عام “البون” بقلم .. بديعة الراضي

voltus24 نوفمبر 2017Last Update :
عام “البون” بقلم .. بديعة الراضي

اسمح لي السيد وزير الداخلية أن أقول لك أن جوابك أول أمس بمجلس المستشارين عن الفريق الأشتراكي في السؤال الذي تقدم به رئيس الفريق محمد علمي حول فاجعة الصويرة لم يكن في مستوى تطلعاتنا ، وأنت تقر علانية أن الحكومة لا تفكر في منع أنشطة الإحسان العمومي وتوزيع المساعدات،وتشدد في جوابك أن الأمر يتعلق بمنظومة التضامن والتكافل، وأن الأمر موشوم على جبين المجتمع المغربي منذ القدم.
لا أريد السيد الوزير المحترم أن أقف عند ما أضفت إلى خروجك الغريب، من عبارات التأطير القانوني لأنشطة الإحسان في بلادنا، وأنت سيد العارفين سيدي الوزير ،من موقعك في وزارة تملك إدارة متوزعة على التراب الوطني، كيف أصبح الإحسان مدلة ، وقهرا، وإستعمالا بالفعل والقوة، فعل الزمن وقوة المال ، ذلك الذي تعرف جيدا مصادره، كما تعرف ممراته ، بل منطلقاته وأين يحط الرحال، في الجيوب، بل في الخزائن الحديدية التي تغطيها سجادة الصلاة -مع الأسف- والتي استعملت سبحتها لحساب حول ممرات البورصات إلى فضاءات الظلام الفعلي، ذلك الذي تغتصب فيه قضية مشروع بكامله.
اسمح السيد الوزير أن أقول لك أن جوابك المرتبك في الدفاع عن تكريس منظومة الإحسان، كان جد قاس، في دقة المرحلة، التي تقر فيها أعلى سلطة في بلادنا بالتوجه التنموي الجديد.
واسمح لي السيد الوزير أن أذكرك بخطاب الملك محمد السادس نصره الله، والذي قال فيه جلالته :”أن النموذج التنموي الوطني أصبح اليوم، غير قادر على الاستجابة للمطالب الملحة، والحاجيات المتزايدة للمواطنين، وغير قادر على الحد من الفوارق بين الفئات ومن التفاوتات المجالية ، وعلى تحقيق العدالة الاجتماعية.وفي هذا الصدد، ندعو الحكومة والبرلمان، ومختلف المؤسسات والهيئات المعنية ، كل في مجال اختصاصه ، لإعادة النظر في نموذجنا التنموي لمواكبة التطورات التي تعرفها البلاد.إننا نتطلع لبلورة رؤية مندمجة لهذا النموذج، كفيلة بإعطائه نفسا جديدا، وتجاوز العراقيل التي تعيق تطوره، ومعالجة نقط الضعف والاختلالات، التي أبانت عنها التجربة.”.
ولهذا السيد الوزير لم تدعو أعلى سلطة في بلادنا إلى تكريس هذه الأنماط الإحسانية الآتية من “عام البون ” ، تلك التي تريد اليوم السيد الوزير، دعوة نواب الأمة من أجل وضع مشاريع قوانين لتأطيرها، وتعلنها صراحة، أمام الرأي العام في جلسة منقولة على الهواء.
وصمة عار في جبيننا السيد الوزير، أن نزف للمغاربة اليوم ،خبر تشبتنا بلغة الفقيه الذي اغتصب نساء الدوار عندما ذهب أزواجهن لمواجهة المستعمر في تكنة المدينة،بل وجعلنا من الفقيه شريكا لحلولنا وقضايانا ، حتى اقتنعنا أن “التميمة” ستحل مشكل الصحراء المغربية، وأن حجابا في وجه أعدائنا سيحمي حدودنا من إدخال “القرقربي” إلى أبنائنا اللذين رفعوا السكين في وجوه آبائهم وأساتذتهم .
أعتذر السيد الوزير إن قلت لك أن جوابك أمام مجلس المستشرين سبح ضد ثيارنا في بناء المغرب الذي ينبغي أن يكون،يتمتع فيه المغاربة بالعدالة الاجتماعية والكرامة و الحقوق، وهم المغاربة الذين قال عنهم جلالة الملك:” المغاربة اليوم، يريدون لأبنائهم تعليما جيدا، لا يقتصر على الكتابة والقراءة فقط ، وإنما يضمن لهم الانخراط في عالم المعرفة والتواصل ، والولوج والاندماج في سوق الشغل ، ويساهم في الارتقاء الفردي والجماعي، بدل تخريج فئات عريضة من المعطلين،وهم يحتاجون أيضا إلى قضاء منصف وفعال، وإلى إدارة ناجعة، تكون في خدمتهم ، وخدمة الصالح العام، وتحفز على الاستثمار، وتدفع بالتنمية، بعيدا عن كل أشكال الزبونية والرشوة والفساد.”
أليس من المحسوبية السيد الوزير أن نصمت على إجرام كبير يتحمل فيه منسق السلطات في الإقليم المسؤولية الأولى ، أليس من الزبونية أن نترك صاحب الجرم الكبير موزع الفتاوى المدسوسة في الرغيف، يطل علينا من مواقع تواصلية يعطي الدروس للحكومة والشعب، وكأن هناك تبادل للأدوار بين الفقيه ورجل السلطة الذي أدى القسم لحماية التراب من أي منزلق يهدد بلادنا.
أدعوك السيد الوزير للتراجع على ما أقدمت عليه أول أمس بقبة البرلمان، وأن تأتي مرة أخرى متأبطا خطاب الملك الشاب في دورة أكتوبر بإفتتاح الدورة التشريعية الحالية، وتقول للمغاربة في إعادة نص الخطاب:
إذا كان المغرب قد حقق تقدما ملموسا، يشهد به العالم، إلا أن النموذج التنموي الوطني أصبح اليوم، غير قادر على الاستجابة للمطالب الملحة، والحاجيات المتزايدة للمواطنين، وغير قادر على الحد من الفوارق بين الفئات ومن التفاوتات المجالية ، وعلى تحقيق العدالة الاجتماعية.وفي هذا الصدد، ندعو الحكومة والبرلمان، ومختلف المؤسسات والهيئات المعنية ، كل في مجال اختصاصه ، لإعادة النظر في نموذجنا التنموي لمواكبة التطورات التي تعرفها البلاد.إننا نتطلع لبلورة رؤية مندمجة لهذا النموذج، كفيلة بإعطائه نفسا جديدا، وتجاوز العراقيل التي تعيق تطوره، ومعالجة نقط الضعف والاختلالات، التي أبانت عنها التجربة.وسيرا على المقاربة التشاركية، التي نعتمدها في القضايا الكبرى، كمراجعة الدستور، والجهوية الموسعة…”

بقلم .. بديعة الراضي


اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Breaking News

اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading