بقلم عبد المجيد موميروس
فَلَمُنْذُ؛ ثمانينِيّات القرن الماضي، قد إرتبط ذكر دولة الصين الشعبية، داخل بيانات ذاكرتي العاطفية. بتِلْكُمُ الصين الواحدة؛ التي طبعَت بياضها في خاطري، ببَهَاء سيرة أولئك الأطباء الأكفاء. و الذين قد عمَّروا مستشفى الحسن الثاني، بمسقط رأسي (مدينة سطات المغربية). حيث؛ كانت أياديهم النقية الملساء، حاضنة التداوي السريع و الاستشفاء العميم. طبعا؛ عند إخلاصهم لقَسم أبقراط، و تفانيهم في تقديم الخدمات الطبية و العمليات الجراحية. التي أنقذت أرواحا كثيرة، من قرى و مداشر و مدن المجال الترابي لإقليم سطات. و لقد كانوا بحَق؛ نِعْمَ السفراء، الذين شيّدوا جسور الإنسانية، المُتصلة بديبلوماسية الصين الناعمة. ذلك؛ حينما نشروا مكارم القيم، عبر خدمة النوع البشري، على إختلاف ألوانِه و ألسِنَتِه و طبقاتِه المجتمعية.
و حتى؛ لما أصْبَحتُ طالبَ العلوم القانونية، بجامعة الحسن الأول سطات. فقد أضحَيْتُ البَدوي، ذُو الوَعي المنتَشي بالمَاوِيَة الثقافية. إذ لطالما؛ قد دَغْدَغت هِمَّتي الثورية، إشعاعاتُ النجمات البَرَّاقة. تلكمُ اللَّمّاعَة؛ وسط حُمْرَة العلم الصيني، المحمول على أكتاف الفلاح و الطالب.
تماما؛ إلى أن نهض التنين الصيني، على هدير مبادرة طريق الحزام و الحرير. التي قد شكلت محورا جديدا، للعلاقات الاقتصادية العالمية. فَمُذ أواسط القرن الماضي؛ قد تمخّضت الثورة الثقافية، إلى أن أنْجَبَت أضخم مشروع بِنْيةٍ تَحْتِيّة، في تاريخ البشرية. و قد بُنِيَ أساس هذا المشروع العظيم، على جذور تاريخية لطريق الحرير القديم.
بلْ حتّى؛ لمّا نَضَجْتُ معرفيا و رقْميا، فَصِرْتُ أطالع أخبار مأساة إخوتنا المؤمنين الإيغور. لقد كانت صورة الأطباء الصينين، تظهر كيْ تدفع عن عموم الشعب الصيني، الكثير من الإتهامات المنتشرة. تلكم؛ المتعلقة بتعمد إبادة المؤمنات و المؤمنين، داخل الإقليم المعلوم.
حيث؛ كنتُ أُجادِلُ سوءَ ظني، بالتذكير البليغ. أن الشعب الصيني العظيم، ليس إلا إمتدادا بَشَرِيًّا موسّعًا، لِأَخْلاق الرفيقات و الرفاق الأوائل من الأطباء الصينين. إينَعَم؛ أولئك المشهود لهم، بالمرحمة الإنسانية الراشدة. و الذين قد قدموا خدماتهم الطبية و الصحية الجليلة، بين دروب سطات الإستشفائية.
فلَكَعادَتي؛ إذ بُعَيْدَها قد تجسد عندي الدليل القيمي. لما طرح عقل الحكيم الصيني، مفهوم بناء مجتمع عالمي، تكون الصحة فيه للجميع. كما؛ يلتزم فيه الشعب الصيني، بزيادة خدماته الطبية و الصحية. فقلت؛ أَ شَكِّي وَيَا ريبَةَ نفْسي؛ هاكُما برهان دولة الصين الشعبية، حينما تريد إنقاذ أرواح المستضعفات و المستضعفين بالعالم كله.
عدَا أني؛ لَكَم قد إستغربتُ، لما طالعت البيان الصيني-الجزائري المشترك. و الذي قد نشرته المواقع الجزائرية الرسمية، كَشِبْهِ الرسمية. هذا البيان المشبوه، الذي تضمن مفردات هجوم عدائي، على الوحدة الترابية للوطن المغربي. إذ؛ و حسب البروباغندا الجزائرية، فَعِنْد عَقْدِ إجتماعٍ رسمي، لِقِمّة مشتركة بين التنين الصيني و ثعلب الصحراء. قد عقبَتها مباحثات موسّعة، و على انفرادٍ بين الرئيس الصيني و بين الرئيس الجزائري.
ثم؛ نسب مُتَرْجِمُو البيان المكروه، إلى رئيس دولة الصين. ما عَرَّبَتْهُ وسائل الإعلام الجزائرية، عن مُطالبَة صينية بتنفيذ : “القرارات الأممية ذات الصلة بالقضية الصحراوية. بما يكفل لشعب الصحراء الغربية تقرير مصيره، في سياق ترتيبات تتماشى مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة و مقاصده”.
وحيث أنّي دائما و أبدا؛ كنت و ما زلت شَكَّاكًا، في مصداقية الترجمات الجزائرية. و التي قد تُقَوِّلُ الرئيس الصيني، ما لم يَقُلْهُ عن الصحراء المغربية. فقد جَادلَتْنِي؛ وطنِيّتي الأبية هذه المرة. دافعةً بشبهات متواترة، تخص سياقات البيان المُسْتَعرَب. و جميع ما تضمنه من إسقاطات لغوية مركبة، تعبر عن متلازمة نفسانية جزائرية. قد تلتَهِب خوفًا مما يعتبره نظام المرادية المُتقادم : خطرَ حيازة المملكة المغربية، للريادة الجيو-ستراتيجية بإقليم شمال أفريقيا.
و أنها كذلك؛ نفس العقدة التاريخية، التي شكلَّت سوسة قد نخرَت صرح “اتحاد المغرب العربي”. حتى؛ أنها قد أعاقت مشروع تطويره. كما منعت أفاق توسِعَته، أو حتى الإستعاضة عنه باتحاد شمال أفريقيا المتضامن، في سبيل إحقاق الوثبة التنموية الحضارية الكبرى.
غير أني؛ عند مطالعة نفس البيان، على قناة CGTN العربية، التي تتحكم فيها الدولة الصينية. قد تأكدت من صحة بيان الشر المشترك. من حيث؛ أنه قطعا لا ينسجم مع الدينامية الدولية القوية، التي اعتمدتها دول عديدة، من مختلف جهات العالم. ذلك؛ في اتجاه دعم حل سياسي نهائي، لهذا النزاع الإقليمي الذي طال أمده. على أساس المبادرة المغربية، القاضية بمنح الحكم الذاتي، لجهات الصحراء المغربية، في إطار سيادة المملكة و وحدتها الترابية.
فلهكذا؛ قد وجدتني غير مُصدقٍ، عندما تراءت لي حقيقة الترجمة المستَعْرَبَة، لمُخرجات البيان الصيني-الجزائري المشترك. حيث لا؛ بل كيف يمكن لمن يكتبون التاريخ الصيني الجديد، على جذور تاريخ طريق الحرير القديم. أن يتنكروا لخريطة الحدود التاريخية، للأمة المغربية العريقة؟!. و مالهم؛ لَكَيْفَ يجحدون بالأسانيد القانونية الحقة، و الحقوق التاريخية الراسخة للمغرب في أقاليمه الجنوبية؟!.
ثمَّ لكَمْ؛ قد استفزني موقف التنين الصيني، الذي عَرَّبَهُ ثعلب الصحراء. بما أن الخطيئة مسطورة، تحت لفظ الشعب الخيالي الهلامي الذي لا تاريخ له. أَلَا؛ و هي الإيحاء الصريح بأن الشعب المغربي، يحمل صفة “العدو المحتل”. فلهكذا؛ يراد من البيان المشترك، تدمير الكينونة المغربية. عبر إسعاف التنين الصين، لِحملة أوهام التقسيم الجزائري.
ذلك؛ عند حديث البيان المشترك المستَعرب، عن تقرير مصير شعب هلامي، خيالي لا أصل له في العهدين القديم أو الجديد. إذ حينها؛ تساءلت عن ديبلوماسية التنين الصيني، لِمَ قد تحَجَّرتْ عند موقف الثعلب الصحراوي، الوفيّ لعاداته السيئة و المسيئة للوطن المغربي؟!.
من حيث؛ أن النظام الجزائري، قد هَرمَ مُصِرًّا على رعايته لمخطط تقسيم الوطن المغربي. و لم ينفَعه عنفُ دبلوماسيّة العداء، التي ترفض مصافحة يد السلام الممدودة. و لا تطيق خطاب المصالحة الواقعية، المنبنية على ملاحم التآخي و حسن الجوار، و الوفاء للروابط التاريخية. مع إعتماد ثقافة السلام و الرخاء، في العلاقة الديبلوماسية مع المملكة المغربية.
أَوْ؛ لَهَكذا إذن؛ و لَربما قد نتابع قريبا، دعايات التنظيم المشترك الصيني-الجزائري، لمناورات الذخيرة الحية على الحدود المتاخمة لأراضي المملكة المغربية. ذلك؛ بما أن ما يثير الريبة و الإستغراب، من المفردات المترْجَمة داخل البيان المشترك. أنها ذاتها التي تتردد، من تحت سراديب قصر المرادية. و بالتناغم؛ مع سلوك صيني مشبوه، قد يُفْهَم منه على أنه: مباركة صفراء من التنين لِمُرادِ المرادية، في إشعال فتيل حرب الصحراء الأفريقية، و تفتيت شعوب شمال إفريقيا.
و منه؛ قد أمضي للتأكيد، بعدما قد صَحَّتْ ترجمة البيان المُشترك. على أن الوطن المغربي؛ أمام هذا المعطى الديبلوماسي المؤسف و المقلق، لَمُطالب بفضيلة الرد الديبلوماسي الرصين. مُتمسكا؛ بمبادرة الحكم الذاتي التي تجسد اختيارا ديمقراطيا إستراتيجيا، و مشروع سلام تاريخي رائد بإقليم شمال أفريقيا.
ختاما؛ و بروح وَطَنيةٍ مُواطِنة، لا يعلم أمرها عدا الله. مثلما؛ بنَفس راضية مطمئنة، لأُصارِحنَّنَ جميع أعداء الوطن المغربي الأبي. أنَّ كل تهديد مشترك بينهُما، ليَحمل بين طيَّاتِه نِعمةً تاريخية لنَا. ذلك؛ بما أن الله؛ لَمُتِمُّ نورِه، حتى وَلَوْ كرِهَ التنين الصيني كَثَعْلبِ الصحراء!.
عبد المجيد موميروس
سَجَّاع، شَاعِر و كَاتِبُ الرَّأْيِ
رئيس الإتحاد الجمعوي للشاوية
Abdulmajid Moumĕrõs
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.