هذا موضوع تنوء تحت ثقله الجبال..أريد، في صبيحة هذا العيد، أن أطرق بابه عساه يرحب بي فيروق مزاجي وتجود قريحتي بأنسب التعابير والكلمات لأقدم للأصدقاء عصارة أفكاري وتجاربي في شأن موضوع كهذا. لن أنطلق سوى مما عايشته وله علاقة بموضوعنا. هكذا يمكن لي أن أتحدث عن كيف يتجسد التحكم في إسناد منصب مدير مدرسة ابتدائية..فيما مضى، كانت هذه المهمة تسند الى بعض المعلمين بتسهيلات وتفضيلات وبشروط من أهمها ثقافة “ادهن السير يسير” وظهور سمات الإدعان للشكليات والتعليمات التي تظل حبرا على ورق. في هذه المرحلة، تمت التضحية بشرط إتقان اللغتين اللتين يتم بهما التدريس في المدرسة الابتدائية، فكنت تجد “مديرا” لا هو يعرف العربية ولا هو ملم بالحد الأدنى من الفرنسية.. في السنة الثانية من مشواري المهني، زارني المدير المجلبب والذي كان في الأصل فقيه صبيان في المسيد بضواحي زاكورة..أراد أن يحصي الطاولات المتواجدة بحجرة الدرس التي كنت أعمل بها..عندما انتهى من العد، كتب على ورقة “عددهم 18..” لم أتدخل لتصحيح الخطأ معتبرا أن المدير تراءت له الطاولات على أنها وحوش أو ربما خاطبته بهمس لم يدركه إلا هو فخالها كائنات حية.. في أيامنا هاته، تغول التحكم الإداري النيابي أو المندوبي في إسناد هذه المهمة.بعد الانتهاء من تقديم الملف من قبل الراغبين في تقلد منصب مدير مِسسة تعليمية ابتدائية، تظهر في موقع الوزارة على النيت لوائح الانتقاء الأولي المتضمنة لأسماء المسموح لهم بإجراء مقابلة أمام لجنة نيابية قد يرأسها نائب أو رئيس مصلحة ويتماختيار باقي أعضائها من رؤساء المصالح الأخرى ومن المديرين والمفتشين..يجلس المترشح أمام اللجنة ويقدم مشروعه ورؤيته للمهام المنوطة بمدير مؤسسة تعليمية ابتدائية عمومية إلى جانب نهج سيرته. بعد ذلك، يطلب منه الإجابة عن أسئلة هي بمثابة فخاخ لكنها لا تنطلي على المشاركين في هذه المنافسة ممن ينتمون إلى النيابة المنظمة للمقابلة بحكم علاقة الألفة والقرب التي تربطهم بطارح السؤال المصيدة.. “زغبني الله” عندما أرادت أن أشارك في لعبة التحكم هاته وحظيت بفرصة التباري أمام لجنة بإحدى النيابات البعيدة عن عشي العائلي ببوزنيقة..في أول الأمر وقبل شد الرحال، اتصلت بالنيابة لتسلم دعوة المشاركة التي وصلت عبر الفاكس من النيابة الأخرى..سلمني المسؤول الورقة وقال لي: أنصحك بالالتحاق بفلان لأن أخاه مسؤول في النيابة التي أنت ذاهب إليها. ثم أبدى استعداده ليزودني برقم هاتف المعلم المترشح مثلي والذي يفوقني حظا للفوز بمنصب مدير بحكم امتطائه على صحوة المحسوبية..لم أبد اهتماما بما قاله الموظف وعلقت على الموقف بتساؤل جهرت به في حضرته: واش هاد الشي ما غاديش يسالي في المغرب؟ أجابني الموظف بمكر: سر حتى تولي مدير وحايدو..ابتسمت ثم قلت: هذاغير ممكن بتاتا..
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.