الناقد والأكاديمي والباحث المغربي الدكتور محمد الداهي يساهم بشهادته في الكتاب الجماعي الذي صدر مؤخراً في تونس، تقديراً لجهود الباحث الرصين، والأستاذ الجامعي التونسي الدكتور توفيق بن عامر.
الشهادة تنويهاً بجليل خصال المحتفى به، ورائع أعماله العلمية، واعتزازاً بالصداقة الموطدة بين القامتين. فيما يلي نص الشهادة:
للصداقة مذاقٌ ألذ من السكر
يغمرني اعتزاز فائق بتقديم شهادة في حق الصديق العزيز والباحث الرصين توفيق بن عامر، متمنيا أن تكون بوحا بما أكنه له من عرفان عميق وتقدير كبير بما له من محبة خالصة في طويتي. وعلى مدى الفترة التي جمعتني به (ما يربو على عقد ونصف من الزمن) لمست كريم فضائله، ورائق مزاجه، وغزير علمه، وكبير تواضعه، وفائق أناته وتثبُّته، وغيرها من صادق الخلال وصالح الأعمال. أقترح لهذه الشهادة عنوانا دالا وموحيا لإبراز حجم المحبة والتقدير اللذين أكنهما له من جهة، ومكافأته بضعف صنيعه من جهة ثانية. أستحضر- في هذا الصدد- أول لقاء تم بيننا في تونس عام 24 نوفمير 2006 بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية. قدمت من قمرت (منطقة في الشمال الشرقي لتونس العاصمة) حيث كنت أقيم في فندق كورنثيا لزيارة صديقي سعيد يقطين الذي حل ضيفا على الكلية في مهمة علمية. وبينما كنا في استراحة لشرب القهوة، قدمت لتوفيق سكرية لأخذ مقادير السكر التي تناسبه، فحياني قائلا ” أنت أحلى من السكر”. ظلت العبارة راسخة في ذهني لأنها صادرة عن قلب كبير وصدوق.
يصعب علي أن استرجع تفاصيل ما عاينته وما دار بيننا طوال العشرة والصحبة، ولذا آثرتُ أن أركز على محطات بعينها لعلها تسعفني على استجماع شتات الذكريات التي تقاسمتها معه في صفائها ونضارتها، وتقديم صورة عنه كما ارتسمت في ذهني، واستقرت في وجداني.
1-الكويت منبت المحبة المستديمة
شاءت الصدف أن ألتقي بتوفيق بن عامر في مؤتمر الكويت الدولي لتحليل الخطاب من 26 إلى 28 مارس 2005. غمرني وقتئذ ابتهاج صادق لتعرفي إلى شخصه الكريم ضمن صفوة من المشاركين الأجلاء. قد تعشق الأذن قبل العين أحيانا، فاسمه كان يتردد بين رفاقي في الباكلوريا عام 1980 بثانوية مولاي رشيد في مدينة تزنيت، لفائق اجتهاده وعزيز اطلاعه على الفكر الإسلامي الذي كان يمثل جزءا من مقرر مادة الفلسفة. ومن بين دراساته التي كنا نتداولها فيما بيننا لعلاقتها بأحد محاور المقرر ” الجبرية والقدرية” أذكر على وجه الخصوص ” الصوفية والعقيدة”، والتي سبق له أن نشرها في مجلة ” حوليات الجامعة التونسية” (العدد18، 1980).
ما كان يشغلنا عندئذ هو تعرُّف موقف المتصوفة من العقيدتين المتناقضتين. تبنوا في صدر الإسلام القدرية لأن الله وهب الإنسان العقل ليتدبر أموره ويتحمل مسؤوليته في التمييز بين ال
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.