ينظر المصور في أغلب أنحاء العالم لحياة الشارع بالكثير من التوجّس والحذر ! فنبض حياة الشوارع حالة خاصة جداً مرتبطة بثقافة البلد وحضارتها وفكر أهلها بشكل عام، ثم تأتي العادات والتقاليد الخاصة بتلك المدينة أو تلك المنطقة من المدينة بالتحديد لتنعكس على السلوك اليومي للشارع ومستخدميه ومن يقضون معظم أوقاتهم فيه أو من يعبرون منه صباح مساء.
الشوارع تعجّ بالقصص النائمة على جنباتها وأرصفتها وأسطحها والنوافذ المتلصّصة على الواقفين والمارّين، لكل مكوّن من مكونات الشارع رواية طويلة ذات فصولٍ متشعّبة، ولها ارتباطاتها الوثيقة بالمكوّنات الأخرى للشارع ولكل المناطق المحيطة، أيضاً ثمّة روابط عجيبة تربط القاطنين في نفس الشارع منذ أعوام يستحيل أن تُقارن بصرياً بأية روابط أخرى !
من أولى المهارات التي يجب على مصوّر الشارع اكتسابها وممارستها هي مهارة الاقتراب، مصور الشارع يجب أن يجيد الاقتراب من أهدافه كي يلتقط تفاصيلها بوضوح. وإذا كان هذا الهدف هو “أشخاص” فالمهمة أصعب، سيكون عليه أن يكون ماهراً في التواصل مع الآخرين، إذ أن من أصول حياة الشارع التعايش مع أهله وسكّانه، وكسب ودّهم وتعاطفهم، وتبادل الأحاديث المناسبة لفكرهم واهتماماتهم ومستواهم التعليمي كي يشعروا بالأمان والاطمئنان، والذي يعزّزه حديث المصور عن عمله وعن الأماكن التي قام بتصويرها والصور التي تم نشرها، ومشاركتهم أفكاره عن الصور التي سيلتقطها لهم وأهدافه من ذلك وعن الخطوات التي ستلي ذلك من حيث نشر الصور أو غير ذلك، بعد هذا كله يجب أن يطلب منهم الإذن بالتصوير وإذا لم يحصل عليه فعليه الانسحاب بكل هدوء وسعة صدر.
مصور الشارع عليه واجبات معرفية عديدة إذ يجب عليه أن يكون ملمّاً بالتشريعات القانونية والأعراف الشعبية الخاصة بالخصوصية في المنطقة التي يقوم بالتصوير بها تفادياً لخرق القانون أو خرق العرف وبالتعالي التعرّض لإشكالاتٍ مع السكان. أيضاً على مصور الشارع أن يتحلّى بالجرأة الكافية لتنفيذ أفكاره على مرأى من الناس الذين قد يعبّرون عن استغرابهم أو استنكارهم أو أية ردود أفعالٍ سلبية تجاه طريقته في التقاط الصور، هنا لقوة الشخصية دور كبير في التعامل مع هذه المواقف وربما تطويع الموجودين لخدمة تلك الأفكار بطرق وديةٍ قد يشوبها بعض المرح لكسر الحاجز الاجتماعي وخلق حالة من التعايش وتقليص التوتر إلى أقصى حد.
متابعة :مونية ك
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.