يبدو أن النائب البرلماني الموريتاني وعمدة نواذيبو السابق القاسم ولد بلالي بات يفضل تقويض مواطنته وثقة ناخبيه بالعمل على مسارين، أحدهما محاولة تعطيل عمل المجلس البلدي في العاصمة الاقتصادية من خلال رفض حضوره ومستشاريه لجلسات المجلس التي يترتب عليها وضع الخطط التنموية للمدينة التي أصبحت منطقة حرة تحتاج نشاطا بلديا استثنائيا، وثانيهما الانصراف عن طرح هموم ومشاكل ناخبيه في ولاية داخلت نواذيبو ليتفرغ لطرح هموم ومشاكل قادة الانفصال المغاربة في تيندوف ومن ورائهم جنرالات الجزائر المغتصبين للسلطة، والجاهرين بالعداوة للجارة الغربية المغرب.
لقد كثف ولد بلالي، خلال الآونة الأخيرة، من إعرابه لوسائل الإعلام الموريتانية عن استعداده لإجراء مقابلات معه، يغيب عنها الشأن المحلي، ويحوز فيها الدفاع عن الجزائر والهجوم على المغرب نصيب الأسد، حتى أن معظم الصحفيين أصبح يتحاشى الرد على مكالماته التي لا تنقطع إلا لتبدأ.
واستجابة لتلك الضغوط المتكررة، استجابت قناة “الساحل” الفضائية لطلب نائب الرابوني في البرلمان الموريتاني، كما يصف بعض الصحفيين القاسم ولد بلالي، وأجرت معه مقابلة لم نسمع فيها إبلاغا لصوت من وضعوا ثقتهم فيه، ولا انحيازا للوطن الذي يحمل جنسيته وجواز سفره، ولا رأيا في الأزمة السياسية التي يتخبط فيها “بلده”، وإنما انتهز الضيف فرصة المقابلة لكيل الشتائم للمملكة المغربية، وقرض المديح للنظام الجزائري وقادة الانفصال في مخيمات تيندوف.
بعض المراقبين يرى في الهجمة الإعلامية الجديدة للقاسم ولد بلالي محاولة لأن يصبح الصوت الإعلامي البديل لجبهة “البوليساريو” بعد إقدام رؤساء التحرير في إذاعة الانفصاليين على تقديم استقالة جماعية بحر الأسبوع المنصرم، إذ أن التكتيك يقتضي تفجير قنبلة صوتية في موريتانية لشغل الرأي العام عن تداعيات الاستقالة، ولمنح الوقت الكافي لإعادة ترتيب بوق الانفصاليين الإعلامية وإن بأشخاص قليلي الخبرة وعديمي الكفاءة، وفاقدي القناعة بمشروع الدولة الوهمية.
فاستقالة رؤساء التحرير جاءت على خلفية وصول الأوضاع هناك درجة من التهميش وعدم إصغاء القيادة للمعنيين، عندما تهاوى اعلام الجبهة منذ الإحالات الجماعية التي طالت كل من سلامة الناجم ، والبشير محمد لحسن ، وعدد من الصحفيين الذين راكموا تجربة عبر سنوات من العمل في ظل ظروف صعبة يعرفها القاصي والداني.
لقد شهدت إذاعة الانفصاليين نزيفا خطيرا لكوادرها مما لم يبقها تشكل رأس الحربة في تلفيق الاتهامات والدفاع عن الباطل نتيجة الاهمال وعدم تقدير مجهودات العاملين بها.
وتعتبر استقالة رؤساء التحرير بإذاعة البوليساريو دفعة واحدة سابقة ورسالة تطرح الكثير من علامات الاستفهام عن الحالة الحقيقية التي تعيشها الجبهة، منذو وقت ليس بالقصير.
فهل ستنجح الحملات الدعائية للقاسم ولد بلالي فيما فشلت فيه إذاعة تيندوف عبر عقود من التضليل الممنهج والمحمي من قبل الجزائر وبعض الأنظمة الديكتاورية التي دفعت بشعوبها إلى اجتثاث عروشها وقتل قادتها في وضح النهار؟
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.