحرّيّة التي حلم بها وهو في قطار الليل يتستّر بالظلام ليحضنها، ليستمدّ ثقته منها.

لم تأت تلك الأحلام التّي طوّحتها والمسافرين بالبحر فغرق الكل ولم يبق لها سوى وسادة خاوية من كل شيء، تماما كجوف وطنها بعد أن اغتصبوه،

كلّ شيء ينذر بالنهاية، بالخراب، وحدهم أولئك العساكر حين انقضّوا عليه أيقن أنّه آمن، أجل في سجنهم وأمام جورهم هو آمن، سيكون وجها اعلاميّا يُشيدون من خلاله بانجازات رجالات الوطن، باعتقاله سيلوّحون أنّه إرهابي أراد قلب النظام، وأنّه السبب وراء كلّ ما حلّ بالوطن،

ثلاث قصص قصيرة أتقنت فيهم الكاتبة أركان وتقنيات القصّة القصيرة جدّا وإن لاحظنا بعض الانزياح في القصة الأولى فيما يتعلّق بأركان القصّة القصيرة جدّا حيث غاب عنصر التكثيف كما غابت تقنيتي الترميز والتناصّ، أما ما تبقى من أركان وتقنيّات فنجدها تثبت نفسها على امتداد الثلاث قصص حيث اهتمت الكاتبة بالحبكة السرديّة، واعتمدت عنصر الدهشة، ووحدة الفكر بل جاءت الثلاث قصص موحّدة الفكر، كما وجد عنصر التكثيف في القصتين الثانية والثالثة، أيضا من ناحية التقنيّات، نجد حرص الكاتبة على خصوصيّة اللغة والانزياح والمفارقة والتناص والترميز والأنسنة والسخرية والتنويع في الاستهلال والاختتام.

ولأنّ القصة القصيرة جدا لا تحقّق نجاحا ملموسا إلا إذا تواشجت الأركان والعنصرية عضويّا مع بعضها أوّلا ومع التقنيّات ثانيا وهو ما يدلّ عن وعي الكاتبة ودرايتها العميقة بهذا الجنس الأدبيّ وأنّها وإذ تمارسه فهي عليمة بخباياه وخاصيّاته.

تترابط المعاني عدى عن الأساليب في القصص الثلاث لتتحد في موضوع واحد وهو همّ وطن ووجع انسانيّة، وشعب يرزح تحت اليأس والوجع والقهر، ولعلّ الأصوات المتعالية من شخصيات القصص الثلاث وربّما صمتهم واستسلامهم، دليل يأس الكاتبة ورؤيتها القاتمة لمصير وطنها سوريا، كما أنّ القصص الثلاث لم تخل من واقعية، فهي قد نقلت لنا أحداث يوم متكرّر، فلم يعد يُرى في وطنها سوى تلك الوجوه المكفهرّة المغبرّة، وتلك الغيوم التي تغطّي الأرض والبحر والسماء، وتلك القتامة والأحلام المغتصبة، فقد بات وطنها خرابة مكشوفة لا يمكن للبريء أن يختبئ فيه من عين المهرِّب ولا العسس ولا الجند.

لقد نقلت الكاتبة معاناة شعب وموت حلم واندثار تاريخ وخيبة أم وضياع جهد، بصور رامزة وانزياح من التصريح إلى التلميح وإن كانت الأساليب توحي باعتنائها بهذا الجنس الأدبي، فإنّها في آن دلّت على لجوء الكاتبة إلى التصريح خوف تربّص العسس بها والعسس هنا كناية عن المرتزقة الذين ملؤوا وطنها سوريا ليزيدوا في خرابها، فصار الكل متّهم حتّى ذاك الحلم الذي وئد تحت الوسادة ربّما أصبح واش، حتّى حرفها إن صرّح بات واش وحينها ربّما يقبر بين طيّاتها فتتحوّل الكلمة إلى سوط والكتابة إلى خرابة، فتحيا ككل ما في وطنها بين غيمة حالمة وعتمة أخرى لا يرى منها سوى ظلال ليل دامس.

نادية الأحولي

====================

النصّ المختار أو الثلاثيّة المختارة إن صحّ التعبير

ثلاث قصص قصيرة

ا============== لوحات ============

ا٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠ الهام غانم عيسى…………………

1- غيمة حالمة

ا٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

لحظة أسدل الغمام على المدينة البحرية رداءه.. وغطاها بين غفوة وسهاد.. وعلا أنين يبدد هدير الأمواج العالية..

أقلعت مركبة حبلى تعج بالمهاجرين.. نقطة كبرى على الشاطئ والضفة.. تضيق تضيق..

تبتعد.. كما نقطة حبر تبتعد عن الميناء رويدا رويدا

لم تبق غير عيون شاخصة إلى مدن الحرية..

تغفو.. تغط في نوم عميق..

لمحت وسط الزحام امرأة شاخصة عيونها.. ترنو لبلدها الجريح الذبيح.. تنطلق ذكريات أليمة.. تداهمها.. تحاول ان تبددها بصرخات المسافرين.. بضحكاتهم بارتقابهم..

بغتة يكفهر الجو فتعبس الوجوه ثم تعلو نداءات الاستغاثة..

ولكن ليس من طوق لنجاة..

حمولة زائدة تدفع بالمركب للغرق..

فيما تتسارع نبضات قلبها..

ويغرق المركب في عرض البحر..

تفيق ممسكة وسادتها صائحة:

– كيف لها أن تستعيد الحلم بين كوابيسه؟

 

ا٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

2- قطار الليل

ا٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

نزل من القاطرة لينتظرها تجيء.. وتستقبله بالاحضان..

بعيدا عن ضوضاء البشر، جلس في قاعة الانتظار، طلب فنجان قهوة ليعدل مزاجه، ركن حقائب السفر بجانب الطاولة المستديرة.. متعب سقطت سجائره من يده.. وارتخت من يده حافظة نقوده..

اشواق كبيرة تتدفق الى قلبه وعقله..

صوت ينادي من بعيد:

-لن أسمح لك بالرحيل بنيّ..

رنّ هاتفه طويلا حتى سكت..

افاق لم يجد حقائبه..، حافظته وهاتفه..

وبينما كان يتنفس شذرات القهر، الأمل والحلم..

لم تأتِ بعدُ..

كانت تبحث عنه.. بعيدا في الغياب..

 

ا٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

3- عتمة أخرى

ا٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

تصفق البوابة المفتوحة، تصفر الريح بين الشقوق، على مصراعيها تتكسر النوافذ.. السقف والحيطان عرشت عليها خيوط العنكبوت..

منضدة بائسة تعلوها تجاعيد الزمن القاسي ٠٠

اوراق مبعثرة هنا وهناك..

تتساقط في خريف العمر المنهك..

لم تبق غير أطياف حلم تضاجع خياله.

وحكايا شجون وطن متعب اثخنته الجراح..

اسند ظهره للجدار..

لحظتها، اقتحم الخربة جند وعسس..

وتبدد حلم العودة..

ورقة ورقة..

 

ا٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

الاخبار العاجلة