علاقة فرنسا والجزائر عالقة في مستنقع رغم تفاهم ماكرون وتبّون

voltus10 أبريل 2021آخر تحديث :
علاقة فرنسا والجزائر عالقة في مستنقع رغم تفاهم ماكرون وتبّون

 

الجزائر عالقة في مستنقع”، قالت صحيفة لوفيغارو الفرنسية إن تأجيل الزيارة التي كان يفترض أن يقوم بها رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس غدا الأحد – بمناسبة الدورة الخامسة للجنة الحكومية الفرنسية الجزائرية رفيعة المستوى (CIHN) – تشهد على وجود مناخ سلبي، على الرغم من التفاهم بين رئيسي البلدين إيمانويل ماكرون وعبد المجيد تبّون.

”لوفيغارو” أشارت إلى أن بيان رئاسة الحكومة الفرنسية أكد أن قرار تأجيل زيارة جان كاستيكس إلى الجزائر تم اتخاذه رسميا “بالاتفاق المتبادل بين السلطات الجزائرية والفرنسية” نظرا “للسياق الصحي” الذي ما زالت تفرضه جائحة كوفيد تسعة عشر. لكن تلفزيون ”النهار” الجزائري الخاص، أعطى منذ منتصف الظهيرة رواية مختلفة تماما للقصة: “الزيارة تأجلت بطلب من الجانب الجزائري، بسبب تحفظاته على مستوى الوفد الذي لا يتوافق مع أهمية الحدث”.

أما “لوفيغارو” فتقول إن مصدرا جزائريا، وصفته بالمطلع على الملف، أكد لها الرواية التالية: “ماتينيون (ويعني مبنى رئاسة الحكومة الفرنسية) قدّر بشكل سيئ أهمية هذا الاجتماع، لأن جميع الوزراء المعنيين بالملفات كانوا ضروريين للارتقاء بمستوى العلاقة بين الرئيسين الجزائري والفرنسي. فتردد بعض الوزراء، مثل وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير، الذي قيل إنه غير رأيه عدة مرات، وانتهى به الأمر إلى إثارة غضب الجزائر، التي شهدت تقلص الوفد يوما بعد يوم”.
كما تنقل الصحيفة الفرنسية عن رجل أعمال من الاتحاد الجزائري لأرباب العمل، توضيحه أنه “قيل لهم في منتصف الأسبوع إن وفد حركة الشركات الفرنسية أو جمعية أرباب العمل الفرنسية لن يشارك في أعمال الدورة الخامسة للجنة الحكومية الفرنسية الجزائرية رفيعة المستوى (CIHN) – وهي بمثابة قمة مصغرة بين وزراء البلدين، بدأت في عام 2012 من قبل الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا أولاند لدعم التعاون الثنائي. ويضيف رجل الأعمال الجزائري قائلا: “إنه لأمر مخز لأننا خططنا لعقد اجتماع مشترك… وبعد ذلك انخفض تدريجيا عدد الوزراء، الذي كان مقررا أن يصل إلى ثمانية وزراء”.

وتتابع “لوفيغارو” التوضيح أن مكتب رئيس الوزراء الفرنسي فُوجئ بردود الفعل وإعلانات التأجيل من الجانب الجزائري، ولم ترغب رئاسة الحكومة في الإدلاء بأي تعليقات أخرى، وظلت متمسكة بالبيان الصحافي الذي صدر مساء الخميس. لكن الصحيفة نقلت عن “صديق مقرب” من جان كاستيكس، قوله إنه “حتى آخر لحظة، ونظرا لإجراءات الكبح التي اتخذت في فرنسا لمكافحة التفشي المستمر لجائحة كوفيد تسعة عشر، لم نكن نعرف ما إذا كان من الممكن أن تتم الزيارة. لقد فعلنا كل ما في وسعنا للذهاب إلى الجزائر من خلال تقليص الوفد قدر الإمكان، الأمر الذي لم يرض الجزائريين”.

وفي الجزائر، توضح “لوفيغارو”، تلقى أولئك الذين اعتمدوا على هذه الجولة الثنائية الجديدة الخبر على “أنه ضربة في الرأس، خاصة وأن هذا التأجيل الجديد يتعارض تماما مع ديناميكيات الرئاسة”، كما يأسف مسؤول تنفيذي في الدولة الجزائرية، في إشارة منه إلى العلاقات الجيدة بين إيمانويل ماكرون وعبد المجيد تبون.

ومضت “لوفيغارو” إلى القول إن الأوساط الاقتصادية الفرنسية وكذلك في الشتات الجزائري في فرنسا، كما هو متوقع، ترى أن تأجيل زيارة رئيس الوزراء الفرنسي “خيبة أمل جديدة”، خاصة وأنه منذ عام 2017، لم تتقدم الأمور كثيرا… إذ أن اتفاقيات التعاون التي تم التوقيع عليها في 7 ديسمبر/كانون الأول عام 2017 في باريس بحضور رئيسي الوزراء السابقين في البلدين إدوار فيليب وأحمد أويحيى، لم ينجح منها إلا القليل جدا.

على الصعيد الاقتصادي، لم تتحقق سوى الشراكة الخاصة، خصوصا بين مجموعة الأدوية IPSEN وشركة Isly Holding الجزائرية من خلال إنتاج مجموعة أولى من الأدوية. يجري تنفيذ مشروع مصنع متخصص في علم الأورام ولكنه يعاني من تأخيرات تتعلق بتخصيص الأرض. والمشروع بين “سانوفي باستير” ومجموعة “صيدال” الجزائرية للإنتاج المحلي لثلاثة أجيال من اللقاحات الحديثة لم ير النور أبدا… كما أن مشروع “بيجو ستروين” لتطوير قطاع متميز في صناعة السيارات بالتوازي مع افتتاح مصنع PSA في وهران لم يشهد أي يتقدم.

ورغم كل ذلك، فإن البعض يرى أن العلاقة الاقتصادية بين فرنسا والجزائر “بصحة جيدة”. ففي مقابلة في مارس/آذار الماضي، أوضح السفير الفرنسي فرانسوا جوييت: “كانت فرنسا في عام 2019 الشريك التجاري الأول للجزائر، بحوالي عشرة مليارات دولار في التجارة، والوجهة الأولى للصادرات الجزائرية”. في عام 2020، تباطأت التجارة بشكل حاد بسبب الوضع الاقتصادي، لكن تجارتنا ما تزال مهمة للغاية”.

والمفارقة – تتابع “لوفيغارو- أنه على أعلى مستوى كل شيء يسير نحو الأفضل. يتحدث الرئيسان مع بعضهما البعض كثيرا ويتفاهمان بشكل جيد. من الواضح أن ماكرون يدعم تبون. “بل يمكننا حتى القول إن فرنسا أسقطت الحراك…”، كما يقول البعض. وقد أكد الاجتماع الذي نُظم هذا الأسبوع في الجزائر العاصمة بين رئيسي أركان القوات المسلحة، سعيد شنقريحة وفرانسوا لوكوانتر، أن التعاون الأمني ​​بين البلدين “جيد جدا” على الرغم من بعض التعليقات حول العلاقات مع الجهاديين في منطقة الساحل. أفضل من ذلك، ولأول مرة، طلب شنقريحة من الفرنسيين خرائط تبوغرافية لتحديد أماكن الدفن للنفايات الملوثة أو المشعة أو الكيميائية. ومع ذلك، فإن هذا الملف يعد واحدا من أكثر الملفات حساسية بين البلدين حتى اليوم”، كما تنقل الصحيفة عن مصدر أمني.

وبحسب أحد المحاورين الرئيسيين بين البلدين، كما تقدمه “لوفيغارو”، فإن “الواضح أن هناك، على رأس السلطة الجزائرية، خطا يدفع إلى التشويش على قنوات الاتصال الثنائية القائمة منذ سنوات. فكلما كانت الأمور جيدة على مستوى هرم السلطة، زادت ضراوة الهجمات ضد فرنسا في المستويات الوسطى”.

فيوم الخميس، وصف وزير العمل الجزائري الهاشمي جعبوب، فرنسا بأنها “العدو التقليدي الأبدي” للجزائريين. بشكل منتظم، يكون السفير الفرنسي هدفا لبث أخبار كاذبة في وسائل إعلام غير معروفة غالبا وتتحدث العربية في الغالب.

وتعددت الشعارات المناهضة لفرنسا يوم الجمعة وسط المتظاهرين. وترتبط هذه التوترات المتكررة بـ “جماعات الضغط التي تعمل ضد تفاهم ودي بين الجزائر وفرنسا في عمل يتمثل في إفشال أي جهد إنمائي بين البلدين”، بحسب تصريح السفير الجزائري في فرنسا عنتر داود، في مقابلة هذا الأسبوع على التلفزيون الحكومي الجزائري.


اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

الاخبار العاجلة

اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading