يونس الشيخ – الشارقة الإماراتية
استسلمت الممثلة والمخرجة المسرحية الجزائرية سكينة المعروفة في االساحة الثقافية والفنية بإسم صونيا، للبكاء عندما سألها الممثل والمخرج المغربي عبد الحق الزروالي خلال ندوة “المرأة والإخراج المسرحي في الوطن العربي.. تجارب وشهادات” عن ماذا أعطت للمسرح وماذا أعطاها هو؟
أذرفت صونيا الدموع وهي تستمع إلى الزروالي بعد عديد الكلمات والشهادات، فتوقفت عن الكلام، واخرطت في لحظة صمت وبكاء لفترة، قبل أن تتفجر تصفيقات الحاضرين من المثقفين والمؤلفين والمخرجين والممثلين بعد جوابها المختصر الذكي المقنع.
المسرح، أعطيته كل شيء وأعطاني الحرية، جواب كان يخفي ويكشف بالأحرى، على أن, إحساس المرأة مرهف، وأنها تؤمن بأن المسرح عمل شاق وغير مربح ماديا، لكنه يستحق كل تضحيات النساء المسرحيات، في سبيل الحرية التي حصلت عليها بعد تمرد ونضال داخل المجتمع وقبل ذلك، داخل الأسرة التي قاطعتها لعشرين سنة في سبيل المسرح، قبل المصالحة الكبرى على حد تعبير سكينة في ندوة عقدت منتصف ليلة السبت/الأحد ضمن فعاليات مهرجان الشارقة في دورته السادسة والعشرين في الإمارات العربية المتحدة، والذي يمتد ما بين الثامن عشر والسابع والعشرين من مارس الحالي.
ولأن هذه القامة المسرحية العربية تحدت من أجل المسرح، وعايشت محاولات الإرهاب والتطرف لإسكات المسرح في الجزائر خلال سنوات تسعينيات القرن الماضي، التي أربكت المشهد الفني في البلاد باغتيال أسماء فنية وسياسية، فإن الكثير من النقاد والمثقفين والفنانين يعتبرونها جناحا مقويا لرجال المسرح العربي، إضافة إلى أسماء قوية ولامعة منها نساء عربيات مسلمات ظهرن في مسرحيات منذ العام 1889 بحسب متخصصين، ومنها من ستظل في مقدمة تاريخ نساء المسرح كالفنانة فاطمة رشدي باعتبارها أول مخرجة عربية في مجال المسرح.
يطول الكلام وتتغذى الرغبة في سبر أغوار هذا الملف، فالمرأة مصدر إلهام بالنسبة لشقيقها الرجل على خشبة المسرح وخلفها بحسب فنانين حضروا ندوة تجربة المرأة في الإخراج المسرحي عربيا، وعندما تغيب المرأة فلن يتمكن المسرح السير برِجل واحدة من وجهة نظر البعض الآخر.
غير أن تجربة فريدة في مسرح المرأة في الجزائر، عبارة عن مهرجان في الفترة الأخيرة كان يجد صعوبة في توفر شرط وجود امرأة واحدة على الأقل، في العمل المسرحي من أجل قبوله مشاركته، حتى أنه اكتفى بخمسة عروض خلال بداياته قبل سنوات من الآن، وهو وضع يسير نحو التحسن على ما يبدو خلال السنتين الأخيرتين.
مبرر وسبب ذلك واقعيا، أن المرأة كانت تجد صعوبة ونظرة مجمعية سيئة، في كل الدول العربية بدون استثناء، في ولوج المسرح، قبل أن يتحول مصدر الصعوبة أساسا وهو الأسرة، إلى مشجع وسند للفتيات لدراسة الفنون وخاصة المسرح في الوقت الحالي.
وبعد فترة اضطرار الرجال إلى أداء أدوار نسائية، اقتصر وجود المرأة في المسرح عربيا، ولمدة ليست بالقصيرة، على التمثيل قبل أن تتفتح زهرات طبيعية في مجال الإخراج، متحدية قساوة الطبيعة (التقاليد) والتضاريس (المحيط) في العالم العربي.
ورغم هذا الظهور والنضال الطويل بالنسبة لبعض المخرجات، ومن بينهم صونيا التي أكدت هي وأعمالها، أنها نجحت بإحساسها وتجربتها، فإن نساء الثقافة والمسرح يعتبرن أن المجتمع لا يزال ينظر إلى “الإخراج النسائي” نظرة دونية، وهو ما يدفع المخرجة والممثلة صونيا إلى دعوة الشابات اللواتي اخترن هذا المجال، إلى بالدراسة العميقة لهذا التخصص أو دخوله بعد تجربة مهمة في مجال التمثيل كما هو الحال بالنسبة لتجربتها الغنية بالحكايات والتجارب والخلاصات المفعمة بحب الفن وفن الحب.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.