مقال/ منى فتحي حامد _ مصر
قيمة الإنسان فيما أنتج وأبدع وقدم للناس وليست قيمته فيما يحمل من شهادات علمية فقط…
نلاحظ بعض أساتذة الجامعة الذين يدرسون الأدب العربي أنهم نصبوا أنفسهم أوصياء على هذا الأدب، فاحتكروه دون غيرهم وليس لغيرهم المرور به أبدا والذي يعد ملكيةً عامةً لنا جميعًا، فالأدب وعلومه ليسوا حكراً على أحد بعينه أو بحكم عمله فالأدب بحر ينهل منه الجميع وللأسف البعض يظنون أن ما درسوه ملكية لهم وميراث لا يجوز لغيرهم.
كم وصف الجاحظ شعراء العامية أنهم عديمي اﻷهلية ﻻ يمكن أن يجئ من أحد يعرف الفصحي وظلها الذي لا يفارقها في الظلام او النور، هذا اﻹنكار جهل بمجمل اﻵداب والفنون ..
في مقولته:
والمعاني مطروحة في الطريق، يعرفها العجمي والعربي، البدوي والقروي، وإنما الشأن في إقامة الوزن وتخيّر اللفظ .
الشعر والأدب لكل ذي موهبة وليس حكرا على الأكاديميين أو غيرهم، و الشاعر موهبته ودراسته العملية ومفهومه وتجربته ليسوا محل نقاش. دام الإبداع والعطاء والتألق
يعتبر الشعر العامي أقرب إلى نفس المتلقي وروحه من الشعر الفصيح في كثير من البلدان خصوصا في مصر والعراق وتونس إلى حد كبير، لكننا نرى كل الذين يهاجمون شعر العامية والشعر الحر والنثر و هُم قلة لن يضيفوا شيئا، بل كلها جُمل محفوظة يتم ترديدها من حين لآخر ، و لم نرى أحداً من هؤلاء موضوعيا في كلامه ولا مُبدعا في نقده، كل ما نشاهده هو الهجوم فقط ولا جديد عندهم، لذلك يجب على الناقد أن يُمتع القارئ بنقده مثل المبدع تماما ليكون هناك شيء من التكامل ..
شعراء العامية ذوي ثقافة راسخة ومعرفة عميقة بتراث الشعر العربي وحاضره، فالشعر الجاهلي كان شعر عامي بلغة عصره و يعتبر الشعر الفصحى أو العامي وجهان لعملة واحدة ربما يكتب الفصحى نظما وليس بشاعر، لكن العبرة في مغزي ووصول الكلمة لعقل وقلب المتلقي هذا هو الفيصل والسعي للمعرفة حبا وليس إجبارا هو الأفضل..
قد يكون تعميم الأستاذ الأكاديمي بوصف شعراء العامية بأنهم عديمو الأهلية بعيدا عن الصواب، فعدم الأهلية قد تنطبق أيضا على كثير من شعراء الفصحى وقد ينطبق أيضا على بعض الأكاديميين إذا تحدثوا في موضوعات ثقافية عامة خارج حدود محاضراتهم في مناهجهم، وفي الأحوال كلها تكون الأحكام العامة واقعة في الخطأ، من بعد ذلك لو عرف الاستاذ الأكاديمي حق المعرفة لتغير رأيه كثيرا وأدرك أن من الشعراء من هم لديهم العلم والثقافة والدقة البحثية ..
________________
